هل تستعيد رياضتنا توازنها بعد الجائحة والأزمة المالية والانفجار؟!

محمد فواز
محمد فواز

وكأنه لا يكفي الرياضة اللبنانية تعثراً وتراجعاً طوال السنوات الماضية على الرغم من “الومضات” من هنا وهناك، حتى جاءت جائحة كورونا-19 والأزمة المالية والاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت لتضربها في الصميم وتفرض عليها ثباتاً عميقاً ومخيفاً قد لا تقوم لها قائمة من بعده.

فقد بات الجميع اتحادات وأندية وإداريين وفنيين ورياضيين، أمام مشكلة حقيقية قد تؤدي إلى المزيد من التعقيد خصوصا مع التوقف الكامل تفادياً للفيروس، فيما ينذر الوضع المالي السيئ بالأسوأ أيضاً، مع عدم إيجاد الحلول التي تضمن حقوق الرياضيين خصوصاً المتفرغين منهم.

وما إن بدأت الرياضة المحلية تتلمّس درب الخروج من النفق المظلم، حتى جاء انفجار مرفأ بيروت في 4 آب ليعمّق جراحها أكثر، إذ طالت الأضرار العديد من الأندية والمنشآت الرياضية، ما أدّى إلى تأجيل الاتحادات البطولات ثم إلغائها.

ونجا لاعبا النجمة إدمون شحادة وعبد الله عيش بأعجوبة من الموت جراء الانفجار خلال عودتهما من تمارين الفريق إلى الشمال اللبناني حيث يقطنان. وتعرّضت سيارة عيش لأضرار كبيرة. وأصيب رئيس نادي الانترانيك فيكين جيرجيان ومدرّب الفريق جورج عقيقي ومساعده جوني نمر بجروح مختلفة في أنحاء أجسادهم، جرّاء تطاير الزجاج في ملعب النادي الكائن في سنتر دمرجيان في النقاش، وقد نُقلوا إلى المستشفى لتلقّي العلاج، في وقت خضع جيرجيان لجراحة لنزع شظايا الزجاج من رأسه.

كذلك تعرّض مقرّ الاتحاد اللبناني لكرة القدم الواقع في فردان إلى أضرار مادية بعد تكسّر نوافذ زجاجية عديدة، في حين لم يصب أيّ موظف بأذى. كما تعرّض مقر نادي الراسينغ بيروت في الجميزة لأضرار مادية كبيرة. وتضرّرت عشرات محال الـgym في بيروت وأعلنت إقفالها بشكل تام عقب انفجار المرفأ، ريثما تعيد إصلاح ما عانته من أضرار.

وعانى الرياضيون بشكل عام وضعاً نفسياً معقداً، وهو الأمر الذي دفع نادي النجمة مثلا إلى الاستعانة بمعالج نفسي لإخراج اللاعبين من أيّ ضغوط. ومع التوقّف الطويل تراجع مستوى اللاعبين، وتقلّصت حظوظهم في الاحتراف خارج لبنان.

ويمكن القول ان ترتيبات خاصة للتعامل مع الواقع المالي المستجد فرضت تقشفاً حاداً في الألعاب الجماعية، فبعض الأندية تخلصت من لاعبيها وأجهزتها الإدارية والفنية المرهقة مادياً، بينما تحمل البعض الآخر القليل مسؤوليته إزاء لاعبيه وموظفيه.

كما بات تحديد عقود اللاعبين اللبنانيين بالعملة الوطنية أمراً واقعاً، مِع صرف النظر عن الاستعانة بلاعبين أجانب، لصعوبة تأمين دولار أميركي من السوق، علما أن الأندية اللبنانية تعتمد في الأساس على مصادر تمويل خاصة في غياب الدعم الرسمي، الذي يقتصر على مساعدات مالية شحيحة.

وغابت الرعاية الإعلانية عن الأندية والاتحادات، فضلاً عن أزمات تلاحق شبكات التلفزة المحلية التي سارعت إلى خفض معاشات العاملين فيها، لغياب الإعلانات التجارية، من دون أن ننسى إبعاد الجمهور بشكلٍ جازم عن المباريات تفادياً لانتشارٍ أكبر للوباء العالمي.

في المقابل، أعطت الأزمة المالية والصحية فرصة لانطلاقة متجددة للألعاب الجماعية، وأهمها منح فرصة أكبر للاعبين الشبان لخوض المباريات، وبالتالي تأمين تخريج جيلٍ جديد للمستقبل. وسيفتقد الجميع الأجانب كثيراً، لكنّ غيابهم لا بدّ أن يعطي فرصةً للاعبين المحليين عليهم استغلالها.

ومع انتهاء الإقفال العام بسبب الجائحة، يحاول الرياضيون والرياضيات التقاط الأنفاس واستعادة الإيقاع عبر إطلاق أنشطتهم وإن ببطء، فيما يسعى بعض الرياضيين إلى التأهل إلى أولمبياد طوكيو في الصيف، لمرافقة الرامية المتألقة راي باسيل التي ضمنت وحدها حتى اليوم الحضور في الاحتفال العالمي.

وهكذا فإن اتحادات الالعاب الجماعية تسعى جاهدة إلى استعادة الحضور التدريجي في الملاعب عبر إحياء وإطلاق مختلف بطولاتها بأنظمة مقتضبة تقلص الضغط على اللاعبين العائدين إلى “الهواية” من الاحتراف المقنّع، خصوصاً بعد تراجع سعر صرف الليرة الوطنية مقابل الدولا،ر وبالتالي تراجع مداخيل الأندية ثم اللاعبين واللاعبات على حد سواء. وبات من الطبيعي أن تشهد الألعاب الجماعية هبوطاً مدوياً على كل المستويات، لأن التراجع الكبير لا يمكن تعويضه إلا بعد سنوات.

وتسعى اتحادات الألعاب الفردية إلى النهوض من كبوتها معوّلة على تألق بعض لاعبيها ولاعباتها لتأكيد الحضور على الساحة الرياضية، مطلقةً بعض بطولاتها بخجل ودائماً ضمن المعايير المحددة من قبل اللجان الطبية المختلفة في “الحرب” على كورونا-19 والاوضاع المستجدة.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً