مسيرة مظفرة للمنتخب المغربي سطرت إسمه بالذهب 

زياد سامي عيتاني

حقق المنتخب المغربي إنجازاً تاريخياً للكرة العربية بتأهله التاريخي لدور ربع النهائي من بطولة كأس العالم ٢٠٢٢، نظير فوزه على المنتخب الاسباني أحد المرشحين للفوز باللقب بركلات الترجيح بعد التعادل من دون أهداف، وأصبح “أسود الأطلس” أول منتخب عربي ورابع أفريقي يتأهل لدور الـ٨ في تاريخ كأس العالم.

فقد كتب المنتخب المغربي في مونديال قطر التاريخ، وسطر إسمه بالذهب داخل قلوب العرب، وصار “الأيقونة” التي يلتفون حولها من المحيط إلى الخليج.

إنه بالفعل إنجاز تاريخي غير مسبوق، وملحمة كبيرة سطرهما مدرب ولاعبو المنتخب المغربي بأداء يمزج بين كل معاني الفن الكروي الممتع.

وبات المنتخب المغربي، حديث صحف العالم بعد أن صنع التاريخ في نهائيات كأس العالم، ودوّن إسمه بحروف من ذهب في عالم الساحرة المستديرة.

وهذا الفوز المحق للمنتخب العربي المغربي، لم يكن “فلتة شوط” أو “ضربة حظ”، بل انه يمتلك كل المقومات التي تجعل منه منتخباً ينافس الكبار ويحسب له ألف حساب، وذلك من خلال وجود مدرب رائع هو وليد الركراكي الذي يملك فكراً تكتيكياً عالياً وقراءة مميزة للخصوم، وأصبح أول مدرب أفريقي في تاريخ كأس العالم يصل الى دور ربع النهائي، إضافة الى قيمة اللاعبين المميزة وفي مقدمهم الحارس ياسين بونو وأشرف حكيمي وحكيم زياش وسفيان مرابط ويوسف النصيري ورومان سايس وغيرهم. كما أن إحتراف غالبية اللاعبين في أوروبا ساعد المنتخب كثيراً على ما وصل إليه، ناهيك عن الروح والعزيمة والحماس من جميع اللاعبين وهذا ما يميز عرب أفريقيا، وأخيراً يجب أن لا ننسى المؤازرة الجماهيرية الكبيرة من جميع العرب لـ”أسود الأطلس”، الذي أدخل الفرحة الى قلوبهم وهم التواقون الى نشوة الانتصار.

وفي ما يلي عرض للمسيرة المظفرة للمنتخب المغربي مع كأس العالم، قبل التأهل لنسخته القطرية:

المشاركة الأولى في مونديال 1970:

شارك “أسود الأطلس” في المونديال للمرة الأولى في تاريخه في البطولة التي استضافتها المكسيك عام 1970، وعلى الرغم من توديع البطولة من دور المجموعات، فقد ترك أصدقاء إدريس باموس وأحمد فرس، انطباعاً جيداً في المباراة الأولى، التي انهزموا فيها أمام المنتخب الألماني بهدفين لهدف، ثم خسروا في المباراة الثانية بثلاثية نظيفة أمام البيرو، قبل أن ينتزع المنتخب المغربي تعادلاً إيجابياً (1-1) في المباراة الأخيرة أمام بلغاريا.

المشاركة الثانية في مونديال 1986:

أبرز ذكرى بقيت عالقة في نفوس المغاربة كباراً وصغاراً، هي مونديال المكسيك 1986، الذي حقق فيه المنتخب المغربي أفضل إنجازاته على الإطلاق في تاريخ مشاركاته في كأس العالم، بتأهله إلى الدور الثاني بعد أن صنع الحدث، وتصدر مجموعته، إثر التعادل في مباراتين ضد المنتخبين الانجليزي والبولندي، والفوز على المنتخب البرتغالي بثلاثة أهداف لهدف (ثنائية عبد الرزاق خيري، وهدف لميري)، ليكون بذلك المغرب أول منتخب عربي وأفريقي يصعد إلى الدور الثاني في كأس العالم.

