أحمد فرّان لـ”لبنان الكبير”: “أيام العز” راحت.. وسيرين سرّ نجاحي

محمد فواز
محمد فواز

أكد المدرب أحمد فران، في حديث مسهب لـ”لبنان الكبير”، أن الالقاب التي أحرزها وعددها 11 في 4 سنوات ما كانت لتتحقق لولا العلاقة المتينة والواضحة والصادقة مع النادي الأسطوري والعريق الرياضي الذي لا يعرف الخسارة ويرفضها، ولولا الدعم المستمر من زوجتي سيرين التي أعتبرها ضمانة الاستقرار الدائم في عائلتي.


وأصبح رحيل المدربين اللبنانيين وهجرتهم، ظاهرة واضحة بعد الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بلبنان، ما اضطر عدد كبير من مدربي كرة السلة، إلى الانطلاق نحو محطات خارجية، بحثًا عن مصدر رزق في ظل توقف النشاط.
خلال 4 سنوات وفي سن مبكرة، حقّق فرّان ما عجز عنه كثيرون في كرة السلّة اللبنانيّة. إذ صار فرّان أصغر مدرب وطني يفوز ببطولة لبنان لكرة السلّة موسم 2016 – 2017، كما بات أصغر مدرب اختير كأفضل مدرب في آسيا، بعدما قاد ناديه إلى إحراز كأس أندية آسيا في الصين.


فران العائد من الكويت حيث أشرف على تدريب الجهراء لفترة 6 أشهر، يأمل موافقة الفريق الكويتي على مراجعة بعض الأمور وتحسين بعضها الآخر ليتمكن من المنافسة ولعب الأدوار الأولى الموسم المقبل. “لبنان الكبير” التقى فران في عرين النادي الرياضي في المنارة، وكان هذا الحوار:

* من هو أحمد فران؟
– مدرب كرة سلة أمضى حياته في النادي الرياضي منذ عام 1992 حين التحقت بالنادي في فرق الفئات العمرية ثم تدرجت في مختلف الفرق صعوداً حتى سنة 1998 حين التحقت بالأكاديمية وبدأت تدريب فرقها تحت إشراف النجم السابق نزيه بوجي. كما تدرجت مع فرق الميني باسكيت من سن الأربع سنوات حتى 18 سنة. خضنا تجارب عديدة وحققنا بعض الإنجازات، ثم انتقلت إلى أكاديمية هارليم من سنة 2002 حتى 2009 إلى أن عدت إلى النادي الرياضي في شهر كانون الأول 2009 حيث تسلمت تدريب فريقي تحت 16 سنة وتحت 18 سنة ولاحقاً فريق السيدات في الدرجة الأولى لمدة سنتين. وارتقيت عام 2012 إلى الفريق الأول للرجال وأصبحت مساعداً ثانياً للمدرب سلوبودان سوبوتيتش، ثم بعد سنة مساعداً أولاً له. وعام 2016، وبعد استقالة سوبوتيتش من تدريب الفريق، توليت مهمة الإدارة الفنية في النادي الرياضي (شهر كانون الأول 2016). وكأن حلمي تحقق بتدريب النادي الرياضي الأسطوري والعريق محلياً وقاًريا في هذه السن المبكرة، وانطلقت المسيرة وتحققت الإنجازات العديدة. وهذه الفترة الناجحة هي التي أطلقتني نحو الساحة المحلية والعربية والقارية من أبوابها الواسعة.
أما الألقاب التي أحرزتها مع الرياضي خلال 4 سنوات فهي 11 لقباً في 16 مباراة نهائية: بطل لبنان ٢٠١٧، بطل لبنان ٢٠١٩، بطل كأس لبنان ٢٠١٩، بطل الكأس السوبر ٢٠١٨، بطل غرب آسيا ٢٠١٧، بطل أندية آسيا ٢٠١٧، بطل دورة دبي ٢٠١٩، بطل دورة حسام الدين الحريري ٢٠١٧ و٢٠١٨ و٢٠١٩، بطل غرب آسيا مع منتخب لبنان عام ٢٠١٥.

