انتخابات… حتى إشعارٍ آخر!

جاد فياض
جاد فياض

حتى إشعار آخر، لبنان على موعد مع انتخابات نيابية في العام المقبل. استحقاق دستوري طال انتظاره، خصوصاً بعد انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، إذ يعتبر جزء من الشارع اللبناني، وهو الذي انتفض في التاريخ المذكور، أن السلطة السياسية فقدت شرعيتها، وهو سبق له أن طالب بانتخابات نيابية مبكرة، مع العلم أن عمر مجلس النواب 4 سنوات دستورياً، وأي حركة شعبية لا تعني بالضرورة فقدان الشرعية التمثيلية للنواب.

ينتظر اللبنانيون، وفئة الشباب بالأخص، الانتخابات المقبلة، على اعتبار أنها الطريقة الوحيدة للتغيير الذي يتطلعون إليه، بعد فشل محاولات تقصير ولاية مجلس النواب أو اسقاط رئيس الجمهورية، وتجديد بعض أركان الطبقة السياسية لأنفسهم عبر تشكيل حكومات محاصصة وفساد ساهمت في تعميق أزمة لبنان بدلاً من حلّها. لكن سؤالاً جدياً يُطرح، هل سيأتي التغيير المنشود مع الانتخابات النيابية؟!

الأكيد أن الانتخابات تُشكل فرصة حقيقية للتغيير، إلّا أنها لا تعني بالضرورة العبور نحوه، كما أن إحداث ذلك التغيير في مجلس النواب قد لا ينعكس تغيراً في الأداء والادارة، أولاً لأن إدارة البلاد تخضع لموازين ليست مرتبطة فقط بأحجام الكتل النيابية والعمل السياسي الدستوري وتتعلق بما يُسمى بالواقعية السياسية، قوى الأمر الواقع، وفائض القوّة، وثانياً لأن البديل قد لا يكون على مستوى المسؤوليات.

إلّا أن هذه الوقائع يجب أن لا تدفع فئة الشباب أو حتى اللبنانيين إلى الاستسلام والعدول عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، لأنها الوسيلة الوحيدة للتغيير، إذ إن مفهوم الانقلاب أو التغيير عبر الثورات غير موجود في القاموس اللبناني، وما من طريقة أخرى. وبالتالي، من المفترض تسجيل نسب مشاركة عالية في الانتخابات بهدف الوصول إلى أعلى درجات عدالة التمثيل، مع العلم أن الهدف المذكور يحتاج إلى قانون انتخابات عصري بدلاً من القانون “الطائفي” الحالي الموجود.

إلّا أن مشاركة الشباب في الانتخابات ستبقى ناقصة، لأن مجلس النواب لم يقر في جلساته تخفيض سن الاقتراع من 21 إلى 18 عاماً، وبالتالي لن تكون هناك مشاركة شاملة من فئة الشباب وسيُحرم نحو 280 الف شاب من حق الاقتراع. نقطة سلبية ستُسجّل في رصيد العملية الانتخابية قبل انطلاقها، إذ عدم اعطاء هؤلاء الشباب حق الاقتراع لأسباب طائفية، وعدم مقاربة الملف من منظار وطني عام عبر الاضاءة على أهمية مشاركة هذه الفئة في صنع القرارات والسياسات، سيقلل من نسب الهدف الأمثل للانتخابات وهي “عدالة التمثيل”.

يتطلع الشباب للانتخابات النيابية المقبلة على انها مفترق طرق مهم. لم يحسم الجميع أمره لجهة مغادرة البلاد، وبالتالي ينظر من قرر البقاء في لبنان إلى الانتخابات وكأنها الأمل الأخير لاحداث التغيير المنشود. كما أن الشباب المهاجر أيضاً يريد ارساء التغيير عبر الانتخابات، إما للعودة إلى الوطن الأم، أو لتحسين ظروف معيشة ذويه. وفي هذا السياق، يتحمّل البرلمان الجديد الذي سينتج من الانتخابات مسؤوليات عديدة متعلقة بهؤلاء الشباب الذين يبحثون عن الأمن والأمان في البلاد، وقد يكون خفض نسبة البطالة هو الملف الأول الواجب معالجته.

تبقى مسؤولية الشباب في رفع نسب المشاركة والاقتراع بوعي تام بعيداً من مختلف الضغوط المادية والمعنوية التي قد يمارسها أطراف سياسيون وبعيداً من العصبيات الطائفية والمذهبية، خصوصاً ان الشباب سيدفعون ثمن هذه الضغوط انهياراً اضافياً على مستوى البلاد بشكل عام.

شارك المقال