اليوم المنتظر لقطر ينتهي بخسارة محبطة

لبنان الكبير

بعد انتظار دام 12 عاماً، حلّ اليوم المنتظر لقطر التي افتتحت الأحد كأس العالم لكرة القدم بخسارة محبطة لمنتخبها أمام الإكوادور بهدفين، على وقع شكوك وجدليات ومزاعم وتكهنات لم تنقطع منذ منحها حق الاستضافة، خلطت عالم الرياضة بالسياسة والأعمال والبيئة وحقوق الإنسان.

على استاد البيت في مدينة الخور الشمالية الذي يبعد نحو خمسين كيلومتراً شمال العاصمة الدوحة والمستوحى من الخيمة التقليدية التي سكنها أهل البادية، افتتحت قطر البطولة المقامة مرّة كل أربع سنوات أمام 67 ألف متفرّج تقدمهم أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وبعد حفل افتتاحي انطلق بآيات قرآنية عن التقارب بين الشعوب وشهد حضور الممثل الأميركي الشهير مورغان فريمان واستذكار النسخ المونديالية السابقة، قال آل ثاني الذي كان جالساً إلى جانب والده الأمير السابق للبلاد “سوف يجتمع الناس على مختلف أجناسهم وجنسياتهم وعقائدهم وتوجهاتهم هنا في قطر وفي جميع القارات للمشاركة في اللحظة ذاتها”.

أضاف “ما أجمل أن يضع الناس ما يفرقهم جانبًا لكي يحتفلوا بتنوعهم وما يجمعهم في الوقت ذاته”.

وتنفس القطريون الصعداء بعد صافرة البداية لأول مونديال في الشرق الأوسط ودولة عربية كلّف أكثر من 200 مليار دولار وفق تقديرات مختلفة، بعد انتقادات لاذعة للدولة الخليجية الغنية بالغاز، بسبب مواضيع شتّى تتراوح من شراء الأصوات، مناخ الإمارة الحارّ ومجتمعها المحافظ إلى سجلّها في مجال الحريّات وحقوق الإنسان وخصوصاً التعامل مع العمال المهاجرين من جنوب القارة الآسيوية ومجتمع الميم.

مونديال الأمل

قبل ساعات قليلة من انطلاق أكبر حدث كروي، وهو الأول في بلد عربي مسلم، تصاعدت الأجواء وسط الدوحة مع تدفق المشجعين من الأركان الأربعة للكرة الأرضية.

على الكورنيش، المتنزه السياحي الكبير على طول خليج الدوحة، وبالقرب من حديقة البدع، بدأ المشجعون الذين يرتدون ألوان منتخبات بلادهم في رفع أصواتهم تشجيعاً لها، غالبيتهم من مكسيكيين يرتدون القبعات التقليدية الشهيرة “سومبريرو”، والأرجنتينيين.

على طول الطريق المؤدية إلى الاستاد، ارتفعت الأعلام القطرية على مداخل البيوت ومن نوافذ السيارات.

كان الازدحام ملحوظاً للسيارات الساعية للوصول إلى الملعب، بعدما اقترحت السلطات على المقيمين استخدام آلياتهم لإتاحة شبكات المترو والباصات لنقل الجماهير الآتية من الخارج.

يقول مبارك البالغ من العمر 50 عاماً وكان في الملعب مع ثلاثة من أصدقائه “جئت بالسيارة من الوكرة. الطريق سهلة وسلسة”.

ويضيف الخمسيني الفارع الطول الذي يرتدي الزيّ القطري التقليدي الأبيض إن هذا “مونديال الأمل”، مشيراً إلى أنه حجز تذكرتين لمباراتين: الافتتاح، وقطر أمام هولندا.

ويتابع لوكالة فرانس برس “نحن فرحون وفخورون باستضافة المونديال. وأنا هنا اليوم لأشجّع العنابي. التحدّي صعب نعم، لكن الحماسة أكبر”.

