الدولار الطالبي: ملاحقة المصارف على باب الدار

عبدالله ملاعب

يُطَبِق قانون الدولار الطالبي شهره السابع مع نهاية نيسان، وسط اشتداد أزمة انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي والصرخات المستمرة لأهالي طلاب الخارج الذين لايزالون يشتكون من تمنّع المصارف اللبنانية عن السماح لهم بإرسال أموالهم إلى أولادهم، وبالتالي عدم تطبيق القانون الذي يبدو وكأنّه انضمّ إلى غيره من القوانين التي تتطلب “جهادين”: الأول لِسَنِّها والثاني لتطبيقها.

تؤكد هذه القضية، أن اللعنة تلاحق اللبنانيين أينما ذهبوا، فطلاب لبنان في الخارج يعانون الأمرّين منذ أواخر العام 2019 حينما أصبحت كل حقوق اللبنانيين في خطر محدق، لا سيما حق الشباب بالتَّعلّم.

يجيز قانون الدولار الطالبي للمصارف اللبنانية تحويل ما لا يزيد عن 10 آلاف دولار لمرة واحدة في العام الدراسي، لكل طالب تَسَجَّل في الجامعات أو المعاهد التقنية العليا في العام الدراسي 2019 – 2020 أو قبل، فيسمح بإرسال ما لا يتخطى المبلغ المذكور سابقاً من حسابات الطلاب أو أولياء أمورهم، أو ممن لم يكن لديهم حسابات مصرفية، وذلك وفق سعر الصرف الرسمي وبعد قيام المصارف بالمقتضى للتأكد من حق المستفيد.

وقد عقّدت تطبيقه جملة من الثغرات في قانون واحد، وصَعَّبت المهام ليدفع الطلاب الأثمان. فالقانون لا يلحظ كل الذين تَسَجَّلوا في جامعات الخارج في هذا العام الدراسي 2020 – 2021. ويفرض هذا القانون على أولياء الطلاب أن يقدموا للمصارف جملة من المستندات التي تبدأ بإفادة تسجيل حديثة من الجامعة أو المعهد ولا تنتهي بعقد إيجار سكن الطالب.

مستندات يعتبرها مصرف لبنان محقة لكن يصعب تأمينها، لاسيما حينما تشترط المصارف توقيع الأوراق من قِبل السفارة أو القنصلية اللبنانية حيث يعيش الطالب. ففي بعض الدول، لاسيما فرنسا حيث الجالية الطلابية تُعَدّ من الأكبر (4468 طالباً لعام 2018-2019)، لا تُوَقِّع السفارة على أية مستند دون توقيع وزارة الخارجية التي تتطلب بدورها توقيع السلطات المحلية التي تطلب نُسخًا طبق الأصل، يصعب تأمينها في ظل العمل إلكترونياً. الإجراءات يعتبرها المصرفيِّون ضرورية لاسيما للطلاب في دول شرقي أوروبا، حيث “يسهل التزوير في قطاع التعليم العالي”.

وفي الوقت الذي تصدر فيه جمعية “أهالي الطلاب في الخارج” بيانات ومواقف عالية النبرة تجاه المصارف التجارية، توضح مصادر مصرفية مطلعة، أن “ثمة خيارين أمام الأهالي الذين امتنعت المصارف من تحويل أموالهم، الأول متمثل بتسجيل شكوى لدى قسم حماية الزبائن في لجنة الرقابة على المصارف. والثاني يتمثل بالتوجه إلى قضاة العجلة لتقديم شكوى قضائية ضد المصرف. وتعتبر المصادر أن العديد من الأهالي توجهوا إلى جهة من الجهتين المذكورتين وأخذوا حَقَّهم”.

وفي وقت يعتبر فيه البعض، أن جمعية المصارف تتغنى بتنفيذ قانون الدولار الطالبي دون تطبيقه فعليًا، أعلنت لجنة الرقابة على المصارف أنّه في العام الدراسي 2019 – 2020 حُوِّل لطلاب الخارج 170 مليون دولار وفي العام الدراسي الحالي حُوِّل 68 مليون دولار. أرقامٌ يراها البعض تأكيدًا على إيصال الدولار الطالبي إلى مستحقيه، في قضية قانونها شائك وأُطُرها المتعلقة بملاحقة المصارف على “باب الدار” قابلة للتطبيق، لكنّها رهن الثقة بالدولة والقضاء اللبناني الذي غَدا في هذا العهد مخطوفاً.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً