… متى دور الرياضيين المقيمين؟!

محمد فواز
محمد فواز

أن يشارك في الأولمبياد، ذلك طموح وحلم أي رياضية أو رياضي في لبنان والعالم لما لهذه المناسبة من أهمية قصوى لكونها المحطة الأبرز التي تجمع كل 4 سنوات أكثر من عشرة آلاف بطلة وبطلاً من مختلف أرجاء المعمورة يتنافسون لإحراز ميدالية تعتبر تتويجاً لمسيرتهم، وذلك ضمن معايير تقوم على مبادئ المساواة والنزاهة والسلام.

وقبل كل أولمبياد، تتجه الأنظار إلى الأولمبية اللبنانية حيث تطرح علامات استفهام حول كيفية اختيار البعثة الوطنية وتشكيل الوفد المرافق للاعبين من إداريين ومدربين، ويكثر الحديث عن محسوبيات. لكن عملية الاختيار باتت مرهونة بالمعايير الصارمة المحددة من قبل اللجنة الأولمبية الدولية والتي تجعل مشاركة الرياضيين والرياضيات المحليين صعبة جداً، فيجري البحث أوتوماتيكياً عن الرياضيين المغتربين الذين يتدربون وفق معايير عالية والذين يملكون مستويات تؤهلهم للمشاركة في الأولمبياد.

وفي ظل تفاوت المستوى بين الدول على جميع الصعد الفنية والمادية واللوجيستية، فإن الكلام عن تحقيق ميدالية يبقى مرتبطاً بشكل عضوي بعملية الاستعداد والتحضير لأن صناعة الميدالية تتطلب برنامجاً ممتداً على مدى سنوات حتى يقترب الرياضي أو الرياضية من المستوى العالمي الذي يخوله المنافسة على ميدالية أولمبية مهما كان لونها. فالميدالية الأولمبية تحتاج إلى عمل متواصل وإلى خطة عمل متكاملة تبدأ بتأمين شق مادي وشق إداري.

هذه الصناعة ليست موجودة لا بل معدومة في لبنان، في ظل القحط المادي الذي تعانيه الاتحادات وانعدام البرامج الاستعدادية والرعايات الاعلانية والإعلامية للاعبين واللاعبات، لذا يتم اللجوء – كالعادة – إلى الرياضيين والرياضيات المغتربين أو المتواجدين في الخارج والذين يمارسون الرياضة بمعايير عالية تمكنهم في بعض الالعاب ولا سيما منها الفردية من مجاراة الركب العالمي والاقتراب من المستوى الذي يؤهلهم لإحراز ميدالية.

ففي السابق، كان لبنان يملك بعض اللاعبين المميزين على صعيد الألعاب الفردية بمهارات جيدة لكن عدم التعامل معهم باحترافية إضافة إلى ظروف العمل والتمارين أعاقت عملية تطوير مستوياتهم، فعملية الإحتراف لا تبدأ فقط في الرياضة بل هي سلسلة متكاملة تبدأ من النادي واللاعب فالمدرب والاتحاد ومكان التدريب ومدى تفهم حاجات اللاعب، وللأسف هذه الامور الأساسية للمنافسة ما زالت مفقودة في بلدنا.

وفي البعثة الأولمبية الحالية إلى ألعاب طوكيو، ينطبق هذا الاختيار “الخارجي” على 4 لاعبين ولاعبات من أصل ستة هم: إلياس ناصيف (جودو – البرازيل)، ومنذر كبارة (سباحة – أميركا)، وغابرييلا الدويهي (سباحة – كندا)، والرباعة محاسن فتوح (رفع أثقال – أميركا).

وهذا الوضع بات محبطاً للرياضيين المحليين الذين بات حلم المشاركة في الأولمبياد مستحيلاً جراء الإمكانات المعدومة من دون أن ننسى اليوم الوضع الاقتصادي المالي المأزوم. فمثلاً لولا انتماء لاعب الجيش نور الدين حديد الذي يمارس ألعاب القوى إلى المؤسسة الرياضية في المؤسسة العسكرية لما تمكن من ضمان الحضور في الأولمبياد لأنه شبه متفرغ للرياضة ويمارسها بشكل يومي، لكن تعوزه البرامج ذات المستوى العالي التي تمكنه من تحسين أرقامه التي تجعل منه حاضراً دائماً في الأولمبياد.

وحدها راي باسيل بطلة الرماية القادمة من مشاركتين في الأولمبيادين السابقين في لندن 2012 وريو دي جانيرو 2016، والتي تملك رعاية أي “سبونسور” ورعاية من لجنة التضامن الأولمبي والتي تدربت بشكل شبه احترافي يمكنها من مقارعة الكبار في المنافسات العالمية وتحت إشراف مدرب إيطالي معروف هو ماركو بونتي.

على صعيد حظوظ إحراز ميدالية للبنان في طوكيو، تتقدم الرماية بشكل أساسي، فراي باسيل هي من أفضل الرماة على صعيد العرب وآسيا كما أن ترتيبها الدولي عالٍ جداً. والمرشّح الثاني لمنح لبنان ميدالية هو ناصيف الياس، بطل الجودو الذي يعيش خارج لبنان.

وما من شك أن فتوح وكبارة والدويهي وحديد سيبذلون قصاراهم لتقديم تمثيل مشرّف، علما أن فتوح تأهلت إلى الأولمبياد من خلال تصفيات وليس من خلال بطاقات “عالمية الرياضة” كحديد وكبارة والدويهي.

أخيراً، أسست اللجنة الأولمبية اللبنانية عام 1946 وانتسبت إلى اللجنة الأولمبية الدولية عام 1947 فيما سجلت أول مشاركة دولية عام 1948 في أولمبياد لندن في ألعاب الرماية والمصارعة والملاكمة.

وفي سجل لبنان 4 ميداليات أولمبية، اثنتان منها فضيتان واثنتان برونزيتان، فيما لم يحقق رياضيو لبنان أي ذهبية. الميدالية اللبنانية الأولى كانت فضية عبر زكريا شهاب في أولمبياد هلسينكي 1952 في المصارعة الرومانية، ثم تبعتها فضية ثانية عبر محمد طرابلسي في أولمبياد ميونيخ 1972 في رفع الاثقال. أما أول برونزية فكانت عبر خليل طه في أولمبياد هلسينكي 1952 في المصارعة الرومانية اليونانية، ثم البرونزية الثانية عبر حسن بشارة في أولمبياد موسكو 1980 في المصارعة الرومانية اليونانية أيضاً.

شارك المقال