رحيل “أيقونة” الكرة اللبنانية

محمد فواز
محمد فواز

ترجل عدنان الشرقي عن صهوة جواده ورحل بصمت بعد أن كان الصوت الصادح في ملاعب كرة القدم اللبنانية قاطبة، وهو صاحب الصولات والجولات في ملاعبها لعقود.

رحل عدنان الشرقي تاركاً إرثاً رياضياً كبيراً، سواء على المستوى اللبناني أو على مستوى نادي الأنصار الذي أهداه هذا العام لقبي الدوري والكأس اللذين أحرزهما خلال تواجده في المستشفى قيد العلاج في أيار الماضي.

ويجتهد الوسط الأنصاري لإطلاق اسمه على ملعب بيروت البلدي حيث أوصى أن تقام مراسم دفنه (ظهر غد الاربعاء)، في سياق ردّ الجميل لصاحب البصمات في تحقيق إنجازات النادي الأخضر.

وُلد عدنان مكداش “الشرقي” عام 1941 ولُقّب بـ “الشرقي” تيمناً بأخيه الأكبر مُنير الذي كان يحمل الكنية عينها عندما كان لاعباً. ونشأ في جو رياضي في منطقة “الطريق الجديدة” في بيروت.

استهل مسيرته لاعباً مع فريق الأنصار إلى جانب فريق مدرسة “البر والإحسان” البيروتية العريقة حيث تعرّف إلى صديقه رهيف علامة، فعملا سوياً مع الأنصار قبل أن يصبح علامة لاحقاً الرجل القوي في الاتحاد المحلي في منصب الأمين العام لفترة طويلة.

في السادسة عشرة من عمره، صار عنصراً أساسياً في تشكيلة الأنصار ومدرباً لفريق الأشبال في الوقت عينه.

 

وقبل أن يتمّ الثامنة عشرة، نال شهادة في التدريب من قطاع الشباب والرياضة في الجامعة العربية في القاهرة، وفي ضوء تألقه، اختير ليكون أول لاعب في عداد المنتخب اللبناني من فرق الدرجة الثانية.

الشرقي الذي لعب مع النجمة لأشهر قليلة عام 1968، حمل أيضاً ألوان الأولمبي السكندري المصري (1967)، ثم عاد الى الأنصار ليباشر رحلته الحقيقية مع النادي كلاعب ومدرّب في آن معاً. وبقي في صفوفه 38 عاماً، حصد خلالها لقب الدوري اللبناني 11 مرة وكأس لبنان 12 مرة.

 

بنى الشرقي الجيل الذهبي للنادي الأخضر، وقاده للهيمنة على اللعبة محلياً طوال 11 موسماً متوالياً ما بين 1988 و1999 ليدخله الى موسوعة غينيس العالمية. كان عبد الفتاح شهاب، عصام قبيسي، نور الجمل، علي فقيه، فادي علوش، محمد مسلماني، الفلسطيني عمر إدلبي وجمال طه أبرز نجوم الفريق والمنتخب اللبناني في تلك الحقبة.

 

كما أشرف الشرقي على تدريب “رجال الأرز” في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العام 1994، وكان العقل المفكر والمدرب الذي صقل العديد من النجوم المحليين في السلسلة التاريخية لنادي الانصار.

 

كان الشرقي، هاوي متابعة الخطط الفرنسية وأحد وجوه الصحافة الرياضية، يدّخر مصروفه من أجل السفر لمعايشة أبرز الاندية الأوروبية على حسابه الشخصي، من أجل تحقيق حلمه بأن يصبح مدرّباً لكرة القدم.

 

أبرز تلك الفترات كانت مع الأرسنال الانكليزي وأجاكس أمستردام الهولندي وميلان الإيطالي وبرشلونة الاسباني، فضلاً عن خوضه تجارب أخرى في مصر في السبعينيات واشهرها تحت إشراف المدرب المجري الشهير ناندور هيديكوتي. التحق لفترة بكلية التربية الرياضيّة في جامعة حلوان بالقاهرة (1965)، إلا أنه استمر لعام واحد قبل أن يضطر للعودة الى بيروت بعد وفاة والده.

 

على الصعيد الشخصي، لطالما نبذ الشرقي إدخال الوسط الرياضي وخصوصاً لعبة كرة القدم في الدهاليز الطائفية والمذهبية، وأكد في العديد من المقابلات أن لبنان “يمتلك المهارات واللياقة البدنيّة والبنية الجسمانية الجيدة، فيما يفتقد الى الإمكانات والاستقرار”.

 

قضى سنواته الأخيرة في القراءة ولا سيما الشعر، فضلاً عن عشقه للرسم والموسيقى، ويراها “ليست بعيدة عن كرة القدم لأنها تحتوي على الإبداع والفن”.

 

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً