الاحتلال الإيراني… سرطان ليس شائعاً علاجه

كمال دمج
كمال دمج

ما كان عبثياً التفشي السرطاني للاحتلال الإيراني في الكيانات العربية، وليس استئصاله ممكناً، ولا مواجهته، كيفما كان، سهلة ونافعة، وليس شائعاً علاج تبعاته على فكر المجموعات الموالية له والتي تفديه بأوطانها وتقدم له على طبق الطاعة مقدرات بلادها وسيادتها واستقرارها وشرعيتها وإرادة شعوبها، والحل طبعاً برؤية عربية شاملة تنهي حلم “ولاية الفقيه” أو بالحد الأدنى تمنع الحالم من أن يحلم.

فهل توحي البيانات التي أنتجتها جولة ولي العهد السعودي على دول مجلس التعاون الخليجي ببداية العمل على استراتيجية عربية شاملة تبدأ ولا تنتهي بلبنان لمواجهة الوجود الإيراني في المنطقة؟

حقيقةً، لقد بُنِيَ المشروع الإيراني على الفكر المناهض للسنّية السياسية، فبلا غوصٍ في خفايا التاريخ، لا البداية من العراق ولا النهاية فيه حتَّى اليوم، وإنّ تهجير السوريين ومصادرة أرضهم ليس تفصيلاً بسيطاً، وإنَّ احتلال اليمن لم يكن إلاَّ للوصول إلى ما يحدث يومياً من استهداف للمملكة العربية السعودية في العمق حتَّى مكّة والرياض، وإنَّ غزوات القمصان السود في بيروت وتفخيخ لبنان لم يكن هدفه سوى الترهيب والترويض والشلل الحكومي والمؤسساتي، لحدوث المبتغى بتقويض الأنظمة العربية وتطويعها، إلّا أنَّ للبنان وضعاً خاصاً فائق البؤس والخطورة بسبب الدور الإقليمي لـ”حزب الله” المشارك في كل هذه الاحتلالات والتعديات وليس فقط في احتلال لبنان.

بلا شك، إن المملكة العربية السعودية ودول الخليج، كانت وما زالت الأحرص على أمن واستقرار البلدان العربية وبخاصة لبنان، ومن هذا المنطلق، ترتكز المناقشات الخليجية حول الوضع في لبنان الى شروط أساسية جاء ذكرها في البيان السعودي – الفرنسي المشترك والبيانات الخليجية المشتركة، لكنها وللأسف ما زالت ضمن الإطار النظري لحل المشكلة من دون التطرق إلى أساليب عملانية وحلول جذرية، ليس لأنها لا تريد، بل لأن لا حلول أحادية – بدءًا من اليمن – في ظل التخبط العالمي في مواجهة التطرف الإيراني.

إنَّ الجميع يعلم أنَّ قرارات الحكومة اللبنانية ليست ملكها منذ عام 2008 حتَّى اليوم، وإنَّ أي حكومة تريد حصر السلاح بيد الشرعية سوف تواجَه بالدم والقتل كما حدث في 7 أيار وسوف تتهم بالعمالة وتعطَّل اجتماعاتها كما هو حاصل اليوم. وكيف يمكن للمؤسسات العسكرية التي ليس لديها ثمن طعامٍ لعناصرها أن تسيطر على ميليشيات تضم أكثر من مئة ألف مقاتل وأن تصادر مخازنها التي تحتوي على أسلحة وصواريخ دقيقة ومعامل المخدرات التي تعدُّ من مصادر الدخل الأساسية لها؟!، وكيف يمكن لقضاء أن يحكم بالقانون وهو يهدّد من داخل قصور العدل وعلى المنابر؟!، وكيف يمكن فرض السيطرة على حدود غير مرسَّمة بالأصل وممنوع ترسيمها؟!، وهل للسلطة غير القادرة على تطبيق قرار المحكمة الدولية أن تطبق القرارات الكبرى الصادرة عن مجلس الأمن؟!

لذلك، وعلى اعتبار أنَّ إيران لا تختلف كثيراً عن إسرائيل التي احتلت الأراضي الفلسطينية، وانطلاقاً من الحفاظ على الوجه العربي للمنطقة ودفاعاً عن السنّية السياسية المعتدلة التي تتجلى أبهى صورها في الإنجازات الخليجية، على العرب النظر للإحتلال الإيراني بأنه مسألة وجودٍ بوضع أساسٍ متين ينتج التحرير بمجرد نضوج الأجواء الدولية.

شارك المقال