لم يعد أي جانب من جوانب الحياة محصّناً من العدوان الاسرائيلي على لبنان. أي مكان هو مشروع ضحية وخصوصاً السجون التي تتزايد المخاوف بشأن أوضاعها اليوم، اذ تعاني من اهتزازات أمنية كبيرة نتيجة الأحداث الراهنة. وشهدت منذ بداية العدوان عدة حالات أثرت على الأمن، ما أدى إلى تصاعد الفوضى.
سجن رومية شهد السبت الماضي، انتفاضة بسبب اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله. اندلعت اشتباكات بين بعض السجناء نتيجة الخلافات السياسية، وطالب المحتجون بترحيل المعتقلين المتهمين بالتعامل مع إسرائيل، ما زاد من حدة التوتر داخل السجن.
سجلت الانتفاضة بعض أعمال الشغب، لكن قوات الأمن في السجن تمكنت من السيطرة عليها سريعاً. كما رصدت محاولات فرار في بعض السجون، خصوصاً في بعلبك حيث أحبطت محاولة هروب بالكامل على يد الجيش اللبناني وعناصر قوى الأمن الداخلي المكلفة حراسة السجن، وأسفرت عن إصابة سجينين بجروح، لكن تم التأكيد أن عدد السجناء وفق السجلات كان مطابقاً، ولم يُسجل فرار أحد.
وفي جزين، وقعت أحداث مماثلة حين تمكن عشرات السجناء من الهرب من سجن المدينة، واستولوا على أسلحة وسيارة، وانتشروا في المنطقة وعلى الطرق. لكن سرعان ما استقدمت قوة إضافية من الجيش اللبناني والمخابرات، إلى جانب عناصر من الدرك، لملاحقتهم، وأعيد اعتقال عدد كبير منهم.
في ظل هذه الفوضى، يبقى السؤال الأهم: كيف حال السجناء الذين يعيشون في واقع مزدوج، بعيدين عن الحرية وقريبين من الخطر؟ وهل هناك قدرة حقيقية على حماية هؤلاء في ظل الظروف الراهنة؟
نستطيع القول ان الوضع الأمني أصبح جيداً اليوم، هذا ما أكده مصدر أمني مطلع لموقع ”لبنان الكبير”، موضحاً أن الحالات الأمنية الخطيرة التي حدثت في الأيام الأخيرة أدت إلى فوضى كبيرة، ما تسبب في محاولات فرار في عدة سجون، منها بعلبك وجزين وفوضى عارمة في رومية. ومع ذلك، نجحت القوى الأمنية في إحباط هذه المحاولات.
وفي ما يتعلق بالتهديدات المحتملة للسجون، وما اذا كانت هناك خطط بديلة لحماية السجناء في حال أصبحت المناطق المحيطة بها مهددة، قال المصدر: “ما يحدث مع السجناء ينطبق أيضاً على عناصر قوى الأمن الداخلي، بحيث يتم تأمين جميع الاحتياجات اللازمة لهم كما هو الحال مع السجناء”. وأشار إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في الاكتظاظ المعروف في السجون، ما يحد من الخيارات المتاحة في هذا السياق.
من يعيش أمام القضبان يرى اليوم كل هذه المعاناة التي تسببها اسرائيل، فما بالك بمن يسكن خلفها؟ هذا ما قاله المحامي محمد صبلوح، رئيس برنامج الدعم القانوني في “مركز سيدار للدراسات القانونية”، في حديثه لموقع “لبنان الكبير”. ولفت الى أن الأوضاع الأمنية المتدهورة، وخصوصاً الغارات الاسرائيلية، تتسبب في تفاقم المعاناة النفسية للسجناء، فهم يفتقرون إلى المعلومات حول الأحداث الجارية، ما يزيد من شعورهم بالقلق، وتحديداً مع انعدام الزيارات في ظل الظروف الصعبة.
وأشار صبلوح إلى أن “الوضع الأمني للسجون يواجه تحديات جسيمة، بحيث أدت الأزمة الاقتصادية إلى نقص حاد في الإمكانات لدى السلك العسكري، ما يهدد سلامة السجون. ففي سجن جزين، على سبيل المثال، شهدنا محاولة هروب لنحو 130 سجيناً، لكن تم القبض عليهم لاحقاً”.
وتطرق إلى الحالة المزرية التي يعيشها السجناء، وسط عجز الدولة عن تأمين احتياجاتهم الأساسية. ومع تصاعد وتيرة الحرب، سيكون وضعهم أكثر سوءاً. وعلى الرغم من أن المسؤولين يزعمون أن السلة الغذائية تكفي لمدة شهرين، فإن الواقع في السجون يثبت عكس ذلك.
وفي سياق متصل، أوضح صبلوح أن ما حدث في سجن جزين كاد يتكرر في سجن بعلبك، لولا تدخل القوى الأمنية. أما في سجن رومية، فقد تردد أن هناك محاولات تمرد من السجناء، لكن وجود الثكنات الأمنية القريبة يجعل من الصعب حدوث أي عمليات فرار من هناك.