* كيف كانت طفولتك؟
– الحمد لله طفولة عادية، فمنزل أهلي على بعد 30 متراً من النادي الرياضي في المنارة، لذلك قضيت معظم طفولتي في قاعة صائب سلام. كنا نهرب من المدرسة لقضاء الوقت في الرياضي، أنا وثلة من الشباب الذين مروا في النادي الاصفر وهم اللاعبون غالب رضا وعمر الترك وعلي فخر الدين وحسين توبة. طفولتي هادئة على الرغم من أننا تأثرنا بالحرب اللبنانية، فأنا ولدت قبل الاجتياح بأشهر وشهدت حربي التحرير والإلغاء فتركنا بيروت مرة إلى طرابلس ومرة ثانية إلى صيدا لدى أقاربنا.

* هل كان والداك رياضيين؟
– أبداً، لم يكن أحد من عائلتي رياضياً. أنا الأصغر ضمن عائلتي المؤلفة من 7 أشخاص أبي وأمي و3 أخوة وأختين، وأنا الوحيد الذي هوى الرياضة وأحبها خصوصاً عندما تم بناء قاعة صائب سلام في المنارة عام 1992 فباتت ملاذي اليومي وكنت محظوظاً في ذلك. إخوتي أكبر مني بكثير وهم شهدوا حرب الـ1975 وبالتالي لم يهووا الرياضة لأنها كانت متوقفة في تلك الفترة.

* كيف كانت تجربتك المدرسية؟
– كانت تجربة جيدة على الرغم من كرهي للمدرسة، إنما كنت أفعل اللازم لضمان النجاح وذلك في مدرسة الحكمة – كليمنصو حتى البكالوريا القسم الثاني ثم التحقت بكلية التربية الرياضية ونلت شهادة منها.

* كيف ترى مستوى كرة السلة في لبنان؟
– حالياً اللعبة تراجعت سنوات إلى الخلف وبات من الصعب العودة إلى “أيام العز” التي عاشتها. أنا كنت محظوظاً حين شهدت فترة الطفرة بدءاً من الفرق العمرية مروراً بفريق البنات ووصولاً إلى الفريق الأول في الرياضي. الفترة الذهبية كانت منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي حتى بدايات الأزمة المالية والاقتصادية في 2019 وهي من الصعب أن تعود. اللعبة تراجعت كثيراً ووصلت إلى الحضيض لأنها كانت مبنية على أسس غير سليمة وخاطئة وعند أول هزة كبيرة اقتصادياً انهار البنيان. اليوم أنت بحاجة إلى وقت ليس بقليل لإعادة إطلاق اللعبة من جديد على أسس صحيحة حتى نتفادى ما حصل لنا مؤخراً من انهيار. فاللعبة كانت مرتبطة بشكل عضوي بالوضع الاقتصادي في لبنان وعندما حصلت الأزمة انهار كل شيء. كما كانت كرة السلة تعتمد على أشخاص متمولين وعندما يغادرون ينهار النادي. الشيء الإيجابي حالياً هو عودة اللعبة للانطلاق من جديد وستتطور سنة بعد سنة حسب وضع البلد لارتباطها به.

* كيف تقيّم كرة السلة العربية؟
– هناك طفرة حالياً في كرة السلة العربية وخصوصاً في الخليج. فعلى الرغم من جائحة كورونا، تواصلت البطولات العربية فيما توقفت مسابقاتنا بشكل كامل. انهارت اللعبة عندنا بهروب المتمولين وانهيار الوضع الاقتصادي وغياب المساعدات الرسمية واهتزاز الوضع الامني. في المقابل، واصلت الدول العربية تطوير كرة السلة فيها، وذلك بفضل استقرارهم الفني والمساعدات المادية من الدولة. صحيح أن مستوانا أفضل من حيث موهبة اللاعبين عندنا إلا أن الدول الشقيقة وخصوصاً في الخليج واصلت التطور والبناء.

* كيف تقيّم مستوى الرياضي الحالي؟
– مستواه ممتاز حالياً… يلعب بشكل رائع ولولا إصابات الكورونا التي تعرضوا لها بداية الموسم لكانوا حققوا العلامة كاملة. هناك استقرار فني، والمدرب جورج جعجع صنع تجانساً بين لاعبي الخبرة واللاعبين الصاعدين والجدد معتمداً على مبدأ المداورة حتى مع اللاعبين المخضرمين جان عبد النور وأمير سعود وهايك غيوقوشيان ومازن منيمنة. وإذا استمروا في النسج على المنوال عينه، سيكون الفريق الأصفر الأوفر حظاً في إحراز اللقب، علما أن 80% من اللاعبين يلبسون قميص الرياضي لأول مرة.

