كاسياس: أحتفل منذ عامين بولادتي من جديد

لبنان الكبير

نحن لاعبو كرة القدم نعتقد أننا مراقبون طبياً بشكل أكبر، وبالتالي لن نعاني من مشاكل في القلب، لكن حالات مثل حالتي أو أخرى أكثر خطورة تظهر أن الأمر ليس كذلك لسوء الحظ،” يحدّثنا إيكر كاسياس عمّا يثير قلقه حالياً في اليوم الذي يبلغ من العمر 40 سنة.

في 1 أيار 2019، انقلبت حياته رأساً على عقب. عانى بطل العالم 2010 من نوبة قلبية خلال حصة تدريبية مع فريقه بورتو. في ذلك اليوم تغير كل شيء واضطر للتخلي عن عشقه الأكبر: كرة القدم. بيد أنه وجّه تحفيزه وحماسته إلى مشاريع جديدة.

 

بالتزامن مع عيد ميلاده الأربعين، يتحدث موقع FIFA.com مع إيكر كاسياس للتعرّف إلى هذه المشاريع وتذكّر بعض اللحظات التي ميّزت مسيرته.

* تهانينا بعيد ميلادك الأربعين. ما مدى تميّز هذا اليوم؟

– شكراً جزيلاً على التهنئة. لطالما كان عيد ميلادي مميزاً، لكن منذ عامين بدأت أحتفل أيضاً بتاريخ إصابتي بنوبة قلبية. ففي ذلك اليوم وُلدت من جديد.

 

* حدث ذلك عام 2019 وأجبرك ذلك على اعتزال كرة القدم. هل غير ذلك أولوياتك وعلاقتك بكرة القدم؟

– طبعاً، تلك الأزمة القلبية غيرت حياتي. لقد أجبرتني على التخلي عن أكثر ما أحبه، ألا وهو لعب كرة القدم، بينما كنت لا أزال آمل بمواصلة المشوار. لكن لحسن الحظ الحياة تستمرّ، وتتغير الأولويات فقط. والآن أنا متحمس ومشغول بهذه المرحلة من حياتي وعملي في ريال مدريد، ومؤسستي، والدوري الإسباني، ومشاريع أعمالي.

* كيف توضح لنا الحاجة إلى زيادة الوعي بأمراض القلب وإنقاذ الأرواح؟

– من المهم توعية الجميع بأنه يُمكن اكتشاف أمراض القلب والوقاية منها سواء كنت رياضياً أم لا. فالفحوص الطبية يجب أن تكون روتينية لتجنّب مفاجآت غير سارّة. أتعاون مع عدة مبادرات من أجل دعم المشاريع البحثية. ومن بين هذه المبادرات، أنا فخور بشكل خاص بالتعاون مع “Idoven”، وهي شركة ناشئة في مجال أمراض القلب تجمع تكنولوجيا الذكاء وأطباء القلب. والهدف من ذلك هو الكشف عن الموت المفاجئ والوقاية منه.

 

* هل من المهم أن يُدرك اللاعبون أنهم قد يعانون من مشاكل في القلب؟

– نعتقد، نحن لاعبو كرة القدم، أننا مراقبون طبياً بشكل أكبر، وبالتالي لن نعاني من مشاكل في القلب، لكن حالات مثل حالتي أو أخرى أكثر خطورة تظهر أن الأمر ليس كذلك لسوء الحظ. إذ يتعرّض رياضيو النخبة بشكل أكبر لهذا الضغط البدني الذي يجعلنا ندفع أجسادنا إلى أقصى الحدود ونعاني من لحظات التوتر بسبب المنافسات، وهو ما يُمكن أن يزيد من خطر ظهور هذه المشاكل.

 

* مع الأخذ في الاعتبار كل هذا، ما الذي تحتفظ به من مسيرتك الاحترافية؟ هل تعطي قيمة أكبر لكل ما عشته كلاعب؟

– أحتفظ بكل شيء لأن الأوقات الجميلة استثنائية، لكن الأوقات غير الجميلة قادرة على جعلك أفضل. لكن ظهوري الأول مع ريال مدريد، ولقبي الأول في دوري أبطال أوروبا، وتتويجي بكأس أوروبا مرتين، وبكأس العالم في جنوب أفريقيا هي ذكريات لا تُمحى.

 

* لقد كنت جزءًا أساسياً من العصر الذهبي لإسبانيا، ماذا تتذكر من كأس الأمم الأوروبية لعام 2008 وشخصية لويس أراغونيس؟

– أفضل ذكرى هي الأجواء التي كانت تسود في المنتخب. كنا رفاق وأصدقاء. كانت مجموعة متراصّة بقيادة لويس أراغونيس، الذي منحنا تلك الثقة ودفعنا إلى الإيمان بأنه يمكننا تحقيق كل ما نصبو إليه.

 

* ثم كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا. كيف تتذكر تلك الأيام التي سبقت البطولة وأنتم أبطال أوروبا وأمل البلد؟

– أتذكّرها بكل ثقة. كانت لدينا مجموعة قوية للغاية، يجمعنا التضامن بين الزملاء. لقد كنا فريقاً متحداً. من الواضح أننا بعد الفوز بكأس أوروبا أصبحنا مرشحين، وهذا ما يمثل دائماً ضغطاً ومسؤولية إضافية. إذ ندرك أن بلداً بأكمله يقف خلفنا وأن تحقيق الهدف المنشود بأيدينا. كنا نؤمن بأنه يمكننا التتويج أبطالاً للعالم لأول مرة في التاريخ، وهذا ما جعلنا نمتلك قوة ذهنية وثقة قادتنا للفوز باللقب، لكن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود.

