لقمة الفقير إلى انقراض

نور فياض
نور فياض

تنصح المنظمة العالمية للصحة بأن يتناول الفرد ما يعادل 400 غرام من الفواكه والخضراوات يومياً، لأن تناولها يقي الإنسان الكثير من الأمراض. لكن اللبناني لم يعد بمقدوره تناول ولو حتى 4 غرامات منها. فكما بات معلوماً في لبنان أنّ القطاعات تتنافس على احتلال المركز الأول بالصمود في وجه الأزمات، وانضم أخيراً الى المنافسة قطاع الزراعة الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد لكنه أصبح مشلولاً فلا محروقات لتفعيل أساليب الري ولا دولارات لاستيراد المواد الزراعية.

في هذا الإطار، يؤكد عضو مجلس إدارة ورئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة زحلة والبقاع طوني طعمة لـ”لبنان الكبير”: “اننا مقبلون على شتاء يفتقر للخضار والفاكهة، والكمية المتوافرة ستكون باهظة الثمن والسبب غياب مصانع الأسمدة الكيميائية، واستيرادها بالدولار الأميركي الذي نجد صعوبة في الحصول عليه”.

ويذكّر طعمة أن “اللجنة الاقتصادية اجتمعت مع المدير العام لوزارة الزراعة وكان متجاوباً مع العلم ان مصرف لبنان هو المعني بذلك، مشيراً إلى اننا لم نطلب مساعدات كما باقي القطاعات بل كان مطلبنا الوحيد فتح اعتمادات للمزارعين والشركات بجزء من أموالهم الخاصة وتحرير الاعتماد المستندي عند وصول البضاعة”.

ويتابع طعمة: “الذي زاد الطين بلّة، أزمة المحروقات التي تضرب كافة القطاعات في الآونة الأخيرة، فعدم توافر هذه المادة أو شراء التنكة بقيمة 11 دولاراً تقريباً أجبر المزارع على تلف جزء كبير من الأرض، لينقذ ما تبقى من إنتاج زراعي”.

ويوضح: “الزراعة هي الأمن الغذائي لكافة المجتمعات، واليوم استيقظت الحكومات التي كانت تصنّف لبنان بلداً سياحياً وخدماتياً وطالبت المواطنين والمزارعين بزرع كل ما يحتاجونه ولو حتى على الشرفات. ولإنقاذ هذا القطاع نحن في حاجة إلى دولة حقيقية تفرض سلطتها على كافة أراضيها وتغلق المعابر غير الشرعية ويكون الجيش وحده على تراب الوطن ومهمته إغلاق المعابر التي تهرّب منها كافة الأصناف، وليس مهمته الوقوف على محطات الوقود. فإذا لم تشكّل حكومة اختصاصيين مستقلين يدعمها المجتمع العربي والدولي ويضخ دولارات في السوق وتُنشّط القطاع التجاري والاقتصادي، ستبقى الأزمة وسيصبح كيلو البندورة بـ25 ألفاً والبطاطا التي تعتبر لقمة الفقير سيصل الكيلوغرام منها الى 9000 ليرة. فكيف سيعيش الفقير مع حد أدنى للأجور لا يتعدى المليون ليرة”؟

أما بالنسبة للتصدير، فيقول طعمة: “نجد العديد من الدول المنافسة لنا كتركيا وسوريا وغيرهما بخاصة بعدما توقفت السعودية عن استيراد البضائع اللبنانية، فلم يبقَ لدينا سوى بعض الدول الخليجية والأوروبية التي تطلب منتوجاتنا. ما زلنا نصدّر كميّة قليلة لعدم توافر فائض في منتوجاتنا بسبب غياب المواد الزراعية، والتصدير البري أصبح مكلفاً بخاصة عبر سوريا التي تفرض ضريبة على الشاحنات المحملة بالخضار والفاكهة، علاوة على عدم توافر المحروقات، لذلك ملجأنا الأوفر هو التصدير عبر البحر”.

لا حل في لبنان الا بولادة حكومة قوية تساعد في تخفيف احتقان القطاعات، وتحدّ من الأزمات التي نشهدها وتوقف الاحتكار الذي هو أحد أسباب فقدان المحروقات وتجد أيضاً حلاً لتسعيرة الدولار المتفلّت في السوق السوداء، وإلا سيصبح الإقبال على الخضار والفاكهة محصوراً بالطبقة الغنية والفقير سيكون أول المتأثرين بالمجاعة.

شارك المقال