ماذا ستربح قطر من كأس العالم؟

لبنان الكبير

من المتوقع أن تجتذب بطولة كأس العالم التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على مدى 29 يوما، والتي تنطلق في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في دولة قطر أكثر من 1.3 مليون زائر. ومن المتوقع أيضا زيارة أكثر من 1.7 مليون شخص لقطر أثناء البطولة، حيث سيكون هناك حوالي 500 ألف زائر في البلاد في أكثر الأيام ازدحاما.

ويقول الدكتور سهيل محمود، المحلل السياسي المستقل الذي يقيم في مدينة تشابل بكالوراينا الشمالية أن ملايين كثيرة سوف يتعرفون بشكل أفضل الى قطر، من خلال وسائل الإعلام المطبوعة وشبكات الإذاعة والتلفزيون، ومن منشورات التواصل الاجتماعي التي ستصدر عن المشجعين والفرق المشاركة، والصحافيين المتواجدين في قطر. وتشير التقديرات إلى أن حجم إنفاق قطر للإعداد لبطولة كأس العالم يبلغ 200 مليار دولار.

ويرى الدكتور محمود، الذي تلقى تعليمه العالي قي الولايات المتحدة وقام بالتدريس حوالي 33 عاما في جامعات مختلفة في باكستان والولايات المتحدة أن استضافة كأس العالم يعد جزءا من رؤية قطر الوطنية 2030، وهي مبادرة حكومية لتحويل قطر إلى مجتمع عالمي وتوفير مستوى معيشة أعلى.

وقال الدكتور محمود في تجليل نشرته مجلة “ناشونال انتريست” الأميركية إن خطط التنمية الدولية المرتبطة برؤية قطر الوطنية 2030 تشمل مشروعات ذات صلة مباشرة بكأس العالم وتهدف إلى تعزيز الاستمرارية لما بعد البطولة.

وقامت قطر ببناء المرافق الأساسية الضرورية لاستضافة حوالي 1.3 مليون زائر أثناء فعاليات البطولة التي تستغرق شهرا، وهو رقم يبلغ نحو نصف عدد سكان قطر. وبالإضافة إلى بناء استادات على أحدث طراز، أنشأت قطر شبكة مترو حديثة، ووسعت نطاق مطارها، وشيدت مناطق جديدة داخل العاصمة، الدوحة.

ما تأمله قطر من بطولة كأس العالم

يقول الدكتور محمود، الذي عمل مستشارا للبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي والاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، إن صادرات النفط والغاز تعتبر ركيزة اقتصاد قطر، التي تمتلك ثالث أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم، وتعتبر من أكبر الدول المصدرة للنفط. وعلى الرغم من أن الموارد الطبيعية ساهمت في رخاء البلاد، فإن قوى السوق التي تهيمن على صادرات المواد الهيدروكربونية تسفر عن تقلب في الإيرادات. وبالتالي تهدف قطر إلى زيادة حجم اقتصادها الذي لا يعتمد على الطاقة، حيث تطمح لأن تصبح مركزا تجاريا وسياحيا في المنطقة.

وتعتبر استضافة كأس العالم أمرا أساسيا لتحقيق هذه الطموحات. ففي الفترة ما بين 2013 و2018، نقص نصيب المواد الهيدروكربونية في إجمالي الناتج المحلي من 55% إلى 39% ، مما يعكس من ناحية زيادة الانفاق المرتفع المرتبط بالاستعدادات لكأس العالم. ودعمت البطولة التطورات في القطاعات الحيوية غير المرتبطة بالطاقة، وسيكون نموها المتواصل أولوية بالنسبة لقطر بعد نهاية كأس العالم.

وعلى الرغم من المكاسب المحتملة من وراء كأس العالم، فإن الفعاليات الرياضية الدولية الكبرى تحقق للأسف مردودات سيئة بالنسبة لاستثمارات الدولة المضيفة لها. وتشير التوقعات إلى أن اقتصاد قطر سوف ينمو بنسبة 3.4% في عام 2022 و2023، بفضل زخم كأس العالم، لكن سوف ينخفض إلى 1 % بحلول عام 2024.

