أكياس الدم… بـ”القطارة”!

تالا الحريري

أصبحت أزمات القطاع الصحي لامتناهية، وزاد التخوّف من انفجار صحي. فكل يوم تشهد أغلبية المستشفيات مشاكل تعرقل عملها وتجعلها عاجزة عن تلبية حاجة المريض، وعن تقديم خدماتها الصحية بالشكل المعتاد. كل ذلك متوقّف على اعتمادات مصرف لبنان وبانتظار تحرُّك وزارة الصحة.

واليوم، ظهرت مشكلة تأمين المستشفيات أكياسَ الدم لإجراء الفحوص أو إعطاء الدم للمرضى أو في العمليات الجراحية. وهذه المشكلة، ككل المشكلات السابقة، ليست جديدة مع تفاقم أزمات لبنان وتواليها.

عاصي: بحاجة إلى حلّ جذري

“منذ سنتين ونحن نتواصل مع وزارة الصحة ومصرف لبنان، لكن لا حياة لمن تنادي”، هكذا تردّ نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي عند سؤالها عن أزمة انقطاع أكياس الدم. وتوضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “السبب هو آلية الدعم الموجودة في مصرف لبنان ووزارة الصحة. بمعنى آخر، يُفرَض علينا من وزارة الصحة إمضاء تعهدات بأن نلتزم بالدعم، لكن مصرف لبنان لا يقوم بالدعم. يقولون أنه ينبغي على المصرف أن يعطينا موافقة مسبقة، ومنذ أيار لم نحصل على موافقات مسبقة، فكيف نستورد؟”.

وتضيف: “لا يستطيع المواطن أن يفعل شيئاً، فالدولة هي التي يجب أن تتحرّك. فإن كان ممنوعاً الاستيراد إلا بإذن، ولا يعطوننا هذا الإذن، فماذا نفعل؟ المشكلة ليست بأكياس الدم فقط. هناك مستلزمات أخرى كبطاريات القلب وأكياس المصل. صحيح أنّ المصل يحتوي على الماء، لكن لا يمكننا تأمينه من دون استيراد الكيس”.

وعن إمكان مساعدة الصليب الأحمر بتوفير أكياس الدم لبعض المستشفيات من خلال التبرّعات، تقول عاصي: “هذه مساعدات رمزية، إذ لا يستطيع الصليب الأحمر تغطية استهلاك لبنان كلّه. إنه الترقيع. نحن بحاجة إلى حل جذري ليعود الاستيراد للقطاع الصحي، وتصبح هناك طبابة طبيعية للمرضى”.

فغالي: حصة كل مستشفى أقل من حاجتها

وبالتواصل مع مستشفيات عدّة، أفادتنا الدكتورة ريتا فغالي من مستشفى رفيق الحريري الحكومي بأنّ المستشفى يعاني انقطاعاً في أكياس الدم. تقول: “أغلب الأوقات، فإنّ أكياس الدم غير متوفرة. فالمستورد يملك كميات قليلة في المستودعات ليوزّعها بين المستشفيات كافة. لذلك فإنّ حصة كل مستشفى أقل من حاجته، ولا مستشفى لديه أفضلية على غيره، و80 أو 90% من الدم من مستورد واحد”.

وتضيف: “أعتقد أنّ التأخير من مصرف لبنان في تحويل الاعتمادات المدعومة. فالشركات تتخوّف من الاستيراد من دون التأكد أنه مدعوم، لذلك فإنها لا تستورد كميات كبيرة وتتأخر في الاستيراد”. وعند سؤالها عن كيفية قيام المرضى بالفحوص أو العمليات الجراحية، تقول فغالي: “هناك الكثير من الفحوص غير متوفرة في أغلب المستشفيات وفي مستشفى الحريري أيضاً. وغالباً ما يتم تأجيل العمليات لعدم توفّر الدم، فلا يمكننا أن نخاطر. لكن هناك أشخاصاً يجب أن يأخذوا الدم بطريقة منتظمة مثل الذين يعانون التلاسيميا”.

وبالنسبة لامتلاك المستشفى بنكَ الدم الذي من الممكن أن يخفّف حدّة الأزمة عليه، توضح: “لدينا بنك دم في المستشفى، لكن ليست لدينا أكياس لسحب الدم. في بعض الأحيان، يتم التواصل مع الصليب الأحمر ليوفّر لنا بعضها”.

أصبح من المستعصي توفير الدم

تقول ابنة أحد المرضى: “منذ سنة ونصف سنة، وأنا أعاني لتوفير كميات الدم لوالدي. عندما يكون بحاجة إلى دم، أتواصل مع جمعية (Donner Sang Compter) لإرسال متبرّعين، لكن لا يمكن فتح الملف قبل 48 ساعة من طلب الدم. وهذا ما أواجه صعوبة فيه، إذ أصبح من المستعصي توفيره”.

وتضيف: “البروفيسور في المستشفى الخاص الذي يُعالَج فيه والدي، قال له أنه يمكن شراء كيسَي دم من بنك الدم الموجود في المستشفى، لكن بسعر لا يقل على 4000 دولار للكيسين، عندما كان سعر الصرف 6000 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد. إن كنتُ بحاجة إلى كيسين بهذا السعر كل ثلاثة أشهر، فهذه كارثة!”.

وبالنسبة للفحوص، توضح: “بسبب عدم توفّر الدم بشكل منتظم، أؤجل فحوصه شهراً لأتمكن من تأمينه”.

شارك المقال