عون إلى المنفى من جديد… بإرادة شعبه

كمال دمج
كمال دمج

“أهلاً بكم على متن الطائرة الرئاسية اللبنانية… إنَّ الطاقم يعرب عن فرحه الشديد لعودته إلى العمل بعد طول انقطاع… ويتمنى لكم رحلة آمنة وهادئة… علَّها لا تكون الأخيرة”.

ربما كان “كابتن” الطائرة الرئاسية في أمسِّ الحاجة لأن ينطق بهذه الكلمات عندما تسلم قمرة القيادة في رحلة الرئيس “عون” بعد الدعوة “البروتوكولية” التي وجهتها إليه دولة قطر لحضور حفل افتتاح كأس العرب 2021 لكرة القدم، وربما كان “عون” نفسه بحاجة لمن يؤكد له حقيقة خروجه من سجنه في بعبدا وتوجهه نحو المطار قاصداً دولة خليجية.

لم تكسر زيارة “عون” هذه، حتَّى شكلياً، عزلته الدولية، فهو الذي كرَّس موقعه تشريعاً لانتهاك الشرعية والسيادة الوطنية ووحدة لبنان وعروبته وكيانه من قبل ميليشيات أتتْ به رئيساً خاضعاً لسياساتها فاستخدمته بإرادته وسيلةً لاحتلال الدولة وتقويض النظام، فعزل نفسه وأسلم روح البلاد وأولاها سيئاته وحلفائه، فأدخلها جهنَّم غير آسف عليها بعد تحقيق حلم الرئاسة والسعي نحو الحلم المستحيل بالتوريث.

لقد عزم “عون” خلال وجوده في قطر على أن يكون ظاهره الامتنان للعرب والاعتذار عما آلت إليه الأمور وتثمين دورهم الإيجابي في لبنان، إلاَّ أنَّ ارتهانه لمحور العداء لهم كشف ما في باطنه، فكان صمت “الرئيس القوي” عن النطق بالحق شيطانياً وقاتلاً، وتلعثمه وخيانة ذاكرته له وقلَّة نشاطه في حدث رياضي مهم مخيِّباً للآمال (مع الاحترام لحكم سنِّه)، فما كان من الشعب اللبناني، شيباً وشباباً، إلاَّ أنَّ واكبوا رحلته باصدار حكم النفي بحقه تحت وَسْمٍ على منصات التواصل الاجتماعي بعنوان “#خلوه_عندكم”، دلالة لعدم الحاجة إليه.

لم يشبع “عون” بعد من خرق الدستور وتمييع الحكم والتلاعب على القوانين واستغلال النفوذ لعيون صهره والحاشية، فما زال يتمنى لو تتناسق الأمور والأحداث لتولِّد تشريعاً برلمانياً يمدد له ولايته نظراً إلى أهمية وجوده في سدَّة الرئاسة. ومن يعرف عون جيداً، يدرك أنه لن يعتمد على الرجاء فقط، بل سيحرق الأخضر واليابس لتحقيق ما يريد، وهكذا يفعل حالياً عبر الوقوف وتياره السياسي بوجه تعديلات قانون الانتخاب وتضييع الوقت لإسقاط المهل والامتناع عمداً عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في ظل حكومة مشلولة ومجلس نيابي مهدد باستقالات جماعية لتخلو له الأجواء ويبقى وحده الحاكم وليدّعي الشرعية في زمن الفراغ ليحقق الحلم القديم الجديد بجعل النظام “رئاسياً”، من دون إيلاء أدنى أهمية لحجم الاشمئزاز من وجوده لدى كثيرين عبر استيقاظ معظم المواطنين كل يوم على عد عكسي للأيام المتبقية له في الحكم.

إنَّ لبناننا سيبقى وعهد عون إلى الزوال، إنَّ أملنا سيبقى وبؤس أيامنا هذه درسٌ من الحياة. ناضلوا يا شباب لبنان واصبروا، حاربوا بالفكر والوعي والإخلاص لوحدة أرضنا وحسن اختلافنا ولا تكونوا فتيلاً سريع الإشتعال من جديد بيد من كان تاريخه وما زال حاضره حروب إلغاء ودمار.

شارك المقال