وعلى الرغم من هذه المخاوف، قامت قطر بإنشاء المرافق بصورة استراتيجية لكي تفيد الاقتصاد بعد كأس العالم. ومن المحتمل أن يؤدي استثمار قطر المستمر في تحديث مرافقها إلى توسيع نطاق مبادرات النقل، والتجارة والاقتصاد.

ومن المقرر أن تعزز قطر قوتها الناعمة، وإعادة تحديد تأثيرها، ومكانتها، ووضعها، ومرافقها، وأهداف سياستها الخارجية. وسوف تستفيد البلاد اقتصاديا من كأس العالم. وتتوقع قطر أن يضيف الحدث 17 مليار دولار لاقتصادها. وتشير توقعات أخرى إلى أن نمو إجمالي الناتج المحلي القطري سوف يوفر فرصة دخل بقيمة 4 مليارات دولار من وراء إنفاق السائحين في الشرق الأوسط.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية مؤخرا أنه من المتوقع أن تبلغ الإيرادات المالية المباشرة من كأس العالم 2.2 ملياري دولار، بينما من المتوقع أن تصل الإيرادات الاقتصادية طويلة المدى في الفترة من 2022 إلى 2035 إلى 2.7 ملياري دولار، حيث من المتوقع ازدهار إيرادات السياحة القوية أثناء بطولة كأس العالم وما بعدها.

وتهدف قطر إلى تحويل مرافق كأس العالم إلى مجتمعات، ومدارس، ومستشفيات جديدة وكذلك إلى نقاط انطلاق لتدفقات السياحة. وتتصور رؤية قطر الوطنية 2030 اقتصادا متنوعا يقوم فيه القطاع الخاص بدور بارز. وحظيت السياحة بدفعة قوية من الاستثمارات الكبيرة في النقل والمرافق الحضرية، مثل مطار حمد الدولي، الذي تم افتتاحه عام 2014، وإقامة فنادق جديدة، ومنتجعات، وأسواق كبرى، ومراكز مؤتمرات.

وسوف يعزز كأس العالم مركز قطر على خريطة السياحة العالمية. وظهر الزخم الإيجابي لقطاع السياحة في قطر في النصف الأول من عام 2022 حيث ظلت مقصدا سياحيا حيويا في المنطقة.

ويقدر الفيفا أن حوالي ثلاثة مليارات شخص سوف يشاهدون كأ س العالم، ومن الممكن أن يسعى نحو 40 مليون شخص لزيارة قطر بعد انتهاء البطولة.

ومن المتوقع أن يزور حوالي ثلاثة ملايين شخص قطر عام 2023. وتدرك حكومة قطر خطر جائحة كوفيد19- وتسعى جاهدة لضمان سلامة المواطنين والمقيمين، وكذلك الزائرين، بالنسبة لأي أخطار صحية. وأنجزت قطر بنجاح أكبر حملة تطعيم في تاريخ البلاد. وسوف تساعد التحديثات الأخيرة في سياسة السفر والعودة بالنسبة لكوفيد19- في اجتذاب المزيد من الزائرين قبل بطولة كأس العالم، مما يزيد من تعزيز قطاع السياحة في قطر.

ففي الرابع من أيلول/ سبتمبر الماضي ألغت قطر قائمة الدول الخاضعة “لإجراءات الصحة الحمراء” بالنسبة لجائحة كوفيد19- ومتطلبات الحجر بالنسبة للقادمين من الخارج. لكن مطلوب ممن تثبت إصابتهم بالمرض أن يخضعوا للعزل والحجر.

وعالميا، تشير كل الدلائل الحالية إلى أن قطر بدأت العودة للحياة الطبيعية منذ نهاية عام 2019. وعاد مرة أخرى السفر لأغراض الترفيه والعمل.

شارك المقال