* كيف ترى مستواك التدريبي؟
– أنا افضل أن يقيّمني الجمهور، لكن في السن (35 عاما) الذي بدأت فيه تدريب الرياضي وفي الظروف الصعبة التي كنا نعاني منها وضغوط الجمهور الكبير ورفض الإدارة لأي خسارة لأنها أمنت الاستقرار المادي والفني للاعبين، ثم قيادة الفريق بعد ذلك إلى تحقيق الانتصارات وغحراز الألقاب فذلك يُعد إنجازاً كبيراً لي. أنا راضٍ والحمد لله عن المستوى الذي قدمه الفريق حين كنت مدرباً له، وما الألقاب الـ11 التي أحرزتها في 16 مباراة نهائية خضتها سوى انعكاس إيجابي لأدائي على رأس الجهاز الفني للنادي الأعرق بينها لقب آسيوي ثانٍ.

* كيف تقيّم أداء الاتحاد؟
– الشيء الذي يُحسب للاتحاد الحالي هو إعادة إطلاق المباريات وتنظيم بطولة لبنان واهتمامه بالفئات العمرية التي تنطلق بطولاتها بعد بطولة الدرجة الأولى. والاتحاد مطالب ببذل الجهد أكثر لاستعادة مستوى اللعبة بعد التراجع الكبير جراء الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربتها.

* برأيك كم تأثرت اللعبة بتراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار؟
– صار من الصعب علينا التعاقد مع لاعبين أجانب لان الموضوع لم يعد راتباً فقط بل شقة وسيارة وبطاقات سفر وطبابة وكل ذلك صار مكلفاً جداً. سعر الصرف أثر بشكل كبير في الأندية لأن مداخيلها بالأساس كانت بالدولار ومع اهتزاز قيمة العملة الوطنية تحولت المساعدات، إن وجدت، إلى الليرة اللبنانية وبالتالي لم تعد الأندية قادرة على دفع رواتب عالية. وبات من الصعب أن تشكّل فرقاً منافسة أو قادرة على المنافسة وانحصر ذلك بثلاثة إلى 4 فرق من أصل 10. حتى الحالة النفسية للاعبين تراجعت وبات اعتمادهم على اللعبة كمصدر رزق ضعيفاً وصاروا يفتشون عن موارد أخرى.

* كيف تقيّم تجربتك الاحترافية في الكويت؟
– بعد الوقف الأولمبي الطويل الذي شمل مختلف الألعاب وامتد لخمس سنوات، تسارعت الخطوات في الكويت لإعادة النهوض بالرياضة على المستويات كافة، وذلك لفت نظري بشكل كبير. وهم بدأوا الاستعانة بمدربين أجانب من جنسيات الصف الأول وعرب بهدف رفع المستوى في الألعاب كافة ومنها كرة السلة. لكن ما يؤخذ عليهم هو عدم اهتمامهم بفرق الفئات العمرية أو بالمواهب الصاعدة، وبالتالي ليس هناك لاعبون ناشئون بدلاء قادرون على حمل الراية بعد اللاعبين الحاليين. ترتيب الكويت حالياً هو المركز الثاني في الخليج خلف السعودية وأمام قطر والإمارات والبحرين. بطولة كرة السلة في الكويت في تطور مستمر وسيتم اعتماد العنصر الأجنبي الموسم المقبل. على الصعيد الشخصي، تجربتي كانت جيدة علماً أنني كنت أطمح إلى تحقيق نتائج أفضل مع نادي الجهراء وأتمنى ذلك في المواسم المقبلة. من الظلم مقارنة المستوى الكويتي بنظيره اللبناني أو العربي إلا أنه في الخليج هم من الأقوى على الساحة.

* هل انت مستمر في تجربتك الكويتية؟
– وقعت مع الجهراء لموسم واحد، وهناك أمور تتم مراجعتها حالياً وذلك لتقديم مستوى أفضل الموسم المقبل والمنافسة على الالقاب. وإذا لم تكن هناك أي إمكانية للمنافسة أفضل أن أبحث عن تجربة جديدة.

* القائد يولد أو يُصنع؟
– يولد.. أعتقد أنه في كل أنواع الرياضة القائد يفرض حضوره وذاته بفعل موهبته. مثلاً مركز صانع الألعاب في كرة السلة لا يمكن صناعته، وهو يخضع لموهبة وأداء وحضور اللاعب.

