أطفال رضّع متروكون… لانعدام الإنسانية

جنى غلاييني

أطفال حديثي الولادة في ثنايا حاويات القمامة على أرصفة الشوارع أو على أبواب المساجد والكنائس، هذا المشهد الإجرامي الذي يتكرّر على مدار السنة في لبنان أصبح عند الناس مشهداً روتينياً اعتادوا رؤيته ليذهب هؤلاء الأبرياء طي النسيان. فهل فعلاً باتت الحياة في لبنان بلا روح حتى استنفدت من المواطنين قواهم وحتى نيتهم في احتضان أبنائهم؟ وأين دور الجهات المتخصصة في معالجة هذه الآفة؟

مديرة المشروع الوطني لمكافحة التسوّل وأطفال الشوارع سيما معاوية توضح لـ”لبنان الكبير” عن دور المعنيين في لحظة الإبلاغ عن وجود رضيع مرمي: “أوّلاً لا يُسمح لوزارة الشؤون الاجتماعية بالنزول إلى أرض الحادثة، فالأمر يعود الى قوى الأمن الداخلي التي عليها التحقيق بالموضوع فيكتبون تقريراً عن المكان والزمان والحال التي وجد عليها الطفل الرضيع. وعندما تريد القوى الأمنية تسليم الطفل إلى مؤسسة رعائية يحين وقت تدخل وزارة الشؤون حيث يرفع القاضي لها كتاباً رسمياً وتقوم عندئذ بتأمين مركز رعاية تهتم بالرضيع”.

وتشير إلى أن “هذه الظاهرة كانت منتشرة سابقاً قبل تأزّم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ولا ننسى أنّ هناك مليوني نازح من الجنسية السورية وبعضهم يدفعون أطفالهم البنات للعمل في الدعارة لذلك من الطبيعي أن نشهد رمي أطفال حديثي الولادة في مكبات النفايات أو على أرصفة الطرقات”.

وتؤكد معاوية أنه “يوجد العديد من الجمعيات التي تتعامل مع وزارة الشؤون الاجتماعية والتي تعنى بتغطية حضانة الأطفال الرضّع حتى ولو كانوا من الجنسية السورية أو غيرها، ولكن كما ذكرت سابقاً هذا الأمر لا يمكننا التصرف به إذا ما كان هناك مذكّرة من قضاء الأحداث الذي يخوّلنا إجراء اتّصالاتنا بالجهات التي تعنى بالأمر”.

وعن مصير الأطفال عند بلوغهم سن الـ15، لأن الجمعيات تهتم بالطفل حتى هذه السن، تقول معاوية: “هؤلاء الأطفال يخضعون لتدريب مهني داخل الجمعيات التي تأويهم لتجعلهم مستعدين للانخراط في المجتمع، كما تعمل وزارة الشؤون الاجتماعية على مشروع “تربية الأمل” بالتعاون مع المجلس العربي للتنمية والطفولة لسحب الاطفال المشردين من الشوارع لتكون وظيفتنا هنا دعمهم من الناحية النفسية والاجتماعية والتدخل مع أُسرِهم لتهيئتهم لعملية دمج في المجتمع على كافة الأصعدة وخصوصاً على الصعيد المهني”. وتختم: “الولد في سنّ الـ15 يكون مستعدّاً لانطلاقة اجتماعية وإلّا إذا بقي تحت سقف الجمعية التي تأويه لن يكون إنساناً اجتماعياً لكونه لم يقُم بعملية التواصل مع الغير”.

وعن كيفية تصّرف جمعية “سعادة السماء” التي تعنى بحضانة الأطفال الرضّع يقول الأب مجدي علاوي: “طفال اأطفال بعد عودة مشهد رمي الأطفال حديثي الولادة في حاويات النفايات، اتصلت بالقضاء لاخباره بأننا مستعدون كجمعية لتسلم هؤلاء الأطفال والاعتناء بهم على الصعيدين الصحي والتعليمي”. ويضيف: “لقد احتضنّا آخر طفلين وُجدا وقمنا بفحصهما وتطعيمهما باللقاحات اللازمة، والحمدلله تبيّن أنّ صحتهما جيدة ولا يعانيان من أي عارض صحّي، ولاحقاً سيتم إدخالهما إلى المدارس، على أن يُفتح لهما أيضاً ملف قضائي للمطالبة بحقوقهما”.

ويتابع: “لدينا أطفال من مختلف المناطق لكن لا يوجد أي اتصال بيننا وبين وزارة الشؤون الاجتماعية، ونحن نعرض على الدولة دائماً استعدادنا لحضانة الأطفال الرّضع في حال معرفة هوية الآباء أو الأمهات لنكون قادرين على تأهيل ومساعدة أولياء أمورهم في تأمين وظائف ومساكن لائقة لنشأة الأطفال. أمّا في حال عدم معرفة أبوي الطفل الحقيقيين، فمن الطبيعي هنا أن تجري عملية تبنّي من ثنائي يعاني صعوبة في الانجاب لكن بالطبع وفق إجراءات قانونية تتضمن تحاليل طبية وتكشف وضعية الثنائي الاقتصادية والاجتماعية والصحية”.

ويستطرد: “من المؤكّد أننا سنشهد المزيد من رمي الأطفال الرضّع في الشوارع بسبب الأزمات الأقتصادية والمعيشية التي لم يعد اللبنانيون قادرين على تحمّلها، ولهذا السبب تقوم الجمعية بمشروع جديد تحت عنوان “قرية الإنسان” لاستقبال المزيد من الأطفال المحتاجين الى مأوى ورعاية”. ويلفت الأب علاوي إلى أنّ الجمعية تتحمّل كافة تكاليف العناية بالأطفال من مأكل ومسكن وتعليم وطبابة، ويقول: “لدينا طفل بحاجة كل يوم الى حقنة يصل سعرها الى المليون ليرة، وهذا غير تكاليف المبنى الذي يحتاج الى مازوت ومياه بشكل دائم، لذا يو جد فريق طبيّ وفريق تربوي وفرق عديدة مشرفة على صحة وسلامة نشأة أطفالنا”.

ويختم: “ولا مرّة اتكلنا على مؤسسات الدولة، اتكالنا دائماً على الرب، وفي حال رغبت الدولة بالتعاون معنا فبابنا مفتوح”.

شارك المقال