ابنة طرابلس دموع البقار علامة فارقة في الملاعب اللبنانية

رياض عيتاني

بفضل ثقتها بنفسها وجرأتها، وثقافتها الرياضية الواسعة ومثابرتها، تمكنت ابنة مدينة القبة في طرابلس دموع البقار من أن تدخل عالم كرة القدم ومنه إلى عالم التحكيم، لتسجل حضورها التاريخي في لبنان بعد أن أصبحت أول سيدة تقود مباراة في دوري الرجال.

نشأت البقار في بيئة محافظة عام 1990، وعشقت كرة القدم منذ صغرها. لعبت بداية في صفوف فريق العربي طرابلس للبنات، وبدأت تدريجاً تطور مهاراتها. لم تقتصر نشاطاتها على ممارسة اللعبة، بل شاركت في دورات تدريبية مع الفيفا والاتحاد النروجي حيث حصلت على شهادة في التدريب.

وعن انتقالها من اللعب إلى التحكيم تقول البقار: “شاركت في دورات التحكيم، بهدف التعرف الى أمور أكثر في كرة القدم ليس أكثر. وأحببت التحكيم وحصلت على المرتبة الأولى في المعسكر التدريبي الذي أُقيم في مدينة النبطية”.

وتضيف: “بدأت مسيرتي في عالم التحكيم كحكم مساعد، بعدها حكم ساحة، وعام 2016 خضعت لاختبارات في القانون واللياقة البدنية، وعلى هذا الأساس أصبحت حكماً دولياً، وعام 2018 ذهبت إلى ماليزيا وأصبحت حكم نخبة”.

برعت دموع في تحكيمها للمباريات، ليس مباريات الشابات وحسب، وإنما الرجال أيضاً، وهنا كان التحدي الكبير. فعندما بدأت تحكم مباريات الرجال سمعت الكثير من الكلام وشاهدت نظرات الاستهجان، وفق دموع التي تشير الى أنها سمعت البعض يقول فلتذهب إلى المطبخ هذا ليس مكان المرأة، “إلاّ أنهم عندما شاهدوا تحكيمي وأدائي خلال المباريات، تبدّلت النظرة كليّاً، ولم أعد أشاهد أو أسمع أي شيء له علاقة بالتمييز بين الرجل والمرأة في عالم الكرة”.

وتؤكد أن “الحكم يفرض نفسه في المباراة، من خلال حضوره، فهمه للقانون، خبرته، لغة جسده، وتمكنّه خلال المباراة”.

وتتابع: “على الرغم من نظرة المجتمع التي ترى عيباً في لعبة كرة القدم للبنات كونها سترتدي ثياباً قصيرة، أو بسبب النظرة السائدة أنها ستصبح صبيانية وتفقد أنوثتها، إلا أن أهلي لم ينصتوا الى هذه الأصوات وشجعوني”.

أبرز البطولات التي حكّمتها دموع كانت بطولة الجامعات الدولية عام 2017، والمباراة التي لا تنساها مباراة البرازيل وكندا.

كما حكّمت تصفيات آسيا تحت 19 عاماً في منغوليا وطاجكستان وأوزبكستان، بالاضافة إلى تصفيات أولمبياد طوكيو الأولى والثانية، والعديد من بطولات غرب آسيا في البحرين ودبي والأردن والسعودية ولبنان، والألعاب الصيفية في الفليبين وفيتنام.

وتعتبر دموع “أننا غيّرنا نظرة المجتمع، فالناس التي كانت تنتقدنا للعب الكرة، اليوم باتت تشجعنا وتفتخر بنا”.

وتوجّه رسالة الى الفتيات بأن النجاح ممكن، وتقول: “على كل فتاة أن تعرف ماذا تريد وماذا تحب، وأن تعتمد على نفسها، وألا تلتفت إلى رأي الناس الذي عادة يكون سلبياً، وأدعوهنّ إلى المثابرة”.

فالبقار ابنة مدينة طرابلس التي تعاني الحرمان، لكنها تصدّر للعالم أبناء وبنات، يرفعون اسمها كما اسم لبنان.

شارك المقال