التمرُّد على الإرادة الإيرانية واجب أيّ حكومة لبنانية

كمال دمج
كمال دمج

منذ ما بعد العام 2008، تخاذل اللبنانيون وتغاضوا عن مواجهة المشروع الإيراني في لبنان تأثُّراً بعدم التناغم بين العرب للوصول إلى استراتيجية عربية هجومية شاملة في وجه حلم ولاية الفقيه المناهض للسنية السياسية والطامع بمقدَّرات المنطقة. فلم يكن منتظراً من اللبنانيين ثورة تقصي رفع الاحتلال الإيراني عن لائحة مطالبها وتشكيل حالة وطنية معادية للسلاح غير الشرعي بالتوازي مع حال العداء للفساد والفاسدين التي أرستْ نهجاً هشّاً تمخَّضه “الخريف العربي”.

ففي ظل هذا الواقع المرير، وفي ظل إعادة الاعتبار للأنظمة الموالية لإيران في المنطقة، ما المطلوب من حكومة ميقاتي في لبنان؟

بادئ الأمر، على كل رئيس مكلف تشكيل حكومة في لبنان ألا يقبل بأن يكون قرار حكومته أو قدرتها على الإجتماع حتّى، رهناً بيد حزب إيران، لا بل على السُّنة في لبنان أن يعتكفوا عن ترؤّس الحكومات في ظل حكم “مرشد الجمهورية” وتغييب القانون والمؤسسات.

لقد تألّفت الحكومة الحالية لتكون “وكيل تفليسة” لعهد وُلِدَ مفلساً من رحم “البارودة الإيرانية” الفارغ مخزنها من الذخيرة النافعة والمتخمة بالحقد والكراهية. لقد جاءت حكومة ميقاتي بدلاً من وقت ضائع لكبح تفلُّت الأمور قبل الانفجار الكبير في حال فشلت التسوية الإقليمية، وكذلك الدولية، في وضع اطار دقيق وبعيد المدى لقوى السيطرة في المنطقة ككل.

ومن المفترض أن تنهي “حكومة ميقاتي المحكومة” حكمها الصوري باجراء انتخابات نزيهة وعادلة يدعم إجراءها المجتمع الدولي ويعوّل عليها لخلق تغيير نوعي في البرلمان ينعكس على الواقع العام للبلاد. لكن عن أيّ نزاهة نتكلم في ظل الإرهاب الذي يمارس على الناخبين والمرشحين المعارضين في مناطق نفوذ الميليشيات التي وبالطبع يحرّم على المراقبين الدوليين دخولها، وأي عدالة نأمل بعد أن كان رئيس الجمهورية على استعداد لقطع يده قبل التوقيع على حكومة لا يسيطر فيها على وزارتي الداخلية والعدل معاً لتأمين فارق التراجع الشعبي لتياره بالتزوير لو لم يحصل على ضمانات كافية بعد أن قام وزير الداخلية و”باس تيريز” قبل توزيره.

ومن الطبيعي على كل حكومة لبنانية أن تصون القيمة التاريخية للبلاد كعضو مؤسس في جامعة الدول العربية وأن تحافظ على الصورة الحضارية للشعب اللبناني فتصون كرامته وتسعى لمستقبل أفضل له بالتعاون والتضامن مع الدول العربية الشقيقة عبر سياسة خارجية رصينة وحكيمة، إلاَّ أنَّ حكومة ميقاتي ونتيجة للسيطرة الكاملة للميليشيات على قرارها، هوجم العرب باسمها من دون أن تقرر أو تعلم، واستحالتْ عليها المعالجة لأنها تعلم أن الهلاك مصيرها ومصير البلد.

لذلك، ومن منطلق خوض معركة تحرير لبنان من شتّى أنواع الطغيان والاحتلال وأوَّلها الإحتلال الإيراني، وانطلاقاً من ضرورة الإبقاء على لبنان مركز الالتقاء العربي ونواة عالمه، ومن منطلق الحلم بإعادة البريق لبيروت “لؤلؤة المدائن العربية”، إنَّ الخطوة الأولى في مسار الألف ميل هي التمرُّد على الإرادة الإيرانية واستقالة حكومتها في لبنان، وإن كان خلافاً للرغبة الدولية التي تؤسس لمصالحها فقط.

شارك المقال