هجوم “دفاعي”

وعشية انطلاق منافسات المجموعة الأولى التي تضم أيضاً هولندا والسنغال اللتين تلتقيان الإثنين على ملعب الثمامة المستوحى من القحفية التقليدية، شنّ رئيس فيفا السويسري جاني إنفانتينو حملة “دفاعية” في وجه الانتقادات الغربية لمنح قطر الاستضافة، وقال السبت من المركز الإعلامي في مركز قطر الوطني للمؤتمرات “أنا هنا ليس لاعطائكم دروساً في الحياة، لكن ما يحصل في الوقت الحالي هنا ليس عادلاً على الاطلاق. الانتقادات المتعلقة بكأس العالم تنم عن نفاق”.

وتتوقع قطر التي يقطنها نحو 3 ملايين نسمة بينهم 90% من الأجانب، حضور أكثر من مليون مشجع إلى البلاد على مدار البطولة التي تستمر لـ29 يوماً، لكن تساؤلات كثيرة طُرحت في الأشهر الأخيرة حول قدرتها على استيعاب هذا العدد. سيمكث مشجّعون كثر في فنادق أو شقق أو مخيمات في الصحراء أو على متن سفن، مقابل أسعار متفاوتة.

ملاعب جديدة

وخلافاً للنسخ السابقة من المونديال الذي انطلق عام 1930 في الأوروغواي، انتقلت المنافسة من فصل الصيف إلى مشارف الشتاء، بسبب درجات الحرارة الملتهبة في الخليج صيفاً، ما أثار حنق البطولات الأوروبية الكبرى المجبرة على تجميد منافساتها لمدة شهر على الأقل.

ستة ملاعب تتسع لنحو أربعين ألف متفرّج هي خليفة الوحيد المعاد تجديده، 974 (راس بوعبود سابقاً)، أحمد بن علي (الريان)، الجنوب (الوكرة سابقاً)، الثمامة والمدينة التعليمية، مقابل ستين ألف متفرج لاستاد البيت وأكثر من ثمانين ألفاً لاستاد لوسيل الذي يستضيف المباراة النهائية في 18 كانون الأول/ديسمبر في اليوم الوطني لقطر، ويتوقع أن يتابعها مليار متفرّج حول العالم.

“العنابي” بعد فترة العزل

فنياً، يبدو ان المنتخب القطري سيجد صعوبة في تجنب تجربة جنوب إفريقيا التي أصبحت عام 2010 أول دولة مضيفة تودّع من الدور الأول.

رغم حصوله على إمكانات هائلة في السنوات الماضية، من خلال رعاية اللاعبين في أكاديمية أسباير المترفة، وتخصيص جهاز فني بقيادة الإسباني فيليكس سانشيس الذي ترعرع في أكاديمية لا ماسيا التابعة لنادي برشلونة الإسباني وقام بعزله خمسة أشهر في أوروبا بعيداً عن أعين “المتطفلين”، الا انه مني بخسارة صريحة امام الاكوادور 0-2 بهدفي المخضرم إينير فالنسيا.

أقرّ سانشيس بالاخفاق “لن اقدّم الاعذار، اهنئ الخصم على هذا الفوز، لدينا الكثير من الامكانيات. لم نقدم افضل ما لدينا، ربما بسبب التوتر لم تكن البداية جيدة لا بل كانت سيئة وتلقى مرمانا هدفين”.

شعار كأس العالم قطر 2022

انسحاب الأفضل ووصيفه

وبعد ثلاثة أيام من انسحاب السنغالي ساديو مانيه، افضل لاعب إفريقي ووصيف أفضل لاعب في العالم، لاصابة تعرّض لها مع فريقه بايرن ميونيخ الألماني، تعرّضت فرنسا حاملة اللقب لصفعة قوية، تمثلت بانسحاب مهاجمها المخضرم كريم بنزيمة.

عانى مهاجم ريال مدريد من اصابة في العضلة رباعية الرؤوس لفخذه الأيسر، ستبعده عن الملاعب ثلاثة أسابيع، بعد موسم مميز قاد خلاله فريقه الإسباني إلى لقبي دوري أبطال أوروبا والليغا المحلية.

وتوزّعت المنتخبات الـ32 المشاركة على ثماني مجموعات، قبل رفع العدد إلى 48 في مونديال 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

شارك المقال