كرة قدم النساء تزدهر في لبنان

رياض عيتاني

تُعرف كرة القدم بأنّها “لعبة خشنة” يمارسها الرجال ويتنافسون على بطولاتها. وربّما لم يخطر في بال أحد في يوم من الأيام أن تحترفها النساء ويتألّقن في ميادينها حيث يحاولن باستمرار نزع الطابع الذكوري عن هذه اللعبة، التي سحرت ملايين البشر.

قبل سنوات التحق لبنان بركب “كرة القدم النسائية”، لكنّ مسابقات النسوة لم تحظَ بعد بما يجب أن تناله من اهتمام على مستوى المسؤولين ومن وسائل الاعلام. غير أنّ العتب مرفوع، لأنّ الغبن يلحق بكرة الرجال بصورة مماثلة أيضاً. وهو ما تعتبره الشغوفات بهذه اللعبة تقليلاً من شأنهنّ وتهميشاً لجدارتهنّ، خصوصاً بعد تشكيل منتخبات وطنية نسائية للمشاركة في الاستحقاقات الخارجية. وهذه المنتخبات تنظّم صفوفها بصورة مطّردة، وتشارك في المسابقات العربية والقارية، حيث حقّقت اللاعبات اللبنانيات نجاحاً لافتاً في أكثر من مناسبة.

واللافت أن النظرة إلى كرة القدم النسائية في لبنان تغيّرت على صعيد العادات والتقاليد، في ظلّ تزايد عدد الأندية واللاعبات، والتحاق عدد كبير من اللاعبات المحجّبات بأندية الكرة الناعمة.

ومن اللافت نمو هذه اللعبة في منطقتين محافظتين تقليدياً في لبنان، وهما الشمال والجنوب. فبعدما كانت اللاعبات من هاتين المنطقتين يقصدن بيروت للالتحاق بنواديها وممارسة اللعبة، لم يعُدن بحاجة إلى ذلك بعد تأسيس أندية جديدة في طرابلس والجنوب.

أسباب الازدهار

ويشير معدّل الأعمار المنخفض للّاعبات اللبنانيات، عموماً، إلى إقبال أجيال واعدة على الكرة النسائية.

ومن بين الأمور اللافتة أيضاً ازدحام روزنامة بطولات الفتيات بما يوازي، لا بل يتفوّق على عدد بطولات الرجال، إذ ينظّم الاتّحاد 7 مسابقات للكرة الناعمة (بطولة السيدات والشابات والناشئات والفتيات وكأس لبنان وسباعيات السيدات وكأس السوبر).

لكن على الرغم من توسُّعها وانتشارها، لا تزال اللعبة تعاني تهميشاً إعلامياً، إذ لا تكاد وسائل الاعلام المحلية تذيع أخبار نشاطات كرة القدم النسائية، بما يتناقض مع دول العالم الراقية حيث تحظى كرة السيدات باهتمام إعلامي مع دخول اللاعبات عصر الاحتراف واهتمام الاتحاد الدولي “الفيفا” المتزايد بنشر اللعبة ودعمها.

وعلى الرغم من نقد البعض ولامبالاة البعض الآخر، تستمرّ كرة السيدات في لبنان في شقّ طريقها، وقد حملت لها الأشهر الأخيرة خبراً ساراً، مع إعلان انطلاق دوري أبطال آسيا، وهو أمر سيتيح للكثيرات من اللاعبات اللبنانيات فرص الاحتراف والتطوّر.

تُنظَّم كأس آسيا لمنتخبات السيدات مرّةً كل أربع سنوات، ويأمل الاتحاد الآسيوي أن تحقّق هذه البطولة الجديدة نهضة للكرة النسائية في القارة الصفراء على غرار التقدم الحاصل في أوروبا. وهذا يرتِّب على المشاركات استيفاء معايير معينة وأن تكون البطولات منظّمة تنظيماً جيّداً. وسيساعد هذا الأمر بالطبع على تطوير المسابقات الوطنية ويسمح للّاعبات بالظهور.

تمتلك آسيا بعض المنتخبات المرموقة على صعيد السيدات، على غرار الصين واليابان، لكنّ مستوى اللعبة لا يزال بعيداً جداً عن المستوى في الولايات المتحدة وأوروبا.

شارك المقال