رفيق الحريري… نجح في ترجمة العلاقات الدولية المهمة لصالح الرياضة

عمر عبدالباقي

الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فقده لبنان وتيتم في غيابه، وهذا الواقع الباهت يتجلى في المجال الرياضي، فهذه الشخصية كانت رائدة في كل المجالات ومنها الرياضة التي مثل عموداً فقرياً لها في لبنان، بحيث كانت ترافقه في خطواته وجوانب حياته، فكان يدعم ويشجع كل الألعاب الرياضية، في زمن كان البلد يخرج من بشاعة الحرب الأهلية التي دمرت مجالات الترفيه فيه كلياً، ولا سيما الرياضة التي جعلها مصدر فخر وطموح لا يتحقق الا بوجوده.

الصادق: كان يستيقظ باكراً لمتابعة بناء المنشآت

النائب وضاح الصادق يوضح لـ”لبنان الكبير” أنه بدأ مسيرته في مجال التسويق الرياضي، ومن ثم في مجال الرياضة التلفزيونية، “ومن هنا توجه إليّ الرئيس الشهيد رفيق الحريري بطلب تأسيس قسم رياضي، مستنداً إلى إيمانه بأهمية الرياضة من جانبين: أولاً، للشباب، وثانياً، كمحفز سياحي للبلد. لذا، كانت لديه أهداف في استضافة بطولات عالمية مثل سباق فورمولا واحد وبطولة العالم للراليات والبطولات العربية، وتم تحقيق ذلك في العام 1997 مع استضافة دورة الألعاب العربية وعام 2000 مع استضافة كأس آسيا”.

يضيف الصادق: “كانت الرياضة تحظى بمستوى عالٍ من الاهتمام من الرئيس الحريري، فقد كانت تُعَدُّ ساحة لإبراز جمال لبنان، ووسيلة لاستقطاب الرياضيين البارزين وجماهيرهم إلى البلد. كانت تجربتي في تلفزيون المستقبل خاصة في التغطيات الرياضية التي منحني فيها الرئيس الحريري صلاحيات واسعة ومطلقة للعمل، ورأيت بنفسي حرصه الكبير واهتمامه العميق بالرياضة عندما قرر استضافة الدورة العربية. فمن الأمور التي كنت شاهداً عليها أنه كان يستيقظ باكراً في السادسة صباحاً ليتابع عن كثب تقدم الأعمال في بناء المنشآت الرياضية، وهذا الاهتمام استمر بين عامي 1997 و2000، حين تولى رئاسة الوفد اللبناني الذي سافر لتقديم طلب استضافة كأس آسيا وبالطبع، لم يكن هذا الأمر سهلاً على الإطلاق، فالأمر يتطلب التزاماً ببناء المنشآت الرياضية والفنادق وغيرها”.

ويؤكد الصادق أن “الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان ملتزماً ومهتماً بمتابعة المنشآت التي أصبحت للأسف الآن مهملة ومتروكة للسرقات بعد رحيله”.

خوري: رحل الحريري ولبنان ليس المضيف

النائب الأول لرئيس الاتحاد الآسيوي للفروسية اللواء سهيل خوري الذي كان يرأس اللجنة الأولمبية في عهد الرئيس الشهيد يقول لموقع “لبنان الكبير”: “لو كان الرئيس معنا حتى اليوم، لكانت حال الرياضة في لبنان أفضل من باقي الدول، واذا لم نكن الأفضل فعلى الأقل في المستوى نفسه من الجيدين. لا أتذكر مرة قصدت فيها الرئيس رفيق الحريري في أمرٍ ما ولم يلبِ طلبي في الوقت المناسب، سواءً كان ذلك بالنسبة الى دعم الرياضيين أو غيرهم”.

ويشير الى “أننا في إحدى المرات، رشحنا لبنان لاستضافة الألعاب الآسيوية الشتوية، وكانت الصين منافساً مُرشحاً ضد لبنان لاستضافة الحدث. بناءً على طلب الرئيس رفيق الحريري قُمنا بإعداد الملفات اللازمة من دون أي دعم من الدولة وتم إعداد الملف بالتعاون مع لجنة الاتحاد الرياضي فقط، وقمنا بالاستعداد بصورة جيدة وسافرنا إلى الكويت، وتمكنا من الفوز على الصين والحصول على حق استضافة هذا الحدث الرياضي المهم. ولكن بعدها بفترة جاء ذلك اليوم المشؤوم وتوفي الرئيس”.

ويتابع: “بعد فترة، عقد اجتماع لنا في الكويت، وحضر رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح الذي سألني إذا كنا مصرين على استضافة الحدث؟ بالطبع، وبناءً على حماسي له، أجبت بالتأكيد. ولكن، قال لي الشيخ الصباح كيف سنتمكن من تنظيم هذا الحدث من دون رفيق الحريري؟ هل هناك إمكان لذلك؟ هنا بعد التفكير، أدركت بالفعل صحة ملاحظات الشيخ الصباح الذي يدرك تماماً أيضاً قوة الرئيس ودعمه. واجهتنا مشكلة بوجود عقد يفرض دفع غرامة قدرها حوالي ٢ مليوني دولار على الدولة التي تفوز باستضافة الحدث وتعتذر عنها، ولكن بفضل جهود الشيخ الصباح، تم تعديل بعض القوانين لنتمكن من تجنب الدفع، وبالتالي لم نستضف الحدث”.

