نقطة… وتألق مطر وإيجابيات يُبنى عليها!

محمد فواز
محمد فواز

رُبّ قائل إن المنتخب الوطني لكرة القدم الذي خاض “معركتين ضاريتين” أمام الإمارات وكوريا الجنوبية ضمن التصفيات الآسيوية لمونديال قطر 2022، أسفرتا عن نقطة يتيمة من ست ممكنة في ظل خطة دفاعية بحتة، كان يجب أن يتجرّأ ويلعب من الندّ للندّ ويهاجم ويطرق مرمى المنافسين لا أن يتقوقع دفاعياً أمام الحارس المتألق مصطفى مطر الذي اعتبره البعض النقطة المضيئة الوحيدة في الـ180 دقيقة.

قبل الدخول في عملية تقويم للمنتخب وأدائه في الإمارات وكوريا الجنوبية، هناك سلسلة نقاط يجب التوقف عندها:

1 – المدير الفني التشيكي إيفان هاشيك تم تعيينه قبل شهر من انطلاق التصفيات وبالتالي المدة الزمنية لوضع البصمات على أداء المنتخب قصيرة زمنياً.

2 – غياب عناصر مؤثرة عن المنتخب لأسباب مختلفة منها الاصابات لكورونا وتمنّع باسل جرادي عن مرافقة الفريق إلى كوريا.

3 – الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلد وباللعبة وجعلت من رواتب لاعبينا “أضحوكة” غير قابلة للصرف، على الرغم من “الجهود المادية” التي يبذلها اتحاد اللعبة.

4 – محترفونا يلعبون ضمن دوريات أفضل منّا لكنها متوسطة المستوى.

5 – نظام الهواية في مسابقاتنا، ولاعبونا المحليون خاضوا آخر مباراة لهم قبل 5 أشهر.

6 – العشب الذي يتدرب عليه لاعبونا استعداداً للتصفيات هو اصطناعي فيما غاب العشب الطبيعي عن معظم ملاعبنا.

7 – غياب الدولة بشكل كامل عن أي شكل من أشكال الدعم للرياضة عموماً وكرة القدم خصوصاً.

هذا غيض من فيض من المعاناة على أشكالها التي يتعرض لها منتخبنا على المستويات كافة. وعلى الرغم من كل ما سبق، تأهّل المنتخب الذي يلعب بـ”اللحم الحيّ” إلى الدور الحاسم من التصفيات الآسيوية للمونديال وتم تصنيفه بين أفضل 12 منتخباً على مستوى آسيا، مما يعني أيضاً أن المستوى تقلص بيننا وبين منتخبات الصف الأول في القارة وما النتيجتان اللتان تحققتا سوى انعكاس لذلك.

نقطة واحدة من ست ممكنة، صفر أهداف مسجلة في مباراتين، هدف في مرمانا، أداء رجولي وإن كان بمعظمه دفاعياً، بعض لمسات المدير الفني التشيكي ظهرت في اللقاءين، تألق لافت جداً لحارسنا مصطفى مطر الذي لولاه لتلقت شباكنا نصف دزينة من الأهداف على الأقل، إلى نقاط إيجابية يمكن الانطلاق منها استعداداً إلى النافذة المقبلة من التصفيات الآسيوية والتي ستشهد لقاءين أمام كل من العراق وسوريا. ويبدو أن منتخبنا قادر على لعب دور “مخربط” حسابات كل المنتخبات في المجموعة الأولى.

أمام الإمارات وكوريا الجنوبية، منتخبنا كان في “معمودية نار” جديدة، خصوصاً في سيول حيث توعّد الكوريون اللبنانيين بهزيمة “ثقيلة”. المنتخب اللبناني تعامل بواقعية كبيرة مع الموقف واستطاع أن يحرج الإمارات وكوريا الجنوبية اللذين يتفوقان عليه بالإمكانات المادية والبشرية، وهذا يؤشر إلى إمكانية صنع المفاجآت في الجولات المقبلة.

مما لا شك فيه أن هاشيك أوعز إلى لاعبيه بضرورة الدفاع قبل أي شيءٍ آخر، لأنه أراد احتواء الإمارات وتفادي خسارةٍ ثقيلة في كوريا. هذه الخطة كانت معقولة ومناسبة، فأثمرت نقطة من الاماراتيين الذين لم يكونوا أفضل منا، ولم تخرج بنتيجة مثالية أمام الكوريين الذين نجحوا في تهديد مرمى المتألق مصطفى مطر الذي كان بطلاً بتصديه لوابل التسديدات من مختلف المسافات على مدار المباراتين، فكان أفضل لاعبي “رجال الأرز” في اللقاءين.

طبعاً كان من الصعب على هاشيك فتح الملعب خصوصا أمام الكوريين أصحاب الباع الطويل في البطولات والتأهل إلى نهائيات المونديال إذ لم يغيبوا منذ 1986 عن العرس العالمي، وكانوا ينطلقون بسرعةٍ رهيبة على الجناحين خصوصاً، ومن إحدى هذه الانطلاقات جاء الهدف الذي مُني به مرمانا في الشوط الثاني. لكن هذا الهدف كشف فوارق الخبرة واللياقة البدنية إلى جانب ابتعاد بعض لاعبينا عن المباريات لفترةٍ غير قصيرة.

نقطة أخرى يجب التوقف عندها هو التأثير الإيجابي لربيع عطايا في كل مرّة يدخل فيها إلى أرض الملعب حيث يلعب دور المحرك، إذ لم تكن التشكيلة الأساسية تحتمل إشراك لاعب غير قادر على القيام بالمجهود المضاعف، علماً أن لبنان وخلال بعض فترات اللقاءين ترك شعوراً بأنه بإمكانه تقديم أداء أفضل دفاعياً وهجومياً.

في المباراتين، لم تتم إعارة أي اهتمام لاسم ثقيل غائب أو غير جاهز للمشاركة بل إن الأكثر جاهزية والأفضل هو من لعب في نهاية المطاف. كما أن اللاعبين الناشطين في الدوري اللبناني أثبتوا أنه بإمكانهم الارتقاء إلى مستوى التحدي، وتحديداً الوجوه الجديدة كالظهير الأيمن عباس عاصي، والحارس مطر.

وهذا الفوز الثاني توالياً لمنتخب “محاربي التايغوك” على “رجال الأرز” في غضون 86 يوماً، إذ كانا تواجها في الدور السابق للتصفيات المزدوجة حينها فاز الكوري بصعوبة ايضاً 2-1. ورفع المنتخب الكوري بهذا الفوز رصيده الى اربع نقاط، بعدما كان تعادل مع ضيفه العراقي سلباً في الجولة الأولى، فيما تجمد رصيد لبنان عند نقطة تعادله مع الإمارات.

ويبقى أنه على الجهاز الفني إجراء تقويم شامل لأداء لاعبي المنتخب، أساسيين واحتياطيين، والعمل على معالجة الثُغر على المستويات كافة وتعزيز الايجابيات بشكل ينعكس على أدائنا أمام سوريا والعراق الشهر المقبل. ومع نهاية النافذة الأولى من الدور الحاسم للتصفيات، يبقى الأكيد أنه عندما يجد منتخبنا التوازن دفاعياً وهجومياً، فسيصبح منافساً مزعجاً للآخرين.

شارك المقال