* ما هو الحب بنظرك وكيف تعرفت إلى زوجتك؟
– قصتي مع زوجتي جاءت في فترة لم أكن جاهزاً فيها للزواج، والتقيتها بالصدفة بواسطة صديق مشترك، وسارت الأمور بإيجابية وسرعة وتزوجنا بعد سنة وشهرين فقط. وفور رؤيتها ولقائها، أحببتها واعتبرتها الشخص المثالي لبدء مشروع الزواج معها وهكذا كان. والحمد لله رُزقنا بثلاثة أولاد هم الكون كله.

 

* ما هو أكثر شيء تحتاجه في حياتك؟
– الحمد لله أنني قنوع جداً، فأنا من الناس الذين يشكرون الله على نِعمه ومقتنع بما قسمه الله لي. وأشكر الله على منحي الشغف بكرة السلة لأنه العمل الوحيد الذي أجيده. هذه اللعبة التي أطلقتني والتي من خلالها حققت أحلامي. مررت بظروف صعبة لكن تجاوزتها بفضل الله.

* ما هو لونك المفضل؟
– الأزرق.

* ما هو رقمك المفضل؟
– 4، لأنني تأثرت منذ صغري بوليد دمياطي الذي كان يلبس الرقم 4، وهو بات رقمي المميز.

* ممّ تخاف؟
– أنا شخص مؤمن لكنني أخاف من الحسد.. ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

* ما هي الصفات التي تحبها؟..
– الصدق.. أنا شخص تلقائي و”اللي بقلبي عراس لساني” وأقول رأيي مباشرة حتى لو أزعج البعض. صدقي هو ما جعل علاقتي بالنادي الرياضي إدارة ولاعبين مميزة جداً وواضحة. دائماً أواجه ولا أختبئ.

* .. والصفات التي لا تحبها؟
– الطعن في الظهر.. في لعبة كرة السلة هذا الأمر حاضر دائماً.. إلى جانب الكذب والخيانة اللذين أكرههما وأرفضهما.

* ما هي أفضل لحظة في حياتك؟
– هي اللحظة التي شهدت ولادة ابني الأول عمر.. وفوزي بلقب بطولة لبنان عام 2017.

* ما هي أسوأ لحظة في حياتك؟
– يوم خسرت أخي محمد (25 عاماً) رحمه الله عام 1999 في حادث سير في لندن حيث كان يتابع دراسته وهو كان الأقرب لي سناً.. وهي لحظة مطبوعة في قلبي ولا تغادرني.

* ماذا يعني لك لبنان؟
– لبنان هو كل شيء بالنسبة لي. أتمنى أن يستعيد هذا البلد رونقه وألقه لأن المشكلة فينا فنحن لم نكن أوفياء لبلدنا. سافرت كثيراً وجبت كل البلدان ولم أجد مثيلاً للبنان. أتمنى أن لا يعيش أولادي الأوضاع التي عشناها وأتمنى أن يستعيد لبنان “أيامه الحلوة”. نحن في الـ2021 نعاني من غياب ابسط حقوقنا كالكهرباء والمياه وهي أمور بديهية في أي بلد في العالم. نحن شعب يتأقلم بمختلف الأوضاع والظروف وهذا غلط.

* ماذا يعني لك أولادك؟
– عمر والتوأم علي وتاليا.. هم كل شيء بالنسبة لي وأنا أبذل الجهد والعرق كرمالهم.. ووجودهم غيّر فيّ أموراً كثيرة وصار هدفي ضمان عيش كريم وتربية صالحة لأولادي.

* زوجتك في كلمة؟
– سيرين هي حبي والداعم الدائم والأول لي في السراء والضراء. فهي التي تولت شؤون الأولاد والبيت أثناء غيابي في التمارين لساعات طويلة أو في السفر لمعسكرات أو لمشاركات خارجية أو حتى في تجربتي الاحترافية الأخيرة في الكويت لفترة 6 أشهر. هي عامل الاطمئنان لي وصمام الأمان. هذا بالإضافة إلى جهودها في التعليم لأنها تعمل معلمة إلى جانب مسؤولياتها المنزلية. أشكرها على جهودها وعلى كونها عامل الاستقرار الدائم في العائلة.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً