الإنتخابات بعيون الشباب… وهم التغيير والإصلاح

كمال دمج
كمال دمج

في الأنظمة التي تقوم على الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير وتكريس صوت الشعب في صناديق الإقتراع قوة ردع أساسية للفساد، فتكون اندفاعة الشباب طبيعية ومتوازنة نحو اختيار ممثلين عنهم يؤمّنون لهم أرضية صلبة لطموحاتهم وتطلعاتهم. فهل بهذه البساطة يتلقى “شباب لبنان الكبير” فكرة الإنتخابات ويندفعون اندفاعة عادية طبيعية نحو المشاركة فيها؟!

منذ حركة ١٧ تشرين الاول 2019، باتت الإنتخابات النيابية حلم الشعب اللبناني والهدف الأساسي للمجموعات والأحزاب الحديثة لكونها نقطة انطلاق إلزامية نحو تغيير المعالم وتبريد المعارك وتثبيت الوجهات والسعي كل من موقعه لتغيير السائد وطرح البدائل، ولا أساس صلب في كل ذلك سوى فئة الشباب – بأغلبيتها غير الناخبة – التي تخضع للترويض (عذراً على التعبير) لتكون الوسيلة المضمونة لوصول الطامحين الذين هم الوجه الآخر للعملة المتداولة حالياً.

فلم يشهد لبنان اندفاعة كهذه للشباب، أكانوا مهتمين بالسياسة أم غير مهتمين أو معارضين أو موالين، للمشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة على مبدأ الإقتراع واجب هذه المرة وليس حقا، الإقتراع ثورة سلمية حضارية يشارك فيها الجميع، إن أرادت لاقتلعتْ العَفَن ولأتتْ بالنفيس والرغيد. لكن هل للإرادة في لبنان قرار؟.

عن هذا السؤال، تجيب مجموعة من الشبان الذين ينتمون إلى “مجموعات ثورية” مختلفة، فيُجمعون على قاسم مشترك بينهم وهو أنَّ إرادتهم كانت مكبلة في ظل سلطة معظم أحزاب المنظومة، وما زالت مكبلة بعد انخراطهم ضمن مجموعات تحاول فرض رأيها بالمثالية وتحت مظلة التآخي والأخذ والرد، وجميعهم يقولون: “على الرغم من هالحالة، بدنا نجرب يلي منّو مجرّب… وبعدين لكل حادث حديث”.

طبعاً إن رأي هؤلاء الشبان لا يمثِّل الجميع، لكنه يعبّر عن حال واقعية تأثّرت بها أعداد كبيرة من المبتدئين في مجال بناء وطرح الرأي وتلقي الرأي الآخر، فباتوا أسرى الأفكار الخيالية، لا يتقبلون إلاّ من يشاطرهم فكرهم التكفيري للشأن العام والدولة، حتى باتوا أشبه بميليشيا فكرية لا فارق بينها وبين من يقمع الناس بالسلاح.

لذلك، ومن منطلق التلقي الصعب لفكرة الإنتخابات من معظم شباب لبنان في ظل حال التخبُّط والضياع والنكران أو عدم الإدراك لواقع الأمور، ومن منطلق الإندفاعة العمياء نحو ما رُسِمَ لهم من مخططات وهمية، يبقى العقل روح الحرية ويبقى الفكر السليم طريق عبور آمن نحو كل مراد مهما تعاظمت الصعوبات.

إعقلوا وتوكلوا… لتنالوا شرف استعادة الكيان وإعادة المجد للبنان.

شارك المقال