سَنَة العهد الأخيرة… ضربة قاضية للبنيان اللبناني

كمال دمج
كمال دمج

لا فارق ولا اختلاف، ولا تغيير ولا إصلاح بشخصية “العماد عون” بين ما كان عليه عام 1989، وما هو عليه اليوم في السنة الأخيرة من عهده الغني بالإخلال بالعهود والوعود. إنه الطاغي بشتَّى الوسائل التي لا يعصى على فكره المتحرر من تجانس المواقف وثبات المبادئ وصون الصالح العام، ابتكارها، والتي باتتْ أسلوباً يعتمده المؤمنون به ويمارسون من خلاله ومعه كل أنواع التعدي على الدولة والمؤسسات.

فهل أسلوب الحكم الهمجي مع ما يرافقه من تخاذل خارجي وتَكَبُّل داخلي وانحلال كامل لأساسيات البقاء سيؤدي حتماً، مع نهاية السنة الأخيرة من عهد عون، إلى التفكير بصيغة جديدة للبنان؟!

لا يخفى على أحد عداء عون لدستور الطائف، فقد عمل جاهداً على محاربته معنوياً منذ عودته من المنفى، وفعلياً بالتعاون والتضامن مع حزب إيران في لبنان بعد انتخابه رئيساً للجمهورية.

لذلك، امتنع قدر المستطاع طوال السنوات المنصرمة من عهده عن توقيع مراسيم تشكيل الحكومات وعن دعوته النواب لتكليف رئيس التشكيل قبل ضمان قرار الحكومة، في حال تشكلت، بيده، للإبقاء على السلطة الإجرائية بحال فراغ يعتزم خلالها تأدية هرطقاته لإرساء النظام الرئاسي بالممارسة من خلال “المجلس الأعلى للدفاع” الذي بات يجتمع ليصدر قرارات تحت مسمى “توصيات”، بالإضافة إلى “المجلس الرئاسي” وهو اختراع عفوي مؤلف من مستشاري القصر تُناقش فيه القضايا المالية والاقتصادية والمعيشية التي يفترض أن تناقشها حكومة شرعية مجتمعة.

إنَّ ممارسات عون هذه وغيرها، شكَّلَت ضربة قاضية للهيكل اللبناني فزعزعتْ أُسُسَ الحكم ومفاصل النظام وقطعت كلَّ روابط المجتمع السليم وأدنى مقومات العيش الكريم. إنَّ السنة الأخيرة من العهد المشؤوم ليست إلاَّ تصفيات نهائية للأرضية اللبنانية الجاذبة للاستثمارات السياسية بلا دفاتر شروط وفي أجواء خصبة تلهب الأحقاد وتعزز الانقسام. إنَّها وبالصدفة سنة الاستحقاقات المصيرية التي إن سقطت – وهذا المرجَّح – سقط البنيان بكامله تزامناً مع انقسامات حادة داخلية وإقليمية ودولية تعزز الوصول إلى الفراغ الشامل من دون قدرة أو وجود وساطة لعقد مؤتمر حوار يؤسس لمرحلة انتقالية، ممّا قد يودي بالبلاد إلى حرب أهلية تكون أسبابها فعلاً داخلية عكس حرب الـ1975.

لكن على الرغم من الوجه السالب للعهد القوي، لا بُدَّ من الإضاءة على الأمر الإيجابي العظيم فيه ألا وهو انكشاف القناع عن الوجه الحقيقي للفكر العوني المتطرف مع ما يرافق ذلك من انكسار للهالة الوهمية للميليشيا الإيرانية في لبنان بعدما تشكلت حال وطنية جامعة رافضة لاستباحة السيادة باسم مقاومة مزيَّفة.

وبناءً عليه، نحن “شباب لبنان الكبير” معرَّضون مع نهاية السنة الأخيرة من عهد ميشال عون لأن نكون أداة في الصراع على تشكيل صورة لبنان الجديد. إنَّ مسؤوليتنا الوطنية كحاملي مستقبل الوطن أن نتمتع بالوعي الكافي والتحرر من العصبية والطائفية والوقوف وقفة اعتدال في الشدائد للدفاع عن لبنان البلد النهائي لجميع أبنائه.

شارك المقال