آلية لتعبئة البنزين.. و”البون” بـ100 ألف!

راما الجراح

بعدما أصبحت محطات الوقود المكان الجامع لجميع اللبنانيين باختلاف انتماءاتهم، وتحولت إلى ساحات للصراع ومسارح للجرائم بين الحين والآخر. وبعدما انتقلت أماكن نوم المواطنين من سقف و٤ حيطان إلى سقف و٤ أبواب وإلاّ “بتروح عليهم”، قرر عدد من البلديات اتّباع استراتيجية جديدة تقوم على تنظيم حركة الناس أمام محطات الوقود لتعبئة سياراتهم.

الخطوة حملت في طيّاتها انتقادات كبيرة من جهة وكانت إيجابية في مناطق عدة من جهة أخرى، وذلك حسب عدد من سكان المناطق التي تحتوي على محطة وقود وموقعها بالنسبة للقرى المجاورة لها.

الآلية إيجابية والطوابير “خفّت”!

بالإضافة إلى البلديات، عمدت أيضاً عدة محطات وقود لتنظيم عملية التعبئة لديها واتباع آلية خاصة تُمكنها من ضبط الأوضاع والتخفيف من حجم الطوابير أمام المحطة. ويؤكد عيسى الجراح، إبن صاحب محطة البسام في منطقة البقاع الغربي، أن “ما قمنا به هي مبادرة شخصية بعد طلب من البلدية اتخاذ تدابير سريعة للتخفيف من الازدحام الذي تتسبب به طوابير المحطة المتواجدة على الطريق العام للمرج، فبدأنا التنظيم من خلال تقسيم أيام الأسبوع بين اللبنانيين والسوريين على أن يحظى إبن البلد بالأولوية لتسيير أشغاله والتخفيف من السيارات المتوقفة بعرض الطريق والتي تسبب أغلب الأحيان إقفاله لفترات طويلة خلال النهار، ومن ثم اتبعنا آلية “البون” والذي تبلغ قيمته ١٠٠ ألف ليرة لبنانية للجميع من دون استثناء”.

ويضيف: “أعلنا هذه الآلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر يافطات قمنا بتعليقها أمام المحطة ليكون الجميع على عِلم وخبر بالموضوع، لأن أي شخص لا يملك “بوناً” ممنوع تعبئة الوقود له بأي شكل! النتيجة إيجابية حتى اليوم، على الرغم من امتعاض بعض الأشخاص الذين يبيعون المحروقات في السوق السوداء لأن تعبئة الـ”١٠٠ ألف ليرة” ليست لمصلحتهم بسبب اعتمادهم تسعيرة الغالون بمبلغ يفوق الـ٢٥٠ ألفاً، لكن بهذه الطريقة لم نعد نرى طوابير طويلة وبالأخص بعد تحديدنا موعد التعبئة يومياً بين الساعة السادسة والثامنة مساءً”.

الدولة فاشلة

ويؤكد رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين أن “هذه الآلية فاشلة ولا يمكن أن توصلنا إلى نتيجة مرضية، وحاولت مراراً إعتماد آلية معينة بالاتفاق مع أصحاب المحطات للتخفيف من طوابير المحروقات لكن من دون فائدة لأنني لا أستطيع إجبار الناس على الالتزام بتعبئة معينة تبلغ قيمتها ٨٠ ألفاً أو ١٠٠ ألف على سبيل المثال بعد انتظار طويل أمام المحطة، وبكل صراحة لم أستطع ضبط هذا الموضوع بسبب شدة الأزمة على المواطنين وغضبهم الكبير من سوء الأوضاع يوماً بعد يوم”.

ويرى أن “الدولة فشلت من الأساس في إدارة الأزمة وأن الكمية المطلوبة لكل الشعب اللبناني وللمصالح الخاصة والمصانع غير متوفرة، حتى الجيش وصل إلى مرحلة لم يستطع ضبط الناس أمام محطات المحروقات ويومياً تصلنا أخبار عن إشكالات أمام المحطات تتطور إلى استخدام للأسلحة الرشاشة والسبب سوء التنظيم. من هنا لا يستطيع ١٠ أشخاص من شرطة البلدية ضبط هذا الأمر في منطقتنا، والمطلوب من الدولة تأمين حاجات الناس من المحروقات للتخفيف من زحمة الطوابير في الطرقات أو رفع الدعم بشكل كامل للتخفيف من عملية التهريب والحد منها ونقطة عالسطر”!.

نسبة النجاح 50%

ويروي لنا رئيس بلدية زحلة المعلقة أسعد زغيب تفاصيل تجربته: “أي آلية تريد البلديات اتباعها في ما يخص أزمة المحروقات يجب أن تقوم على اتفاق مع أصحاب المحطات وإلا تعتبر فاشلة بسبب تفضيل زبائنهم على عامة الناس والحرص على إرضائهم ولو على حساب مَن ينتظر لساعات في الطابور ليصل دوره وهذا الأمر سيئ جداً، فلو يعمل صاحب المحطة حسب القانون وينظر إلى جميع الناس وكأنهم سواسية، ويبتعد عن أسلوب المناطقية في تعبئة البنزين لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم”.

إقرأ أيضاً: أزمة البنزين واذلال اللبنانيين مستمران

ويضيف: “لقد اتفقنا مع صاحب إحدى المحطات في منطقة زحلة على تنظيم عملية تعبئة الوقود بهدف التخفيف من عجقة السيارات في المدينة من خلال المضي بالدور والابتعاد عن المحسوبيات، وبالفعل في اليوم الأول استطعنا خلال ساعتين تعبئة بنزين لحوالي ٤٠٠ سيارة، لكن يوماً بعد يوم أصبح صاحب المحطة يمرر زبائنه أولاً وعادت الفوضى من جديد أمام المحطة وعلى الرغم من عدة محاولات معه لم نصل إلى نتيجة وقررنا كبلدية عدم التعاون معه بعد اليوم”.

ويختم زغيب أن “بلدية زحلة تعاونت مع محطة وقود جديدة لتنظيم التعبئة، ونسبة نجاح هذه الآلية هي ٥٠٪ حتى اليوم، وإذا كان هناك تعاون جدّي من أصحاب المحطات أتوقع أن تتبعها جميع بلديات لبنان نظراً لنتيجتها الإيجابية على المواطن والمنطقة”.

شارك المقال