وشاءت الأقدار أن يصطدم المنتخب المغربي في الدور الثاني بالماكينات الألمانية، المنتخب الأول آنذاك في أوروبا، والذي كان يضم أبرز اللاعبين الذين لا يزال الألمان يتغنون بأمجادهم أمثال: لوثر ماتيوس، فولر، رومينغي، والحارس شوماخر… لكن على الرغم من قوة الألمان فقد قدم الأسود عرضاً جيداً أبهر المتاعبين، قبل أن ينهزموا بصعوبة بهدف في آخر دقائق المباراة، عن طريق ضربة ثابتة نفذها اللاعب ماتيوس.

المشاركة الثالثة في مونديال 1994:

كانت المشاركة في بطولة كأس العالم التي أقيمت في الولايات المتحدة الأميركية عام 1994 الأسوأ للمغرب في المونديال، بخروجه من دور المجموعات بعد ثلاث هزائم في مبارياته الثلاث، الأولى أمام بلجيكا (0-1)، والثانية أمام منتخب السعودية (1-2)، وفي الأخيرة أمام هولندا (1-2).

المشاركة الرابعة في مونديال 1998:

استعاد المنتخب المغربي هيبته في مونديال فرنسا، وقدم أداء راقياً في دور المجموعات، فبعد التعادل أمام النروج بهدفين لمثلهما، (هدفا مصطفى حجي وعبد الجليل هدا)، وهزيمة منطقية أمام المنتخب البرازيلي بثلاثية، فاز على المنتخب الاسكتلندي بثلاثة أهداف من دون رد، من توقيع كل من عبد الجليل هدا، وصلاح الدين بصير في مناسبتين.

لكن السيناريو الصادم للمباراة الأخرى التي جمعت النروج بالبرازيل ضمن المجموعة نفسها، والتي انتهت بهزيمة غير متوقعة لراقصي “السامبا”، عجّل في خروج “أسود الأطلس” من دور المجموعات بصورة “مريرة ومخيّبة”.

المشاركة الخامسة في مونديال روسيا 2018:

على الرغم من أن قرعة مونديال روسيا وضعت المنتخب المغربي في مجموعة حديدية تضم منتخبات إيران وإسبانيا والبرتغال، فكرة القدم لا تعرف المستحيل وتبقى حظوظ المغرب قائمة لتجاوز دور المجموعات وتكرار سيناريو مونديال 1986، وتخليص المغاربة من كابوس مونديال فرنسا الذي رافقهم لعقدين من الزمن.

أبرز اللاعبين:

تدين الكرة المغربية لجيل ملهم من اللاعبين الذين تألقوا بصورة لافتة مع منتخب “أسود الأطلس” في المسابقات القارية والعالمية. ومن ألمع هؤلاء النجوم أحمد فراس، الهداف التاريخي لـ “أسود الأطلس” برصيد 42 هدفاً وصاحب الكرة الذهبية لأفضل لاعب أفريقي لسنة 1976 بعد مساهمته في تتويج المنتخب بلقب أمم أفريقيا في العام نفسه.

وإجمالاً، حظي 4 لاعبين مغاربة بشرف الحصول على الكرة الذهبية لأفضل لاعب أفريقي وهم إلى جانب فراس، كل من محمد التيمومي سنة 1985 وبادو زاكي في 1986 ومصطفى حاجي في 1998، كما برز لاعبون آخرون مثل نور الدين نيبت الذي يحمل الرقم القياسي في عدد المشاركات الدولية برصيد 115 مباراة، وعزيز بودربالة وصلاح الدين بصير وسعيد شيبة والطاهر لخلخ وعبد الجليل حدة وآخرون.

كما ضم منتخب المغرب عدداً آخر من اللاعبين البارزين في بداية الألفية الحالية وخلال السنوات الماضية أمثال مروان شماخ وجواد الزايري ومهدي بن عطية ومبارك بوصوفة ويوسف صفري وغيرهم.

أبرز المدربين:

إقترن تألق المنتخب المغربي بمدربين أجانب أبرزهم الروماني جورج مارداريسكو الذي قاد “أسود الأطلس” الى الانجاز القاري الوحيد في 1976، والبرازيلي جوزي ماريا الذي كان وراء التأهل للدور الثاني في مونديال 1986 والفرنسي الراحل هنري ميشال الذي كان مدرباً للأسود في مونديال فرنسا 1998 ومواطنه هرفي رينارد الذي درب المغرب في مونديال روسيا 2018.

وترك عدد من المدربين المغاربة بصماتهم في تاريخ المنتخب مثل بادو زاكي الذي بلغ معه نهائي كأس أمم أفريقيا 2004.

شارك المقال