ابن اللبنانية “ابن جارية”!!

نور فياض
نور فياض

“لن أمنحكم الجنسية ولن أكرّس لكم حقكم في العمل، سأحجب نظري عنكم، وسأدوّن إسمكم على بطاقة الإقامة أنّكم “إبن/ابنة امرأة لبنانية” لا حق لها عندي فأنا لا اعترف بالمساواة على الرغم من إدّعائي بها وأتميّز بأني المتجاهل الأكبر لحقوقها”، هكذا تكرّم الدولة الأم المتزوجة من غير لبناني، بذريعة أن قوانين لبنان تمنح الأبناء جنسية الأب وليس الأم. تعيش هذه الأم غربة داخل وطنها وفي قلبها غصة حول مصير أولادها الملقبين بـ”أبناء الأجنبي” المغتصَب حقهم.

هذا الواقع المرير أدى إلى انتفاضة الأمهات وخروجهنّ إلى الساحات والشوارع لإيصال صرختهنّ، من دون جدوى أو حل حتى يومنا هذا.

الطبش

نائبة كتلة “المستقبل” رلى الطبش الداعمة الأكبر لحقوق المرأة والتي اقترحت تعديل قانون إعطاء الجنسية للسيدة اللبنانية، تعتبر أن ما يُمنح للرجل يجب منحه للسيدة من دون تفرقة أو قيود، معربة عن استيائها لوضع القانون في الدرج بسبب مشكلة سياسية طائفية، اذ يعتبر المعرقلون أن اكثرية الذين سوف يتم تجنيسهم هم من المسلمين، ما سيؤدي إلى تغيير ديموغرافي، وهذا ما لا يريدونه.

وتتابع: “حتى ابنة رئيس الجمهورية قدمت قانوناً ورفضه والدها ويحاربها به. للأسف، جائحة كورونا فرضت علينا الانكفاء قليلاً عن مواصلة إطلاق الصرخة بخصوص هذا القانون المجحف بحق المرأة، وبسبب الفيروس تم تأجيل الجلسة المخصصة للحوار مع الرئيس نبيه بري لأجل غير مسمى. ولم يعد القانون أولوية ولا أحد يتداوله”.

وتضيف الطبش أن “هذه القضية هي على رأس أولوياتها لأن الأم اللبنانية مظلومة في بلدها، وسأبقى أطالب بحقوقهنّ على الرغم من أن أولادهنّ فقدوا الأمل بالحصول على الجنسية بسبب الأحداث التي يمر بها لبنان، آملة إعادة تفعيل القانون واعطاء المرأة كافة حقوقها ومساواتها بالرجل”.

الشعار

يشير مصطفى الشعار رئيس جمعية “مصير وحملة جنسيتي كرامتي” لـ”لبنان الكبير” أن “الأزمة الاقتصادية وكورونا كانتا السبب بتوقف تحركاتنا في الساحات، لكننا ما زلنا نصرخ ونطالب بحق المرأة المهدور من قبل هذا العهد الأسود الذي لا يقبل أي نقاش على الرغم من تأسيسه تياراً يدّعي الإصلاح والتغيير. فالرئيس عون أوقف أحد التعديلات المقترحة لقانون إعطاء الجنسية للمرأة لسبب واهٍ، معتبراً أنه لا يحق للمرأة أن تتساوى بالرجل. هذا العهد هو من أكثر العهود التي تحارب المرأة، إذ لا ندري إن كانت مواطنة درجة أولى أو ثانية أو بالأصح لا نعلم إن كانت مواطنة من الأساس”.

يضيف الشعار: “الهوية تُحمل في القلب أولاً، فقد رأينا عملاء ومحتكرين ومواطنين ضد لبنان وهم يحملون هذه الجنسية في محفظتهم من دون الحفاظ عليها. فابن الأجنبي محروم منها ومغتصب حقه وهو يتساوى مع المحكوم عليه بالإعدام، إذ لا يمكنه دخول المدارس الرسمية أو حتى المستشفيات التي لا تغطيها وزارة الصحة لانه ليس لبنانياً، حتى في العمل يتم “استكراده” ولا يُسجل في الضمان وهو يدفع رسومه من دون الاستفادة منه. كما لا يُسمح له بفتح حسابات في البنوك ولا ممارسة أي مهنة لديها نقابة فعمله محصور بفتح بسطة دخان فقط”.