الشيخة: خطط لمباريات برشلونة وريال مدريد في لبنان

المدير العام للمنشآت الشبابية والرياضية الكشفية سابقاً رياض الشيخة يعتبر أن “الرئيس رفيق الحريري رفع مستوى الرياضة في لبنان إلى مستوى عالٍ، وأحد أبرز الأمثلة على ذلك هو استضافتنا بطولة كأس آسيا عام 2000. ويعود هذا الإنجاز إلى العلاقات الدولية المهمة التي نجح الرئيس الحريري في ترجمتها لصالح الرياضة”.

ويقول الشيخة: “شاهدت هذه البطولة بنفسي على مدرجات الملاعب في أبو ظبي عام 2018، فتخيل أن لبنان قام بإستضافة هذه البطولة التي استضافتها الامارات، قبل ثمانية عشر عاماً، وذلك بفضل جهود رفيق الحريري”.

ويؤكد الشيخة أن “الرئيس رفيق الحريري كان يتمتع برؤية واضحة ومشاريع متعددة لتطوير هذا المجال، ومن بينها كان يطمح بشدة الى إقامة مباريات بين برشلونة وريال مدريد في لبنان، وحتى وجود الأندية الايطالية أيضاً”، موضحاً “سافرت إلى إيطاليا والتقيت الاتحاد الإيطالي للتوصل إلى اتفاق حول كيفية استضافة لبنان لنهائي كأس إيطاليا. ولكن، في العام نفسه، توفي الشهيد رفيق الحريري، وللأسف لم نتمكن من تنفيذ هذا الحدث الذي فازت به الصين في ذلك الوقت”.

شاكر: كان يقول لبنان أهم من الباسكت بول

يذكر مدير الأنشطة الرياضية في النادي الرياضي في بيروت جودت شاكر ببداية علاقة نادي الرياضي برفيق الحريري في فترة قبل التسعينيات، قائلاً: “سمعنا عن وجود رجل أعمال لبناني ذي صيت طيب وكريم، فقررنا كوفد من نادي الرياضي مقابلته لمناقشة إقامة قاعة مغلقة للنادي، لم تكن لديه حينها، فأبدى استعداداً كاملاً لدعم النادي، وخصص ميزانية له، وطبعاً اقترحنا على الرئيس أن نسمي القاعة باسمه، ولكن بتواضعه الشديد، رفض هذا الاقتراح وأكد أن الرئيس صائب سلام هو رجل دولة عظيم وفخر لنادي الرياضي. وهكذا اتخذت القاعة اسم الرئيس صائب سلام منذ ذلك الحين. بعدها بدأ الرئيس الحريري يظهر تدريجياً بصورة أكثر وضوحاً في الساحة اللبنانية”.

ويشدد شاكر على أن “رفيق الحريري كان يتمتع بروح غير مادية تعززت بالتفاني والعطاء، إذ لم يكن يهتم بتسمية المنشآت والمراكز باسمه كمقابل لدعمه المالي. فهذا التواضع النبيل لم يكن سمةً معروفة في قاموس الرئيس الراحل، مستذكراً موضوع اعادة تأسيس ملعب المدينة الرياضية في بيروت، “فعندما قرر الرئيس إعادة إعمار ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية بعد تدميره جراء العدوان الاسرائيلي، طرحت عليه اقتراحات لتغيير اسم الملعب ليصبح باسم رفيق الحريري، ولكنه رفض هذا الاقتراح قائلاً: لسنا هنا لنمحو الأسماء، بل نسعى الى إعادة إحياء هذا المكان كما كان وباسمه الأصلي”.

وعن تشجيعه وشغفه بالمتابعة الرياضية، يقول شاكر: “كان الرئيس مشجعاً ومتحمساً لكل الفرق، وخصوصاً في رياضة كرة السلة، كان يشجع نادي الرياضي بشغف، ولكن كان يفرح بفوز أي فريق لبناني. وفي إحدى المرات، عندما خاض فريقنا مباراة ضد نادي الحكمة ونحن فريق الرياضي خسرنا، دعا الرئيس رفيق الحريري فريق الحكمة الى مائدة الغداء تكريماً لفوزه”.

ويتابع: “نظراً الى القلق العميق للرئيس الشهيد بشأن الوضع الرياضي والوطني في لبنان، كان يسعى جاهداً الى حل أي خلاف ينشأ بين الأطراف المختلفة. في فترة التسعينيات، تعرض نادي الرياضي لخلاف مع الاتحاد الرياضي بسبب قضايا تتعلق بأداء التحكيم، وهدد النادي في ذلك الوقت بالانسحاب من البطولة. عندما علم الرئيس الشهيد بذلك، استدعى على الفور ادارة نادي الرياضي وقال: أنا مستعد دائماً لدعم الرياضة، ولكن استقرار لبنان ووحدته هما الأهم، يولد تهديد الانسحاب من البطولة خلافات ومشكلات، ولا نرغب في أن نعود لنتذكر خلافات الحرب التي مرت علينا. وبفضل حكمته، أقنع الرئيس ادارة النادي بالتراجع عن قرار الانسحاب واستئناف المشاركة في البطولة، على الرغم من الاحتجاج بسبب الأداء التحكيمي، وقال لهم الرئيس: لا يهم إذا كانوا يغشون أم لا، فالمهم هو سلامة لبنان، ولبنان أهم من الباسكت بول”.

شارك المقال