الجامعات الخاصة وطلابها في “قلب” الأزمة

احمد ترو
احمد ترو

عام دراسي جديد سيكون وقعه بركانياً على الجامعات اللبنانية الخاصة وعلى طلابها، فبعض الجامعات رفعت أقساطها نتيجة الأوضاع الاقتصاية التي عصفت بالبلد، وبعضها الآخر استطاع الصمود وأبقى تسديد الأقساط على سعر صرف الدولار 1500 ليرة. لكن المشكلة تخطت حدود الأقساط بالنسبة للطالب اللبناني، فكلفة المواصلات تحلق، والكتب والقرطاسية تباع في المكتبات حسب سعر الدولار في السوق السوداء، إلى كلفة الطعام التي باتت باهظة جداً.

فمن أين سيؤمن معيل العائلة تلك المصاريف؟ وفي حال أراد الطالب مساندة أهله عبر تسديد أقساطه الجامعية فلن يتمكن من تخفيف الأعباء. وبات الجهاد لتحصيل العلم أمراً مضنياً للغاية.

معوض: الجامعة تعاني

تقول مديرة مكتب الإعلام في جامعة الروح القدس – الكسليك غادة معوض، لموقع “لبنان الكبير”، عن تحضيرات الجامعة لمواجهة العام الدراسي الجديد: “تحسّسًا من الجامعة بالأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها معظم اللبنانيين والتي تحول دون إكمال الطلاب تعليمهم، وانطلاقًا من رسالتها التربوية الإنسانية، اتخذت إدارة جامعة الروح القدس – الكسليك قرارًا يقضي بإبقاء تسديد الأقساط على سعر صرف الدولار الرسمي أي 1515 ليرة لبنانية. بهذه الخطوة، استطاعت الجامعة أن تساعد طلابها على متابعة تحصيلهم الجامعي، إيمانًا منها بأهمية العلم كحجر أساس في بناء المجتمعات وتطوّرها”.

وتضيف: “لا بد من الإشارة إلى أنه بسبب التزام الجامعة بالسعر الرسمي تلقت العديد من المساعدات. ومن خلالها، استطاعت أن توائم بين ما تحصل عليه من أقساط على السعر الرسمي ومدفوعاتها وفقًا لسعر الصرف في السوق السوداء. كما استطاعت أيضًا زيادة رواتب أساتذتها وموظّفيها، بفضل الأيادي البيضاء الداعمة”. وتتابع: “بسبب هذا القرار الذي اتخذته الجامعة فيما يخص تسديد القسط وقفًا لسعر الصرف الرسمي لم تنخفض نسبة الطلاب الجدد، لكنها على العكس شهدت إقبالًا، ما جعلها تمدد فترة القبول والتسجيل وتُجري امتحانات جديدة”.

وتوضح معوض: “جرّاء هذه الأزمة، تعاني الجامعة كسائر الجامعات الأخرى من مشاكل عدة، أبرزها سعر الصرف في السوق السوداء، تأمين المحروقات، هجرة الموظفين والأساتذة، غير أنها ما زالت حتى الآن مستمرة بفضل المساعدات المذكورة سابقًا، وبفضل استراتيجية وضعتها إدارتها بهدف ضمان استمرارية البقاء، إلى جانب المحافظة على جودة التعليم فيها”.

وفي ما يخص نظام الدراسة الذي ستتبعه الجامعة، توضح معوض: “بسبب النقص في المحروقات، سيكون التعليم خلال شهر أيلول “أونلاين”، كما ستتابع الجامعة القرارات التي سيتخذها وزير التربية والتعليم العالي في هذا الشأن، وبعد ذلك سيبنى على الشيء مقتضاه. وحتى الآن ما زالت تعتمد نظام التعليم عن بعد، ما يحدّ من حضور الأساتذة والطلاب، إلى المناوبة في حضور الموظفين إلى حرم الجامعة”.

الخوف من عدم سداد المنح

نسرين طالبة في جامعة بيروت العربية، وعمرها لا يتجاوز الـ19 ربيعاً، وتحمل على كاهلها مسؤولية الحفاظ على المركز الأول في دفعتها لكي تنال منحة دراسية تعفيها من معظم قسطها الجامعي. كما تخشى من عدم قدرة الجامعة على سداد المنح بسبب الظروف القاهرة التي تمر بها. وتقول نسرين: “جامعة بيروت العربية من الجامعات التي أعطت فرصة لتلامذتها في ما يخص القسط، في حين أن معظم الجامعات رفعت أقساطها، لكن هذا العام رفعت “العربية” أقساطها. هذا يعني أن اختصاصي بات يكلفني ضعفي قسطي السابق، في حين راتب والدي ما زال على الدولار 1500 ليرة، ولا يوجد أي تسهيلات في هذا الأمر، على هذه الحال لا اعلم إذا كنت قادرة على الاستمرار في دراستي. أفكر بالتوقف عن الدراسة لمدة سنة لكي أعمل وأسدّد هذا العجز وأؤمن قسط الجامعة، هل يعقل هذا؟”.

إقرأ أيضاً: التعليم ضحية البنزين

مستقبل مجهول

وتقول نهاد أم الطالبة ريان: “بالعلم نبني المستقبل، لكن العلم بات صعب المنال في ظل هذه الأوضاع الفتاكة، إبنتي تتخصص في مجال الصيدلة. سابقاً كان قسطها الجامعي 15 مليوناً في السنة وبالكاد كنا نستطيع تأمين هذا المبلغ، أما الآن فارتفع القسط إلى 39 مليوناً. بالتأكيد سأضطر لتوقيفها عن الدراسة إلى حين استقرار الوضع. فمن الصعب جداً أن ترى مستقبل إبنتك يتلاشى أمامك وأنت غير قادر إلا على البكاء”. وتضيف: “الأقساط ترتفع وحجم الاستفادة ينخفض نتيجة الدراسة عن بعد، فالدراسة عبر “يوتيوب” توازي دراسة الجامعة عن بعد، لكن الشهادة هي الفارق الوحيد بينهما. وعلى الرغم من أنني أنتقد الدراسة عن بعد إلا أنني أجدها أنسب من التعليم الحضوري وسط هذه الأوضاع”.

وتختم: “البلد على كف عفريت، ولم نعد نشعر فيه بالأمن والأمان، وترتفع وتيرة مخاوفنا على مستقبل ابنائنا ثانية تلو الأخرى”.

شارك المقال