تصدير اللاعبين اللبنانيين: “احتراف” أم “هجرة موقتة”؟

رياض عيتاني

يعتبر الاحتراف حجر الأساس في الرياضة الحديثة، فهو يتيح للاعب بأن يبذل كل امكاناته من دون الانشغال بأي مهنة أخرى بل التفرغ للرياضة فقط، وهذه الناحية مفقودة في لبنان إذ لا نزال في طور الهواية، والبحث عن بوابة الاحتراف رحلة مضنية لم نعثر عليها لافتقادنا إلى مقومات كثيرة.

وعرفت ملاعب كرة القدم اللبنانية في الفترة الأخيرة “فورة تصدير” لاعبين إلى الخارج، لكن ما يسمى بالاحتراف عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ليس بالاحتراف الفعلي، بل إن مجموعة ظروف فُرضت على الواقع العام في البلدان المختلفة ودفعت إلى طلب بعض اللاعبين اللبنانيين الذين وجدوا أيضاً مصلحة في اللعب بعيداً من الدوري اللبناني، وسعياً وراء المكسب المادي.

وان يحترف اللاعب اللبناني في الخارج في الدوريات الدولية، صعب لدرجة المستحيل، لان اللاعب لا يمكنه ان يلعب في أوروبا لانه بحاجة الى الجنسية، ولن يتعاقدوا مع اللاعب اللبناني ويأخذوه على أساس لاعب اجنبي، لأن الفرق التي لديها القدرة على التعاقد مع لاعبين من أميركا، وكل أنحاء آسيا ستفضل التعاقد مع هؤلاء اللاعبين وليس اللبنانيين.

وبالعودة إلى تسعينيات القرن الماضي تأخذنا العديد من المشاهد الجميلة في ملاعب كرة القدم اللبنانية. لاعبون أصابوا النجومية محلياً وبقيت أسماؤهم محفورة في السجلات الذهبية وذاكرة المشجعين المتابعين للعبة عن كثب، والذين يستذكرونهم للتشبيه في كل مرةً تبرز فيها موهبة جديدة أو في كل مناسبة شهدت تألق لاعبٍ من خلفائهم في الملاعب.

وبالتأكيد ساهم عالم “الإنترنت” في فتح المجال للوصول إلى كم أكبر من المعلومات عن اللاعبين، مما مكّن الأندية الخارجية أكثر من التعرف الى اللاعب اللبناني، وذلك في وقتٍ كانت مسألة الكشافين بعيدة عن عمل الأندية سابقاً، فهي حتى أصبحت ناشطة باحتراف في أوروبا خلال التسعينيات. أما في آسيا، فكانت الأمور مرتبطة بلعب هذا الفريق مباراةً ضد فريقٍ أجنبي أو دورة خارجية ليكتشف قدراته النادي الخصم، وبالتالي يملك فرصةً للعب بعيداً من الوطن.

بطبيعة الحال، لا يمكن الحديث عن تصديرِ بالجملة للاعبين لبنانيين إلى بلدانٍ أخرى، بل عن محطات لا يمكن وسمها بالاحتراف الصرف إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الاحتراف هو عبارة عن بناء اللاعب مسيرة واضحة وناجحة في بلدٍ أو أكثر فيها استمرارية ممزوجة بالتألق تبقى راسخة في أذهان متابعي اللعبة، تماماً كما فعل رضا عنتر ويوسف محمد في ألمانيا وحسن معتوق في الإمارات سابقاً.

هذه الأسماء هي عبارة عن استثناءات، إذ إن وجهة اللاعب اللبناني محصورة ببلدانٍ معينة في آسيا، أمثال ماليزيا وإندونيسيا، أو في بلدانٍ عربية مثل العراق والأردن. طبعاً مع بعض الاستثناءات الخاصة حصراً بلاعبين ولدوا كروياً خارج لبنان، فاحترفوا في بطولات أهم، أمثال جوان العمري، وباسل جرادي، وغيرهم من العناصر الذين برزوا مع المنتخب بعد استعادة جنسيتهم للعب مع منتخب الوطن.

أما سبب العمل على استقطاب اللبناني وقبول بعض اللاعبين اللبنانيين على الرغم من أن مستواهم عادي لا يخولهم للعب بعيداً من لبنان، فهو أولاً الأنظمة المتعلقة باللعبة في بعض البلدان، حيث يسمح بإضافة لاعبٍ آسيوي إلى أجانب الفريق. علما أن نوعية اللاعب اللبناني ومستواه هما أفضل من اللاعب المحلي في بطولات وطنية مثل ماليزيا وإندونيسيا على سبيل المثال لا الحصر.

شارك المقال