العلم الفلسطيني… المنتخب 33 في مونديال قطر

زياد سامي عيتاني

على الرغم من أنّ الفلسطينيين لا يشاركون في منافسات كأس العالم الذي تستضيفه قطر، فإنّ العلمَ الفلسطيني كان النجم الأبرز في هذا المونديال، حتى أنّ حديث وسائل الاعلام العالمية عنه، فاق حديثها عن أبرز نجوم كرة القدم الدوليين المشاركين مع منتخباتهم، فيما اعتبر البعض علم فلسطين المنتخب رقم 33 في هذه التظاهرة الكرويّة.

لطالما ارتبطت ذكريات كأس العالم بشنّ إسرائيل حربين على الفلسطينيين واللبنانيين في العامين 1982 و2006، وجاء مونديال 2022 في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية ملاحم بطولية في الضفة الغربية ضدّ قوات الاحتلال التي صعّدت من قمعها وإرهابها للفلسطينيين بالتزامن مع قدوم حكومة صهيونية هي الأكثر يمينيّة في تاريخ الاحتلال.

كان لاقامة كأس العالم على أراضي دولة عربية، الأثر الكبير في التفاعل الفلسطيني والعربي مع القضية الفلسطينية، وهو أمر لم يحصل في أيّ بطولة سابقة لكأس العالم.

على نحو مختلف عن الدورات السابقة وجد الفلسطينيون هذه المرة دعماً كبيراً لهم من الجماهير العربية برفع الأعلام الفلسطينية، ليس في المدرجات والهتاف لفلسطين وحسب، بل من خلال التوشح بالعلم الفلسطيني وإقامة الفعاليات الداعمة لفلسطين في مناطق المشجعين أيضاً.

إلّا أنّ المشهد الأكثر تأثيراً الذي حرّك الوجدان العربي، من المحيط إلى الخليج، كان عندما رفع لاعبو المنتخب المغربي، العلمَ الفلسطيني بعد فوزهم التاريخي على إسبانيا.

وفي لفتة تعبيرية تضامنية متواضعة مع الشعب الفلسطيني، نستعرض أهم المحطات التاريخية للعلم الفلسطيني، الذي هو بمثابة الهويّة لهذا الشعب الثائر لكرامته وعزّته:

تكوين العلم الفلسطيني:

يتكوّن العَلَم من ثلاثة خطوط أفقية متماثلة هي الأسود والأبيض والأخضر مرتبة من الأعلى إلى الأسفل، وفوقها من الجهة اليسرى مثلث أحمر متساوي الساقين قاعدته عند بداية العلم، ورأس المثلث واقع على ثلث طول العلم.

اللون الأسود هو لون إحدى رايتين كانتا ترفعان في عهد النبي محمد، الأولى سوداء والثانية بيضاء، أما أول لواء رفع في الاسلام فهو لواء أبيض، كما أخذ العباسيون الراية السوداء لواء لهم، في حين أن الفاطميين رفعوا اللون الأخضر في إشارة الى ولائهم لعلي بن أبي طالب الذي تلحف بغطاء أخضر لمّا نام في فراش الرسول، بينما اللون الأبيض اتخذه الأمويون راية تذكيراً براية غزوة بدرٍ الكبرى، واللون الأحمر حمله الفاتحون المسلمون لشمال أفريقيا والأندلس.

الشريف الحسين مصمّم العلم الفلسطيني:

يرجع تصميم العلم الحالي للشريف الحسين كرمز للثورة العربية التي قادها ضدّ الدولة التركية بدعم من الانجليز في حزيران/ يونيو 1916، وعلى الرغم من مشاركة الفلسطينيين في الثورة العربية معه، إلّا أنّه لم يُسمح لهم برفع هذا العلم، لأنّ فلسطين كانت من نصيب الجيوش البريطانية وفق اتفاق مع الشريف الحسين.

علم الانتداب البريطاني:

يذكر أنّه خلال فترة الانتداب البريطاني بين 1920 و1948 أخذ العلم شكلاً مغايراً تماماً، وهو في الحقيقة فُرض غصباً من سلطات الانتداب البريطاني، التي جاءت الى أرض فلسطين في تلك الفترة.

كان العلم حينها يرمز الى فلسطين بمستطيل أحمر اللون، في زاويته اليسرى العُلوية علم بريطانيا، وفي أسفل الزاوية المقابلة دائرة بيضاء “في داخلها اسم الولاية (فلسطين) بالأحرف الانجليزية”.

وحسب المراجع التاريخية، فإنّ ذلك إلى حدّ ما كان غير عادي، نظراً إلى أن جميع الأراضي البريطانية الأخرى في أفريقيا وآسيا كانت أعلامها على أساس أعلام الراية الزرقاء، في حين أنّ النسخة الحمراء كانت تُستخدم في أوروبا وأميركا الشمالية.

لم يعترف الفلسطينيون بهذا العلم لا شعبياً ولا رسمياً، إنما كان يرفع فوق المؤسسات الحكومية التابعة لحكومة الانتداب فقط.

مقترحات عدة للعلم الفلسطيني:

وبالعودة الى علم الألوان الخمسة، فإنّ فكرته تبلورت وبدأت بالظهور بعد اندلاع ثورة البراق، حين أصبح الحِسّ الوطني لدى الفلسطينيين عالياً جداً، وشعروا أنهم بحاجة الى شيء يميّزهم ويرفع من حسّهم القومي والوطني.

أصبح هناك العديد من المقترحات في ما يتعلّق بالنشيد الوطني والعلم، وبالتالي فإنّ أحد أشكال العلم كان يحتوي على اللون البرتقالي، بسبب شهرة فلسطين بزراعة البرتقال. فضلاً عن مقترح مثل شكل العلم (الحالي) نفسه، لكن بإضافة صليب وهلال عن اللون الأحمر أو الأبيض، وهذا (العلم الخماسي) كان أحد الاقتراحات.

ومن المقترحات أيضاً كان هناك تصميم يضمّ أربعة مثلثات، وفي منتصفها صليب وهلال، للدلالة على أنه كان هناك تركيز كبير على الهويّة الدينية (المسلمة والمسيحية)، بعيداً عن اليهودية بالطبع.

وتجدر الاشارة إلى أنّ المقترح جاء على صدر الصفحة الأولى من العدد 111 لجريدة فلسطين، في 20 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1929، تحت عنوان “علم ونشيد”.

تشريع العلم الفلسطيني:

يشار إلى أنّ علم فلسطين بتكوينه الحالي استخدمه الفلسطينيون منذ النصف الأول من القرن العشرين للتعبير عن طموحهم الوطني، بحيث اعتُمد العلم فى إشارة الى الحركة الوطنية الفلسطينية عام 1917.

وعاد الفلسطينيون الى إعادة تبني العلم فى المؤتمر الفلسطيني في غزة عام 1948. وفي ضوء ذلك تمّ اعتراف جامعة الدول العربية بالعلم على أنه علم الشعب الفلسطيني.

رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة:

وافقت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة على رفع علم فلسطين في مقرّها في نيويورك وصدر القرار يوم 11 أيلول/ سبتمبر 2015.

وصوّت للقرار 119 دولة وامتنعت 45 دولة بينما عارضت 8 دول.

شارك المقال