لماذا يلقّب المنتخب المغربي بـ “أسود الأطلس”؟

زياد سامي عيتاني

“أسود الأطلس” هو اللقب الذي يطلق على منتخب المغرب، تماماً كما كان أداء لاعبيه خلال المباريات التي خاضوها في كأس العالم بنسخته القطرية المبهرة، وإذا كان الأسد يلقب بـ “ملك الغابة”، فإن المنتخب العربي المغربي يستحق أن يلقب بـ “ملك مونديال 2022”.

وانتشر هذا اللقب بصورة كبيرة بعد تأهل المنتخب المغربي الى ربع النهائي، عقب فوزه المستحق والتاريخي على المنتخب الاسباني، بحيث كانت المباراة شيقة وممتعة، وأظهر خلالها قوة ومهارة وعزيمة، فاستحق اللقب بكل جدارة وإقتدار.

ربما غالبية من تطلق هذا اللقب على المنتخب المغربي لا تعرف سببه، ولماذا يطلق عليه، لذلك، سنوضح من خلال هذا التقرير، الخلفية التاريخية لاطلاق إسم “أسود الأطلس” على منتخب المغرب.

بداية تجدر الاشارة إلى أن لقب “الأسود” يعتبر واحداً من أكثر الألقاب شيوعاً بين منتخبات أفريقيا، لا سيما منتخبات المغرب والكاميرون والسنغال، التي تعتبر 3 من أقوى المنتخبات في القارة السمراء.

في الكاميرون يطلقون على منتخبهم اسم “الأسود غير المروضة” في دلالة على أن لا أحد باستطاعته الوقوف أمامه. وفي السنغال “أسود التيرانغا” وهو ليس مجرد لقب وإنما له معنى عميق في ثقافتهم، وأصوله تعود إلى مجموعة “الولوف” وهي مجموعة عرقية موجودة في غرب أفريقيا.

أما المنتخب العربي المغربي فيطلق عليه “أسود الأطلس”، وذلك بسبب إمتداد جبال الأطلس على حدود المغرب، والتي تعتبر واحدة من أعلى السلاسل الجبلية في العالم وتمتد على طول الجزء الشمالي الغربي من القارة الأفريقية ويبلغ ارتفاع أعلى قمة فيها نحو 4167 متراً.

وتتميز الجبال الأطلسية بكونها ذات طرق وعرة تجعل من الصعب تسلقها، حالها كحال المنتخب المغربي العنيد الذي يصعب تجاوزه في المباريات.

أما في ما يخص لقب “الأسود”، فتعود تلك التسمية إلى وجود نوع من الأسود النادرة التي عاشت في جبال الأطلس حتى نهاية القرن العشرين ولكنها انقرضت بعد ذلك. وسميت هذه الأسود بـ “البربرية” أو “النوبية”، وامتازت بالشراسة والقوة الجسمانية التي تفوق القوة المعتادة للأسود، مما دفع المغاربة الى إطلاق لقب “الأسود” على منتخبهم تيمناً بالقوة غير الطبيعية لتلك الأسود التي عاشت في جبال الأطلس.

ومن أهم ما يميز هذا الأسد شراسته وهدوؤه في الوقت نفسه وضخامة جسمه ومتانته ومهاراته أثناء الصيد. أما ما كان يميز شكله فهو اللون بين البني الغامق والأبيض.

كذلك يتميز الأسد البربري بفروته الداكنة الممتدة وراء الكتفين حتى البطن، وقوة عضلاته، وخفّته التي اكتسبها بالتسلق والصيد في الأعالي.

الأسود البربرية كانت تجوب الصحراء والجبال في شمال أفريقيا، بدءاً من المغرب إلى مصر، حتى جنوب الصحراء الكبرى. وكان يُعتقد سابقاً أنها أكبر سلالات الأسد، إلا أنها تعتبر الآن مجموعة فريدة من أسود شمال أفريقيا.

كان الرومان قديماً يستقدمون أسود الأطلس من شمال أفريقيا، ويجوّعونها لتصبح شرسة، ثم يطلقونها على المقاتلين والمجرمين المحكوم عليهم بالاعدام. وكانت القبائل تصطادها لتقدمها إلى سلاطين المغرب كعربون بيعةٍ وولاء.

ويعتقد أن آخر أسد بربري بري ربما قتل في العام 1922 على يد صياد إستعماري فرنسي في المغرب.

بناء على أوضحناه، فإن هذه السلالة النادرة والمميزة من الأسود، جعلت المغاربة يتخذونها رمزاً للدلالة على قوتهم وبأسهم منذ أن كانوا يقيمون في مناطق تواجدها، حتى أن “أسد الأطلس” هو شعار للأسرة العلوية التي تحكم المغرب، بحيث يحيط أَسَدان بتاج الملك في شعار الحكم كرمز لحماية العرش.

وتأكيد على رمزيته لدى المغاربة، فإن تمثالاً كبيراً لأسد الأطلس يستقبل الزوار الذين يأتون يومياً إلى حديقة الرباط، ويتجمعون عند المكان المخصص لأسود الأطلس لاقتناص فرصة مشاهدتها وأخذ صورة مع آخر ملوك الغاب في المغرب.

من هنا، جاءت تسمية المنتخب المغربي بـ “أسود الأطلس”، كنوع من الدفع المعنوي للاعبيه ليكونوا أسوداً في الملاعب، لا سيما خلال مشاركاتهم في بطولتي أفريقيا وكأس العالم.

ويمكن التأكيد أنهم في هذا المونديال كانوا فعلاً أسوداً، فاستحقوا لقبهم “أسود الأطلس”.

شارك المقال