“ضحايا الابتزاز”، بعضهم يذهب بصمت، والبعض الآخر تنشر قصته على سبيل الفضيحة. ليس تأييداً للأفعال التي يعتبرها المجتمع مشينة، بل للأخذ في الاعتبار أن هؤلاء ضحايا يجب احتضانهم في المرحلة الأولى بعيداً عن المثاليات، ولا تكون محاسبتهم على طريقة “غسل العار”، أو نبذهم من المجتمع، فكلنا بشر، وكلنا خطّاؤون.
انتشر صباح أمس خبر على أحد المواقع الاخبارية، حول إقدام أحد أفراد عائلة التيكتوكر الشهيرة (أ.ح) على قتلها تحت عنوان “جريمة شرف”، بعد إنتشار فيديو إباحي لها قبل أشهر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب مصادر مقربة من عائلة (أ.ح)، الفيديو انتشر بعد تعرضها للإبتزاز من شخص يقال انه اشترى منها المقطع المسجل مقابل 20 ألف دولار، ومن ثم عاد ليبتزها به بعد أن استرجع المبلغ الذي أعطاها اياه.
وقبل أشهر من انتشار خبر مقتل الفتاة (أ.ح) التي تبلغ من العمر 21 ربيعاً، نشر أحد أقاربها على الأرجح وثائق طبية تعود لها، وتفيد بأنها تعاني من اضطرابات نفسية وعقلية، ولهذا السبب أقدمت على ما أقدمت عليه، كما أكّد من خلال المنشور الذي نشره على “فيسبوك”، أنها على قيد الحياة، وفي عهدة والدها وهو يقوم بمعالجتها منذ 5 أشهر، وختم منشوره بـ “ليس على المريض حرج”.
موقع “لبنان الكبير”، تواصل مع أحد مختاري بلدة الضحية المفترضة، الذي أكّد أن الخبر عارٍ من الصحة ولا أساس له، ولو كان فعلاً حصل ذلك، “لكانت الضيعة انطبلت”، على حدّ تعبيره، مشيراً إلى أن عائلة الفتاة تسكن في مدينة بيروت منذ زمن، وتحديداً في منطقة حي السلم.
ومن أجل التحقق من الروايتين، تواصل موقع “لبنان الكبير” مع مصدر أمني أكّد أن الفتاة على قيد الحياة، وتم التواصل معها أمس فور انتشار الخبر، موضحاً أن (أ.ح) شددت على أنها بصحة جيدة، وستتم ملاحقة من فبرك الخبر قانونياً.
لا شيء يدعم الرواية الأمنية حتى الآن، (أ.ح) لا تزال متوارية عن الأنظار، لكن هذا لا ينفي أن هناك ضحايا فعليين قتلوا أو انتحروا بسبب الابتزاز، وآخرهم كان القاصر الذي تعرّض للإبتزاز من عصابة “التيكتوك”، وأقدم على الانتحار، ليكتشف أهله فيما بعد القصة التي كانت سبباً في وضع حد لحياته ولعمليات الإبتزاز التي تعرّض لها.
ولا شك في أن عقوبة هذا النوع من الجرائم تختلف من دولة الى أخرى حسب نص القانون في هذه الدولة. وفي لبنان، يعتبر قانون العقوبات اللبناني أن “الابتزاز جريمة بموجب المادة 650 منه التي تعاقب كل من هدّد شخصاً بفضح أمره أو إفشائه أو الإخبار عنه، وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه، أو من قدر أحد أقاربه، لكي يحمله على جلب منفعة غير مشروعة له أو لغيره”. هذه الجريمة تكون عقوبتها بالحبس من شهر الى سنتين، والغرامة حتى 600 ألف ليرة لبنانية (وفق سعر صرف الدولار القديم 1515)”. وفي هذا الصدد، يعتبر الكثير من المراقبين أنّ العقوبة ليست على قدر الجريمة، الأمر الذي يتطلّب إقرار وسن تشريعات جديدة تشدّد العقوبة على هذه الظاهرة التي باتت تهدّد سلامة المجتمع، فيما يبقى الحذر واجباً و”الوقاية خير من قنطار علاج” أولاً وأخيراً.
وبحسب منظمة “أبعاد” التي تعنى بالقضايا الإجتماعية، “ارتفعت نسبة جرائم قتل النساء في لبنان في العام 2023 بمعدّل 300%، بحيث قتلت 29 امرأة خلال العام المنصرم أي بمعدّل امرأتين شهريّاً، حسب الأرقام التي حصلت عليها المنظمة من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
وبلغ عدد ضحايا الابتزاز الالكتروني 407 ضحايا في العام 2023.