 

* بدأتم مشواركم في كأس العالم بهزيمة أمام سويسرا. وباستثناء الفوز على هندوراس بنتيجة 2-0، كانت جميع الانتصارات حتى النهائي بهدف وحيد.

– كان أداؤنا تصاعدياً. لم نفز بأي مباراة بتفوّق واضح، لكننا كنا فريقاً متراصاً. كنا نعلم أننا سنسجل دائماً، وأنه من الصعب جداً تسجيل هدف في مرمانا. هذه الصلابة في جميع الخطوط والتحكم الدائم في مجرى المباريات جعلتنا متأكدين من تحقيق النجاح.

 

* صدّتك أمام روبن، وكيف هنّأك بويول، ودموعك بعد هدف إنييستا. ماذا تتذكر من تلك اللحظات في نهائي كأس العالم 2010؟

– ما أتذكره هو أن الكرة لم تدخل الشباك (يضحك). كل شيء حدث بسرعة البرق، لكن عندما رأيت روبن قادماً نحوي، بدا الأمر كما لو أن الوقت كان يتباطأ، حدث ذلك بالعرض البطيء. عندما سدّد الكرة تمكنت من صدّها بقدمي. إنها لقطة من المباراة ستبقى خالدة إلى الأبد.

أما بالنسبة لبويول، فالحقيقة أنني لا أتذكّر جيداً ما قاله لي لأنها كانت لحظة حافلة بالمشاعر. لا أتذكّر سوى أنه ضغط علي بشدة. وهدف أندريس جمع كل شيء. انطلقت الهجمة من الدفاع مع ركض نافاس على الجناح. إنييستا، سيسك يمرّر الكرة لتوريس الذي بحث عن أندريس، لكن الخصم قطع الكرة وعادت الكرة إلى سيسك الذي نجح في تمريرها إلى إنييستا.

أتذكر ذلك بالعرض البطيء، الركلة، تلك اللحظة، وكل ما تعنيه.. وبعد ذلك جاءت لحظة الانفجار، وإطلاق العنان لكل المشاعر التي كانت مكبوتة، والهستيريا الجماعية.

 

* وكان مسك الختام الفوز على إيطاليا بنتيجة 4-0 في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2012، وهو أكبر انتصار في تاريخ المباريات النهائية في كأس الأمم الأوروبية..

– لا أحد فاز في المباراة النهائية بذلك الفارق، لكننا كنا نكنّ أيضاً الكثير من الاحترام للخصم. في الجانب الآخر، كان صديقي المحبوب بوفون، وهذا ما يجعلك تضع نفسك أيضاً في مكانه.

 

* على مستوى الأندية، فزت بكل شيء مع ريال مدريد. بدءًا من عام 1997 حين سافرت إلى النروج وصولاً إلى الكابتن العظيم الذي رفع ثلاث مرات كأس دوري أبطال أوروبا.. ما هي أبرز ذكرياتك؟

– أتذكّر كل شيء كتطور. منذ أخرجوني من المدرسة ليتم استدعائي لدوري الأبطال، عشت مسيرة احترافية لم تكن وردية دائماً. الألقاب مهمة للغاية، لكن أفضل لحظة بالنسبة لي كانت عندما وصلت إلى ريال مدريد في سنّ التاسعة. بدأت كحارس أساسي في سن مبكّرة، حيث سجلت ظهوري الأول في لا كاتيدرال [سان ماميس، بلباو]، وهي لحظة لا أنساها. عدت إلى كاستيا. قضيت موسماً كان فيه سيزار يلعب أساسياً، ومن تلك المنافسة يتعلّم المرء أيضاً ليكون أفضل، ويتفوّق على ذاته. كل ما حدث لي، من أمور جيدة وغير جيدة، كان ضرورياً للوصول إلى هنا.

 

 

لحظات في حياة إيكر

@ “مباراتي الأولى مع الفريق الأول في ملعب أسطوري مثل سان ماميس ذكرى لا تُنسى. إنها لحظة سحرية،” عن ظهوره الأول مع ريال مدريد في 12 أيلول 1999.

@ “كانت نقطة التحول هي مباراة إيطاليا في ربع النهائي. أخيراً تخطينا لعنة ربع النهائي، وكان هذا الجيل من لاعبي كرة القدم مستعداً لتحقيق إنجازات عظيمة،” عن لقبه الأول مع إسبانيا في كأس الأمم الأوروبية 2008.

@ “إنه أعظم لقب يمكن الفوز به مع المنتخب. لكن اللقب يعني أكثر من ذلك بكثير. فقد كان لي الشرف والفخر بأن أكون كابتن المنتخب آنذاك، لكن الكأس رفعها معي جميع زملائي وكل الإسبان. عندما عدنا إلى أسبانيا أدركنا حجم الإنجاز الذي حققناه”، حول دلالة تتويج إسبانيا بكأس العالم 2010.

@ “كان ذلك بمثابة تأكيد لهيمنة هذا الجيل على كرة القدم العالمية. لقد ابتكرت إسبانيا أسلوباً، ونموذجاً للعب أنشأ مدرسة في جميع أنحاء العالم وأحبها المشجعون،” عن لقب كأس الأمم الأوروبية 2012 وخاتمة التتويج بألقاب 2008-2010-2012.

@ “كان القرار الأفضل عندما انتهى زمني في ريال مدريد كلاعب كرة قدم. بورتو نادٍ عملاق أيضاً في أوروبا سمح لي بمواصلة المنافسة على أعلى مستوى. سأكون دائماً ممتنّاً له. فحسن معاملة النادي والجماهير ساعدني على التأقلم بسرعة”، عن انتقاله إلى بورتو صيف 2015.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً