للسنة الثالثة على التوالي، تستضيف المملكة العربية السعودية النسخة الـ44 من “رالي داكار”، الذي سينطلق من ربوع صحراء حائل الاحد 2 كانون الثاني 2022 ليحط رحاله في جدة في 14 منه، ويتخلله يوم واحد للراحة في الرياض يوم 8 منه، وذلك وسط اهتمام عالمي بالغ، ومتابعة كبيرة للسباق الذي يواصل كتابة تاريخه على تضاريس السعودية وصحاريها الشاسعة، وتنوعها الجغرافي، ومناظرها الطبيعية الخلابة، التي أضفت مزيدًا من الإثارة والحماسة للرالي العريق؛ مما جعلها المسرح الأفضل والموطن الجديد الأمثل لأعرق الراليات العالمية على وجه الأرض.
ويعُد السائقون عدتهم لمواجهة تحديات جديدة، بعد التغييرات الجذرية التي شهدها المسار، التي تنبئ بأعلى مستويات التشويق والإثارة على مختلف فئات الرالي. وتنطلق السبت فعاليات الرالي بمرحلة استعراضية في محافظة جدة؛ حيث يستهل السائقون رحلتهم الشاقة في الأول من كانون الثاني عبر مرحلة قصيرة لمسافة 19 كلم، قبل انتقالهم إلى حائل التي ستشهد انطلاق المنافسات الرسمية في الثاني من كانون الثاني.
واستكمل جميع المشاركين في الرالي استعداداتهم، وعقدوا العزم على إشعال نار المنافسة لخوض غمار رحلة جامحة في قلب صحراء السعودية الشاسعة، وتحدي خبايا تضاريسها وكثبانها الرملية. وبدأت ملامح الإثارة والحماسة مع توافد الفِرق والمتسابقين في فئات الرالي الست؛ إذ يتوقع عشاق الراليات الصحراوية منافسات حامية في جميع الفئات، مع تأكيد مشاركة أبرز نجوم وفرق الراليات الصحراوية حول العالم، خاصة مع التعديلات التي أجراها منظمو النسخة الثالثة من رالي داكار السعودية على صعيد المسار واللوائح الرياضية لمواكبة الهيكل التنظيمي الجديد بين الاتحاد الدولي للسيارات والاتحاد الدولي للدراجات النارية ومنظمة “أموري سبورت”؛ إذ ستطبق لوائح رالي داكار السعودية على الجولات الأخرى من بطولة العالم للراليات الصحراوية الجديدة للاتحاد الدولي للسيارات.
ويخوض المشاركون في رالي داكار أقسى التجارب في رياضة الراليات الصحراوية على مدار 14 يومًا في تحدي الصحراء المهيبة والتضاريس القاسية؛ لاختبار قدرتهم على التحمل لمسافة إجمالية تقدر بـ 8375 كلم، منها 4258 كلم من المراحل الخاصة الخاضعة للتوقيت، مرورًا بأروع المناظر الطبيعية الخلابة والمناطق الأثرية في السعودية.
واستقطبت النسخة الـ44 أكثر من 1000 مشارك، يمثلون 70 جنسية من مختلف أنحاء العالم؛ مما يجعلها النسخة الأكبر من حيث المشاركة في تاريخ الرالي العريق. كما يضم السباق 430 مركبة في مختلف فئات السباق، و148 مركبة أخرى في فئة “داكار كلاسيك”. ويتألف مسار الرالي هذا العام من مرحلة تمهيدية واحدة، و12 مرحلة خاصة عادية، يتخللها يوم واحد للراحة في الرياض، وسيخوض المتسابقون خلالها 5 مراحل دائرية، وواحدة ماراتونية.
بهذه المناسبة، أكد الأمير خالد بن سلطان العبدالله الفيصل، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، “انهاء كافة الاستعدادات لتقديم نسخة نموذجية من كافة الجوانب بما يواكب مكانة المملكة المرموقة عالمياً ومسيرتها الريادية، وكتابة قصة نجاح سعودية جديدة، وذلك تجسيداً لرؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وترجمة للدعم غير المحدود لولي العهد الأمير محمد بن سلمان وثقة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030”.
