الرياضة اللبنانية… انكفاء وتراجع!

كمال دمج
كمال دمج

منطقياً، إنَّ الرياضة منطلقٌ ضروري وأساس لبناء إنسان قادر على تكوين مجتمع يُرسي حضارةً منتجة للقيم الإنسانية والعلوم والمهارات الهامة لاستمرارية الحياة. وبلا شك، يولي الشباب اللبناني اهتماماً كبيراً للرياضة، إلاَّ أنَّه لم يصل بعد إلى حد التأثير في المجتمع ككل بثقافة الروح الرياضية في مختلف المجالات الحياتية والتي لا بدَّ منها لإرساء السلام وتحقيق الإنماء.

فهل قطاع الرياضة اللبنانية اليوم أحد المتضررين من الأزمة أم أنه بالأصل أزمة في قلب أزمة مستمرة؟

من منطلقٍ علميٍّ أولاً، تتحدث لـ”لبنان الكبير” الاختصاصية في علم النفس العيادي الدكتورة أماني سعيفان فتقول: “ما يؤثر في النفس يؤثر في الجسد، والعكس صحيح”. وتضيف: “الرياضة ليست نشاطاً بدنياً فحسب، بل نمطٌ حياتي صحي نفسياً واجتماعياً، من خلالها يتم إشباع جميع الحاجات الإنسانية فيتأمن بذلك التوازن النفسي لدى الأفراد ويتحقق التوافق النفسي والاجتماعي لديهم، بينهم وبين أنفسهم وبينهم وبين بيئتهم”.

لكن ما مدى قدرة الشاب اللبناني اليوم على إشباع حاجاته الفيزيولوجية التي تشكل ركيزة قدرته على القيام بنشاطه الرياضي؟

نتيجة ما آلت إليه الأمور، يُجيب الشاب الرياضي النشيط والطالب في كلية التربية في الجامعة اللبنانية أحمد قدّاح بحسرة فيقول: “الرياضيون بحاجة لرأس مال لتأمين الغذاء المطلوب لتمارينهم والشباب لا يملكون هذا المال، حتّى غالباً لم يعد باستطاعتهم الاجتماع بمن اعتادوا التدرب معهم، مما دفع معظم الشباب إمَّا للجوء إلى تمارين خفيفة لا تحقق المبتغى أو الانكفاء نهائياً عن الرياضة”. ويضيف: “الشاب الرياضي عندما يثابر لسنين واضعاً هدفاً لتحقيقه ومن ثم يصطدم بأزمة مدمرة كهذه تكون النتيجة إحباطاً وخمولاً ونفسية محطمة”.

وفي السياق عينه، يتحدث رئيس نادي «سبايدرز برجا» شادي سيف الدين لـ”لبنان الكبير”: “اعتمدت الأندية على المساعدات والمساهمات مما دفعها لتكون اتكالية ولا تعمل بنهج مؤسساتي، عدا عن ارتباطها بأشخاص متمولين إذا توقفوا عن دعمها تزول وتتراجع، وها هي اليوم تتأثر بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية للسبب عينه”.

وصدق المَثلُ “في الحركة بركة”، لكن عملياً لا بركة في حركة لا تكن مصحوبة بالرؤية والتنظيم والإرادة. لذلك علينا نحن شباب لبنان التحرر من الخلافات العقيمة والاستفادة من الاختلافات، وعلينا أن نكسر قواعد الاشتباك مع من يسعى دائماً لتقويض دورنا في تقرير السياسات وأن نطبِّق الحياد والنأي بالنفس عن كل ما يجعلنا ذخائر مدمرة لمجتمعنا القادر على إنتاج حضارة أسرع من أيٍّ كان.

ناضلوا لفك الحصار عن قدراتكم ولا تكونوا أسرى العموميات المضللات لنكشف الحقائق ونأخذ العِبَر للنهوض بلبنان.

شارك المقال