الاحتكار جشع… و”جنحة”

احمد ترو
احمد ترو

أزمة المحروقات في لبنان “مكانك راوح”، إذ ما زالت طوابير الذلّ ممتدة على مساحة الـ10.452 كلم2، والمحتكرون يتعاطون مع الأزمة كمصاصي الدماء أو آكلي لحوم البشر، فحبهم للاحتكار سلب منهم إنسانيتهم، وأثار فيهم غريزة الجشع والطمع، ودعوات المواطنين عليهم تتوالى.

الجيش والقوى الأمنية تصادر يومياً ملايين الليترات من المحروقات المخزّنة. ويتساءل جميع اللبنانيين أين تذهب هذه الكميات؟ ولماذا لا توزع على المواطنين؟ ولماذا المحتكرون ما زالوا يسرحون ويمرحون من دون أن يتخذ بحقهم أي إجراء قانوني من قبل القضاء؟

وأكدت مصادر أمنية لـ”لبنان الكبير” أن “دور القوى الأمنية هو المساندة في عملية دهم المحروقات، نظراً إلى عدم قدرة السلطات الإدارية والأجهزة المختصة على القيام بهذا العمل. ومساعدتنا للناس تنبع من خوفنا على مصالحهم وحياتهم لأن الخطر بات قريباً منهم”. وتضيف المصادر: “القوى الأمنية تُلزم المحطات بتصريف الكميات التي تخزّنها عبر بيعها للمواطنين، فيما تُصادَر كميات أخرى وتوزع بين المستشفيات والأفران وغيرها”.

شربل: لا يصح توزيع المحروقات عشوائياً

في هذا الخصوص، تواصل “لبنان الكبير” مع وزير الداخلية السابق مروان شربل، الذي تحدث بإسهاب عن هذه المشكلة، وقال: “أقصى عقاب ممكن أن يناله المحتكر حسب القانون اللبناني جنحة ويمكن أن تُستبدل بغرامة مالية، لذا على مجلس النواب تعديل قانون عقوبة الاحتكار بأسرع وقت ممكن، ليتم تصنيفها كجناية بدلاً من جنحة، لأن الأفعال التي يرتكبها أصحاب محطات المحروقات وغيرهم في خضم هذه الأزمة تخرب بيوتا وتقتل بشراً”.

ويضيف: “نخشى بعد مصادرة المحروقات من إقدام أصحاب المحطات على تقديم ادعاءات لدى القضاء، فيبرّئون أنفسهم بالقول إنهم دفعوا ثمن هذه البضاعة، وتمت مصادرتها وتوزيعها من دون إذن قضائي، أو تحقيق، وبالتالي هم، أي المحتكرون، يحتفظون بها لبيعها بالسعر الرسمي. مع العلم أن الاحتكار مثبت عليهم”.

وعن وجهة المحروقات بعد مصادرتها، يقول شربل: “القضاء اللبناني هو المعني بهذا الموضوع، لكن عند مصادرة بضائع محتكرة يجب كتابة محاضر فيها بعناوين قضائية، ولا يصح توزيع الكميات المحتكرة بين المستشفيات والأفران بطرق عشوائية، لأنه من الممكن أن يكون هناك غايات ومحسوبيات من خلال توزيع الكميات المصادرة، ولا سيما أن موسم الانتخابات على الأبواب”.

وبشأن الخطوات التي يجب أن تتخذها الدولة للحد من الاحتكار، يوضح: “المسألة غير مقتصرة على الاحتكار، فالتهريب أشد وطأة منه، لذا يجب معالجة موضوع التهريب أولاً، ثم الاحتكار بموجب قانون قاسٍ. فالاحتكار الذي نشهده هو جريمة بحق المواطن ومعيب من التجار أن ينتظروا الظروف الصعبة لكي يربحوا 1500 بالمئة، خاصة أن المواد المخزّنة غير متواجدة في الأسواق، ككميات الأدوية التي صادرها بالأمس وزير الصحة حمد حسن. هؤلاء المفروض أن يتم إيقافهم ويحالوا فورا إلى القضاء”.

مالك: القوى الأمنية تقوم بواجبها

وبلغة القانون، يقول المحامي سامي مالك: “الثابت أن القوى الأمنية تقوم بواجباتها عملاً بأحكام المرسوم الاشتراعي 7/83، الذي يحظّر تخزين المواد والسلع، وبالتالي ما تقدم عليه الأجهزة الأمنية، ولا سيما لجهة مصادرة ومداهمة شركات الأدوية ومستودعات البنزين، منصوص عنه في المرسوم أعلاه”.

إقرأ أيضاً: آلية لتعبئة البنزين.. و”البون” بـ100 ألف!

ويضيف: “سندا لتعاميم النيابة العامة التمييزية، وفي حال كانت القيمة المصادرة دون الـ50 ألف ليتر يُصار إلى توزيعها في الإطار المحلي لمكان المستودع الذي صودرت منه، أما في حال تخطت هذه الكمية فعليها أن تدخل المنشآت ومنها توزع بين المستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية”.

ويوضح مالك: “يحق للمحتكر رفع دعوى والتقدم بأي دفاع، لكن في النهاية من يفصل بهذا الموضوع هو القضاء، فالقضية ستحوّل حكما للنيابة العامة، فالمحقق، ثم قاضي التحقيق ومنه إلى محكمة الاستئناف الجزائية صاحبة الاختصاص، ويمكن للمدعى عليه أن يدلي بما لديه والمحكمة المتخصصة تصدر قرارها بهذا الشأن”.

شارك المقال