منافسات ضارية في مختلف الفئات
هل ستتمكن “كيه تي أم” من ري عطشها والعودة إلى نغمة الانتصارات؟ وهل من قادر على مقارعة سيطرة “كان-آم” المطلقة على منصة التتويج في الأعوام الثلاثة الماضية في فئة المركبات الخفيفة؟ وبعد منح القوانين الأفضلية المُطلقة للسيارات رُباعية الدفع للتنافس بين بعضها حصراً على لقب الفئة الأولى في السيارات، هل ستتمكن تويوتا من فرض كلمتها أم ستقارعها سيارات الميني رُباعية الدفع؟ وكيف ستبدو صورة المعركة المتجددة في فئة داكار كلاسيك؟ هل بإمكان “ماز” أو إيفيكو” التصدي للفريق الروسي “كاماز”؟.
تشهد فئة الدراجات النارية منافسة حامية الوطيس، حيث تسعى “كيه تي أم” للعودة إلى عرشها المفضل في صدارة فئة الدراجات النارية، بعد سيطرة دامت 18 عاماً متوالياً ما بين 2001 و2019، وعدم نجاحها في تحدي الرمال السعودية واستعادة اللقب المفقود خلال آخر نسختين، حيث تمكنت هوندا من الصمود للعام الثاني على التوالي وسجلت الفوز في رالي داكار السعودية 2021 عبر الدراج الأرجنتيني كيفن بينيفاديس.
ويسعى الفرنسي ستيفان بيتيرهانسل، والملقب بـ “السيد داكار” إلى تأكيد أسطورته الحية، حيث أصبح صاحب الـ 56 عاماً مخضرماً في الرالي الأعرق في العالم وعزز معرفته بخبايا صحراء المملكة، لا سيما مع اعتلائه منصة التتويج في النسخة الأولى لرالي داكار السعودية في فئة السيارات وحفاظه على لقبه العام الماضي أيضاً، محطماً رقمه القياسي العالمي في عدد مرات الفوز بالرالي إلى 14 لقباً، منها 8 ألقاب في فئة السيارات و6 في فئة الدراجات.
وتواصل فئة المركبات الخفيفة “سايد باي سايد” استقطاب المزيد من المشاركين، لا سيما مع كلفتها المقبولة نسبياً مقارنةً بباقي الفئات. وتستحوذ هذه الفئة حالياً على اهتمام أبرز الصانعين والفرق العالمية، ليكون الرالي مسرحاً لاستعراض عضلاتهم واستغلالها في الترويج لمركباتهم في جميع أرجاء العالم، وهي الفئة التي حصد لقبها العام الماضي التشيلياني العنيد فرانشيسكو لوبيز كونتاردو.
وفي فئة الشاحنات، لم يبدِ الفريق الروسي “كاماز ماستر” أي شفقة تجاه منافسيه واحتكر منصة التتويج للرالي العام الماضي، مسجلاً الفوز بالمركز الأول عبر السائق دميتري سوتنيكوف، والذي اعتلى منصات التتويج في مناسبتين أخريين عامي 2017 و2019، والذي ينافس بضراوة على مراكز الصدارة في مشاركاته بالرالي.
كما تعود فئة “داكار كلاسيك” للعام الثاني على التوالي لبث الروح من جديد في العديد من السيارات والشاحنات التي سطرت اسماً في التاريخ سواءً خلال رالي داكار العريق وتاريخه الممتد لأكثر من أربعين عاماً، أو في السباقات الدولية الأخرى، لخوض هذا التحدي على أرض المملكة بسيارات وشاحنات صُنعت ما قبل عام 2000، والانغماس في أجواء الراليات الصحراوية عبر تجربة فريدة لاستكشاف التضاريس السعودية خلف عجلة قيادة سيارات وشاحنات عريقة، أو سياراتٍ حديثة الصنع، لكن بمواصفات اعتُمدت في القرن الماضي.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.