إلى مدارس الحيّ… نتيجة النقل!

آية المصري
آية المصري

ظاهرة جديدة تطل اليوم برأسها في القطاع التربوي وتضيف إلى معاناة أهالي التلامذة عبئاً جديداً. فبعدما كانت المعاناة مقتصرة على الأقساط المدرسية وأسعار الكتب، ضربت أسعار النقل وارتفاع أسعار المحروقات وشحّها بقوة في الساحة الطالبية عموماً، والمدرسية خصوصاً، مؤدية إلى ارتفاع كبير في أسعار الباصات المدرسية، فانعكس ذلك قلقاً وخشية من الاهالي من عدم قدرتهم على تسجيل أولادهم في المدارس، ولجأوا إلى حلول عملية بتسجيل أولادهم في المدارس القريبة جغرافياً من سكنهم، واذا كانت في الحي عينه فهذا “عز الطلب”.

أما المعيار لتسجيل الطلاب فلم يعد جودة التعليم بل بات الموقع الجغرافي للمدارس لتفادي تبعات الانتقال المادية. فهل ينسحب هذا الواقع على المدارس الخاصة والرسمية؟ وهل هناك مدارس قررت الاستغناء عن الباصات نتيجة موقعها “الاستراتيجي”؟ وهل سنشهد عودة الطلاب الى التنقل سيراً على الأقدام؟

البحث عن المدارس الأقرب

وفي حديث مع مديرة إحدى المدارس الخاصة، أكدت ان “أسعار كلفة النقل لم تحدد بعد، واتفق مع صاحب الباصات احتساب الكلفة، من بنزين، ومازوت، وصيانة وكل المستلزمات لتحديد التسعيرة على أساسها”. وأوضحت: “هذا العام الوضع مختلف جدا، فالكلفة سابقا لم تكن تتعدى المئة الف ليرة اما اليوم فالأسعار سترتفع لكن الحديث عن مليون ليرة أو أكثر أمر مبالغ فيه من المدارس”.

وأضافت: “هناك أعداد كبيرة من الطلاب قرروا ترك المدرسة واللجوء إلى مدارس أخرى قريبة من منازلهم، وهذا الحل الأفضل، فاشتراك الباص لم يعد يناسب الجميع والأزمة تضرب كل فئات الشعب وليست محصورة ضمن فئة معينة. طبعاً، سينعكس ذلك على نسبة التسجيل والنقل، لان الاعداد التي ستسجل في الباص المدرسي ستتراجع، لكن هذه حال البلاد، الأهل لم يعودوا يبحثون عن جودة التعليم انما عن موقع المدرسة”.

وهنا تبدو إدارة “ليسيه لا فونتين” (Lycée la Fontaine) مطمئنة اذ تؤكد أن “الوضع مناسب جداً لها نتيجة موقعها الاستراتيجي الذي ساعدها، فهي تقع في منطقة برج أبي حيدر، وتالياً بالقرب من معظم المناطق ككورنيش المزرعة ومنطقة سليم سلام والنويري… مما انعكس ارتفاعًا في نسبة التسجيل لأن معظم طلابها من المنطقة ولا وجود للباصات منذ زمن، مما يخفف عن الأهالي عبء التنقل”.

نسبة التسجيل اختلفت هذا العام

وبالنسبة إلى مدير احدى المدارس الرسمية في بيروت، “هذا العام مختلف عن غيره من الأعوام، فنسبة التسجيل اختلفت كثيراً نتيجة أزمة المحروقات، ولم تعد المدرسة قادرة على الالتزام مع باصات، نظراً لارتفاع الأسعار، فسائق الباص من حقه رفع الأسعار وأهالي الطلاب من حقهم الامتناع عن الدفع واللجوء الى حلول أخرى”.

وأوضح إداري في مدرسة رسمية أخرى ان “الواقع يختلف عن المدارس الخاصة، لان أغلبية الطبقة غير الميسورة هي التي تقصد المدرسة الرسمية والقريبة. لا راتب شهرياً لسائق الباص، لكن هناك باصات تنقل الطلاب من والى المدرسة، ومن الطبيعي ان تتغير التسعيرة بحسب أهواء السائق وأسعار السوق السوداء التي أصبحت تتحكم في كل القطاعات”.

المشي أخف وطأة

وتقول السيدة سلام: “لا يمكنني منع أولادي من التعلم، لكن من الطبيعي ان أسجلهم في المدارس الاقرب الى المنزل، إذ لم يعد بإمكاننا دفع كل شهر ما يقارب المليوني ليرة ونصف المليون ككلفة باص، في السابق كنا غير مكترثين بموضوع الباصات اما اليوم وامام كل هذه الصعوبات أصبح النقل مشكلة أساسية نواجهها”.

ويؤكد السيد محمد انه “سجّل ابنته في مدرسة رسمية بعدما كانت في مدرسة خاصة نتيجة ارتفاع الأقساط من جهة، ونتيجة غلاء كلفة الباصات، ولم يعد يهمني جودة التعليم وأصبح المعيار الأهم توفير المال قدر المستطاع”.

شارك المقال