fbpx

النزوح الى مناطق جبل لبنان… معاناة البحث عن مكان آمن

عمر عبدالباقي
تابعنا على الواتساب

يتصاعد التوتر بصورة تدريجية نحو حرب مفتوحة مع ما تشهده الساحة اللبنانية من غارات وحشية تتنقل بين الجنوب والبقاع ولا تستثني الضاحية الجنوبية، ويعكس مشهد نزوح الجنوبيين عمق الأزمة التي أعادت إلى الأذهان مآسي حرب تموز عام 2006. فقد أدت حركة النزوح الواسعة من الجنوب نحو بيروت إلى زحمة خانقة على العديد من الطرق، فيما شهدت محطات الوقود ازدحاماً كبيراً على الخط الساحلي الممتد من الجنوب إلى العاصمة.

وتُعتبر هذه الموجة من النزوح الأكبر من نوعها لسكان جنوب لبنان، بحيث شملت مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة الأمامية على طول الشريط الحدودي. وكان سكان المناطق الحدودية بدأوا بالنزوح منذ الثامن من تشرين الأول 2023، بحثاً عن الأمان.

العديد من النازحين توجه إلى مناطق جبل لبنان، التي تضم مختلف الانتماءات من أهالي بيروت والجبل، مثل دوحة عرمون، الشويفات، خلدة وبشامون، وشهدت هذه المناطق حركة نزوح كبيرة من الجنوبيين. والمشاهد المؤلمة كفيلة بالتعبير عن معاناة أولئك الذين تركوا أراضيهم وبيوتهم بحثاً عن مكان آمن.

بالآلاف، دخل النازحون إلى مناطق جبل لبنان، حيث فتحت المدارس التي كانت جاهزة لاستقبالهم، ما يعكس تحضيراً فاعلاً من جميع بلديات المنطقة. امتلأت متاجر بشامون وعرمون وخلدة بالنازحين من جهة، وبأبناء المنطقة الذين قدموا الدعم من جهة أخرى.

ولكن، هل تستطيع هذه البلديات اليوم استيعاب هذا العدد الكبير من النازحين؟

الجردي: نقص في تأمين المستلزمات

أكد رئيس بلدية الشويفات نضال الجردي، فتح المدارس الرسمية التي تم تجهيزها مسبقاً في إطار التحضير لخلية أزمة، بحيث تستقبل حالياً حوالي 1100 نازح، مع تزايد الأعداد كل ساعة أو ساعتين بمعدل يتراوح بين 60 و70 شخصاً.

وأوضح الجردي أن الجهوزية قائمة للتعامل مع النازحين، بحيث توفر المدارس الكهرباء والماء والطعام. ومع ذلك، أشار إلى وجود نقص واضح في الفرش والبطانيات، مطالباً بتقديم الدعم لمساعدة البلدية في تلبية احتياجات النازحين من الجنوب. وقال: “الموضوع ليس سهلاً، لا سيما أن لدينا واجب تأمين وجبات فطور وغداء يومياً”.

وفي ما يتعلق بالنازحين الذين يبحثون عن شقق للإيجار، لفت الجردي الى أن العدد قليل، نظراً الى الاكتظاظ السكاني في الشويفات وعدم توافر الشقق بصورة كبيرة، وأن الغالبية العظمى من النازحين تتوجه للبقاء عند أقاربها وأصدقائها في المنطقة.

الحلبي: ضد أي شخص يحاول الاستغلال

وفي حديثه لموقع “لبنان الكبير”، أشار مختار بلدة عرمون حسام الحلبي، إلى الجهود المبذولة لتشكيل خلية أزمة مؤلفة من أحزاب ومخاتير ومشايخ، والتي تعمل منذ فترة على وضع تصور للتعامل مع الأحداث الراهنة. وأوضح أن مدرسة عرمون الرسمية المختلطة تستقبل حالياً نحو 511 نازحاً، موزعين على 117 عائلة في 19 غرفة، بالاضافة إلى العديد من النازحين الذين يقيمون لدى أقاربهم وأصدقائهم في البلدة.

وأكد الحلبي أن لا إحصائيات رسمية حتى الآن بشأن الأعداد الدقيقة للنازحين، لكن تم إعداد استمارات لتسجيلهم لضمان حصولهم على المساعدات عند وصولها. وأعرب عن شكره للجهود المبذولة من الأهالي والمشايخ في المنطقة، مشيراً إلى أن المساعدات تأتي من عدة مصادر، على الرغم من وجود نقص في المواد التموينية، خصوصاً في الأيام الأولى التي تلت النزوح.

وأضاف: “نحن قادرون، بالتعاون مع أهلنا في الجنوب، على تجاوز هذه المرحلة الصعبة. من خلال التنسيق مع الأحزاب، ستصل المساعدات اللازمة لتلبية احتياجات جميع النازحين.”

وفي ما يتعلق بزيادة أعداد النازحين نتيجة تصاعد الحرب في الجنوب، أكد الحلبي “أننا نسعى الى توفير المساحات اللازمة لاستيعابهم. نحن نؤمن المساحة الملائمة في المدرسة، وهناك جمعيات كشفية ستقدم خياماً إذا زادت الأعداد.”

وشدد على أن بلدة عرمون تعمل كخلية أزمة من دون وجود بلدية حالية، بحيث تتم متابعة الأوضاع بدقة بالتعاون مع الأهالي.

وعن استغلال البعض الظروف الصعبة لرفع إيجارات الشقق، قال المختار: “بالتأكيد، ليس من عاداتنا استغلال معاناة الآخرين لأغراض مادية. هناك بعض السماسرة الذي لا يتجاوز عدده أصابع اليد، وسنتخذ إجراءات ضد أي شخص يحاول الاستغلال، سواء كان سمساراً أو صاحب شقة.”

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال