أساتذة “اللبنانية” حائرون بين الهجرة والبقاء

آية المصري
آية المصري

ليست المرة الأولى، نرى مصير الجامعة اللبنانية مهدداً، فمعظم الأحيان نشهد إضرابات وصرخات صادرة عن الأساتذة والطلاب الذين يستغلّون كل مناسبة للمطالبة بحقوقهم “الضائعة”. فالمصير مجهول، يبقى رهينة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وجامعة الوطن من أولوياتها استقبال جميع الطلاب بصرف النظر إن كانت قادرة أو عاجزة عن ذلك. لكن في المرحلة الأخيرة، طغى حديث الهجرة على كل القطاعات، من ضمنها انضمام أساتذة “اللبنانية” إلى الموجة. فصفيحة البنزين باتت تتجاوز سعر ساعة الأستاذ المتعاقد، والراتب الشهري لم يعد كافياً للأستاذ المتفرّغ في ملاك الجامعة، مما يعني أنّ الأساتذة المتفرّغين والمتعاقدين متساوون في المصيبة.

تساؤلات تُطرح في هذا السياق: هل النسبة التي يُحكى عنها صحيحة؟ وهل مئات الأساتذة قرّروا ترك الجامعة بحثاً عن مصدر رزق آخر؟ وما موقف الرابطة من هذه الأزمات؟ وماذا عن رأي أركان الجامعة؟ وهل من خطر يهدّد الأداء العام للجامعة؟ وهل ستفتح أبوابها لاستقبال طلابها؟

مرتضى: مئات الأساتذة غادروا

يؤكد عضو الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانية الدكتور مجتبى مرتضى لـ”لبنان الكبير”، أنه “لا إحصاء دقيقاً حول عدد الأساتذة الذين تركوا الجامعة، لكن كل المؤشرات تؤكد أن العدد قد يبلغ المئات نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ. فمتوسط راتبهم كان ما يقارب 4000 دولار، وهو اليوم لا يتعدّى 300 دولار، مما ساهم في تغيير المستوى المعيشي الذي لم يعد يناسب أحداً”.

ويشدد مرتضى على أنّ “الرحيل لا يقتصر فقط على الأساتذة المتعاقدين، بل امتد إلى المتفرّغين أيضاً. لذلك الموضوع قد يُشكل خطراً على الجامعة ككل، بسبب النقص الكبير الذي سيحدث في ظل غياب عدد كبير من أساتذتها، والرسائل التي تصل من الأساتذة تؤكد أنّ هناك عدداً كبيراً هاجر أو في طريقه إلى الهجرة”.

وعن المطالب الأساسية، يقول: “نحن كهيئة، نطالب بتأمين كل مقومات الصمود، ليس فقط لنا، بل للجامعة أيضاً. فهي كمؤسسة تعاني أزمات عدة، بخاصة مع فارق سعر صرف الدولار. فموازنة الجامعة بالليرة اللبنانية وكل المستلزمات تُدفع بالدولار، وبالتالي هناك كلفة عالية للحاجات الأساسية”، مطالباً بـ”تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن كي نستطيع مواجهة هذه الأوضاع. فحكومة دياب عندما قرّرت تقديم مساعدة للقطاع العام، استثنت الجامعة اللبنانية. لذلك، فإنّ هذه الحكومة المستقيلة لا نعوّل عليها. وهي عندما كانت موجودة، لم تدعمنا. وحاليا كأنها في موقف معادٍ لنا. لذلك ننتظر الحكومة المقبلة لتستدرك الأوضاع المأساوية التي نعيشها”.

العودة للجامعة مؤكدة

وتؤكد مصادر رفيعة المستوى أنّ “عدد الأساتذة الذين تركوا الجامعة ليس كبيراً كما يحكى. وغير دقيق أيضاً أنه لم يعد هناك عدد كافٍ، فالموجودون قادرون على القيام بالواجب وأكثر. أما ما حُكي عن إغلاق الجامعة هذا العام، فهذه مجرد شائعات. الجامعة اللبنانية مستمرة وستبقى أبوابها مفتوحة لاستقبال جميع الطلاب، وسيبدأ التسجيل. وهذا أكبر دليل على عودة العام الدراسي الذي من الطبيعي أن يكون صعباً نتيجة أوضاع البلاد”.

وبالنسبة إلى عميد كلية الإعلام الدكتور جورج صدقة، فيشير إلى أنّ “رابطة الأساتذة أعلنت عن إضراب، وهناك فارق كبير بين أنّ الجامعة لن تفتح أبوابها وبين الإضراب الذي يكون لفترة محددة، ولا يجب الخلط بين الموضوعين. الجامعة اللبنانية ستفتح أبوابها، وهي تملك كل المقوّمات والقدرات، وتحاول تأمين كل اللازم لإنجاز العام الجامعي. والطلاب سيحصلون على سنة دراسية مثمرة”.

ويلفت صدقة إلى أنّ “عدد الأساتذة الذين تركوا الجامعة لا يشكل 1%، ولا أعداد نهائية حتى اللحظة. وهذه نسبة قليلة جداً لا تؤثر في الأداء العام للجامعة، لأنّ الأعداد المغادرة قليلة بحجة أنّ راتب الأستاذ الجامعي لا يتجاوز الـ300 دولار بخاصة للمتعاقدين بالساعة، فوضعهم الوظيفي غير مستقر”.

ويتابع: “كنا في اجتماع مع عمداء الجامعات ومع رئيس الجامعة البروفيسور فؤاد أيوب، وتم التأكيد على أنّ الجامعة ستقوم بدورها بشكل كامل. من الممكن أن يحدث إضراب مثل كل عام، لكن هذا لا يعني توقّف الجامعة، وبالتالي نحن سنُقبل على عام جامعي طبيعي بقدر الإمكان تزامناً مع الظروف الحالية”.

ويختم صدقة: “أما في كلية الإعلام، فمباراة الدخول حُدّدت في 18 أيلول الجاري، ونحن مستمرون بالتحضير لها. كل الكليات تستعد لمباريات الدخول، فكلية الهندسة أجرت مبارياتها واختارت طلابها، ونحرص دائماً على مصلحة الطلاب، وبأن تتخذ كل كلية مقرراتها التطبيقية والنظرية المناسبة”.

شارك المقال