ويتابع: “كنت اتمنى لو كان ابن اللبنانية لاجئا أو يمتلك بطاقة لاجئ ليستفيد من المساعدات المقدمة من المنظمات والجمعيات التي تعمد إلى استثناء المرأة اللبنانية وأولاد الأجنبي أيضاً”.

ويشير الشعار إلى أن “الزعيم كمال جنبلاط كان أول المطالبين بتعديل القانون لمنح أولاد الأم اللبنانية الجنسية سنة 1965، وفي الفترة الأخيرة قدّم كل من الرئيس نجيب ميقاتي والنائبان رلى الطبش وهادي أبو الحسن والوزير السابق زياد بارود العديد من القوانين لضمان إعطاء الأم الجنسية لأولادها، لكنها ما زالت في الأدراج. ونحن ننتظر تشكيل حكومة لنتواصل معها فالحكومات السابقة نكثت بعهودها بسبب إعطائها الأولوية للأوضاع السياسية وتناسيها قانون الجنسية”.

ويختم الشعار: “نطالب المجتمع الدولي بعدم إعطاء السلطة أي مساعدة إلى أن تقرّ حقوق المرأة في لبنان. ومن الضروري محاكمة الرئيس والنواب المعارضين للقانون (حزب الله والتيار الحر) لخرقهم الدستور”.

بارود

يعبّر الوزير السابق زياد بارود عن “تشاؤمه حيال مصير قانونه المقدم منذ فترة طويلة من دون أن تتم مناقشته أو النظر فيه لأسباب سياسية، أما أبرز عوائقه فهي النزوح السوري واللجوء الفلسطيني، إضافة إلى عدم تسجيل ولادات مَنْ يعرفون بمكتومي القيد، وهي المشكلة اللبنانية القديمة، إلى جانب التخوف مما يعرف بـالزواج الأبيض أي ذلك الذي يتم بهدف الحصول على الجنسية”.

ويتابع: “نحن لا نتحدث عن زوج اللبنانية إذا كان أجنبياً، مع أن عدداً من دول العالم يعتمد هذا النظام، لكن أتكلم عن رابط الدم بين الأم وأولادها، الذي يعتبر أقوى من رابط الدم لناحية الأب. لدينا القدرة على إيجاد ضوابط من الناحية الدستورية خاصة في مبدأ المساواة، لكن بين المنع وضبط التحايل على القانون أو الدستور هناك فارق كبير، ويجب أن نجد وسائل لإعطاء الناس حقوقهم”.

ويعرب بارود عن اعتقاده أن مساحة الحل ليست مستحيلة شرط أن نناقشها، فالمرأة الأجنبية تعطي الأولاد جنسيتها إذا تزوجت شخصاً من جنسية أخرى، فلماذا نجد صعوبة في إعطاء المرأة اللبنانية هذا الحق؟ مع العلم أن العديد من الدول العربية تمنح المرأة هذا الحق ومنها الجزائر، متمنياً أن يُنظر بهذا الملف في المجلس النيابي والحكومة الجديدة.

إقرأ أيضاً: المرأة اللبنانية.. تحديات التغيير

يعتبر لبنانياً كل شخص “مولود من أب لبناني”، هذا ما جاء في المادة الأولى من القرار الرقم 15 الصادر في 19/1/1925 والمقدم من المفوض السامي، وفيه استثناء صريح للأم اللبنانية من منح الجنسية لأبنائها، واليوم تنتظر المرأة إقرار قانون يتيح لها ذلك بدعم من الجمعيات والمسؤولين وتسعى لمحاربة المعرقلين لحقوقها.

ففي بلد ذكوري تعتبر المرأة من الصف الثاني ويستمر التمييز ضدها حتى إشعار آخر. فإلى متى ستبقى الأم اللبنانية المتزوجة من غير لبناني وأولادها، ضحية الحرمان من الجنسية اللبنانية؟

شارك المقال