إعادة النظر ضرورية وحتمية… أولمبياً

محمد فواز
محمد فواز

مع إسدال الستارة على المشاركة اللبنانية في أولمبياد طوكيو، يبدو أن اللجنة الأولمبية المحلية مدعوة ليس إلى تقويم هذه المشاركة التي لا يمكن نعتها بأقل من “المخيبة” فحسب، بل إلى إعادة نظر شاملة في عملية الاختيارات والتحضيرات حتى يتسنى للبنان إحراز الميدالية الخامسة التي ما زال يبحث عنها منذ 41 عاماً.

هذه الخيبة الجديدة تضاف إلى الحالة “السوداوية” التي تخيم على البلاد، والمشاركون اللبنانيون دفعوا ثمن عدم الاهتمام بالرياضيين بالشكل المطلوب ومنحهم الميزانيات المطلوبة. الواضح أن اللبنانيين لم يكونوا جاهزين، والأكيد بسبب ضعف التحضيرات مقارنة ببقية الدول التي ترصد ميزانيات هائلة لرياضييها. ويضاف ذلك إلى جائحة كورونا التي قلصت المشاركات الخارجية للاعبين والتي تؤمن الاحتكاك لأي لاعب أو رياضي وتُكسبه الخبرة. ويضاف إلى هذا كله ضعف المنافسات المحلية والتي لا تؤمن للاعبين المميزين الاحتكاك المطلوب، وبالتالي لا تتطور مستوياتهم مقارنة بالدول الأخرى. 

عملية إحراز ميدالية أولمبية تبدو بعيدة جداً عن لبنان على الرغم من بعض التقدم المسجل لدى بعض اللاعبين لكن جراء الاستعداد خارج الوطن، لذا باتت إعادة بناء علمية مطلوبة وبقوة وبمعايير مختلفة. فالرياضيون الستة الذين شاركوا في 5 ألعاب، لم يتمكنوا من تحقيق أي تقدم بارز. 

الخيبة الكبيرة جاءت من المرشحَيْن الأبرزين لإحراز الميدالية الأولمبية، أي راي باسيل (رماية) وناصيف الياس (جودو)، فيما كان متوقعاً أن لا تسفر نتائج المشاركين الأربعة الآخرين سوى عن تحسين بعض الأرقام الخاصة بهم، وإن بدا أن مشاركة منذر كبارة (سباحة) ومحاسن فتوح (رفع أثقال) واعدة بعض الشيء.

فقد خرجت الرامية راي باسيل باكراً من منافسات الرماية – الحفرة تراب، بعد فشلها في التأهل إلى الأدوار المتقدمة، واكتفت بجولتين لم تحقق فيهما النتيجة المطلوبة، على الرغم من الآمال الكبيرة التي كانت معقودة عليها والرعاية المخصصة لها والتي تفوق بأضعاف تلك المخصصة للمشاركين الآخرين. فبعدما جمعت في جولتي التصفيات 114 صحناً من أصل 125، حلت باسيل في المركز الـ21 بين 26 رامية. وهي توجّهت بالإعتذار من كل اللبنانيين الذين كانت تأمل أن تحمل لهم أخباراً سارة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها موضحة بأن قرار اعتزالها سابق لأوانه.

كما خرج لاعب الجودو ناصيف الياس من مباراته الأولى في الأولمبياد، ولم يكن على قدر الآمال المعقودة عليه من قبل أصحاب الشأن، إذ اصطدم عند التحدي الأول بالكوري الجنوبي لي سونغهو ثالث القارة الآسيوية وخسر بفارق 10 نقاط وخرج من التصفيات، علماّ أنه سبق لناصيف الفوز على سونغهو نفسه خلال بطولة العام 2019.

من جهتها، حققت الرباعة اللبنانية محاسن فتوح نتيجة “مقبولة” في مسابقة رفع الأثقال لفئة 76 كلغ إذ حلّت في المركز التاسع في الترتيب العام بين أفضل 10 رباعات في العالم في فئتها. ورفعت فتوح 88 كلغ ثم 93 كلغ وأخفقت في وزن 97 كلغ وحلّت في المركز الثالث في مجموعتها. وفي النتر، رفعت الرباعة فتوح 112 كلغ ثم 118 كلغ فـ124 كلغ على التوالي محرزة المركز الأول في فئتها مشاركة مع الرباعة البريطانية فيكتوريا إميلي .وبلغ المجموع العام 217 كلغ ورقمها السابق هو 215 كلغ وبالتالي عززت رقمها في سابقة فنية لربّاعة في تاريخ رفع الأثقال اللبنانية.

وعزّز السباح منذر كبارة رقمه في مسابقة 200 متر متنوعة إذ سجل 2:03:08 دقيقتين معززاً رقمه السابق البالغ 2:03:49 د. وقال كبارة إنه “يشعر بفخر كبير لأن رقمه الجديد هو أول رقم للبنان في الألعاب الأولمبية ضمن فئة (B cut) وبذلك ضمن تأهله لبطولة العالم 2021 وقد أهدى هذه النتيجة للبنان ولأهله والمدرب”.

وأخفقت السباحة غابرييلا دويهي في تعزيز رقمها في سباق 200 متر حرّة والمسجّل باسمها عام ٢٠١٩ والبالغ 2:08:48 د، عندما سجلت في طوكيو رقما بلغ 2:11:29 د. وقالت دويهي إنها ستشارك في البطولة العربية خلال تشرين الأول وفي بطولة العالم في كانون الأول المقبلين وكلاهما سيقامان في أبو ظبي. 

واختتمت المشاركة اللبنانية في طوكيو بخسارة عداء الجيش اللبناني نور الدين حديد (28 سنة) في سباق الـ200 متر، ضمن منافسات ألعاب القوى. وسجل حديد زمناً قدره 21:12 ثانية، وأخفق في تعزيز رقم لبنان البالغ 20:83 ثانية، وحلّ في المركز الثامن والأخير ضمن الدور الأول من مجموعته.

اللجنة الأولمبية اللبنانية وعدت بتشكيل لجنة تقويم لنتائج بعثة لبنان إلى أولمبياد طوكيو، للعمل على معالجة الأخطاء بالتعاون مع الاتحادات الرياضية، لخوض المنافسات المقبلة بصورة أفضل وتحقيق نتائج إيجابية. ويبقى المطلوب البدء بالتحضيرات باكراً لكي لا تتكرر هذه التجارب، وتكون بعثة لبنان في الألعاب الأولمبية في باريس 2024 قادرة على تحقيق ميدالية واحدة على الأقل.

انتهت مشاركة لبنان في طوكيو، وبقيت الميدالية الأولمبية الأخيرة تعود إلى 41 عاماً، وتحديداً إلى أولمبياد موسكو 1980 عبر المصارع حسن بشارة، وبقي رصيد لبنان الأولمبي مجمداً عند 4 ميداليات هي برونزيتان وفضيتان.

شارك المقال