البنى التحتية في لبنان.. طموح

حسن كنج
حسن كنج
البنى التحتية في لبنان.. طموح

لم يكن لبنان يوماً يلبي طموحات شبابه، مع العلم أن المستوى التعليمي فيه أكثر من جيد. هذا المستوى التعليمي يحضّر الشباب والشابات في الوطن لسوق العمل والمفترض ليمسكوا بمستقبل البلاد. لكن المشكلة تقع عندما يتخرج التلميذ اللبناني من جامعته ويصطدم بواقع سوق العمل السيئ من جهة وبرداءة واقع العمل والبيئة المحيطة به من جهة أخرى. هذه البيئة أقل ما يقال عنها أنها تقليدية في أكثر الأحيان ولا تلبي تطلعات المتخرجين، الذين يظنون أنهم سيدخلون في سوق عمل معين ويصطدمون برجعية ثقافة العمل وبيئته في لبنان. هذا الخذلان عند الشباب له عدة أسباب أهمها الاعتماد على العلاقات والوساطات في التوظيف الذي يضرب مبدأ الكفاءة بالإضافة إلى غياب للرؤية الاقتصادية والمستقبلية عند الدولة واعتمادها على إيداع المال في المصارف بدل استثمارها في مشاريع ممكن أن تحسن القطاعات الإنتاجية في الدولة إن كانت خدماتية، صناعية، زراعية أو تكنولوجية. بظل هذه الظروف القاهرة لا يبقى عند أصحاب الطموح والإرادة للتقدم والتنمية على الصعيد الشخصي والعام أو أن يرضخوا للأمر الواقع والبقاء في وطن يشكل عائقاً لطموحاتهم أو أن يلحقوا بأحلامهم وطموحاتهم ويخرجوا من البلد ساعين وراء الأفضل ليكونوا رأس مال بشرياً تستفيد منه البلاد التي وضعت بيئة مناسبة لهذه الطاقات لإيجاد نفسها في سوق العمل والإبداع والابتكار.

لو كان لي قرار البقاء يوماً بما يتناسب مع مستقبلي وطموحاتي في لبنان ولو كان للبنان دولة تهتم بواقعه الاقتصادي والتنموي بما يبعد عن المصالح الفئوية الخاصة لما يسمى “بالنخبة” الحاكمة، لكان أول اهتماماتي (لو وجد التمويل) هو تحسين البنى التحتية من شبكة مياه وصرف صحي ونقل بين المناطق وداخل المدن.  هذا ولأن الدفعة للأمام التي تعطيها شبكات المواصلات بين المناطق وداخل المدن في سياق زيادة الإنتاجية وتسهيل التبادل بين المناطق تغير في وجه البلد على الصعيد الاقتصادي وحتى الاجتماعي عبر كسر الحواجز الطائفية والطبقية والمناطقية. يساعد هذا في تقريب الناس الذين يظنون أنهم مختلفون عن بعضهم البعض وبالتالي المساعدة في الاختلاط وبناء هوية مشتركة على الصعيد الاجتماعي والثقافي. ينعكس هذا على الصعيد الاقتصادي أيضاً عبر تعزيز التبادل والأشغال والمصالح بين المناطق كافة جاعلة البعد الجغرافي بين المناطق مجرد تفصيل.

بالنسبة لي هذا العمل يتناسب مع مجال عملي والرؤية والحلم بوطن عصري يحفظ الحقوق ويحافظ على طاقته الشابة الوحيدة القادرة على المضي قدماً نحو الأمام ومن هنا يأتي اهتمامي بضرورة تفعيل وتطوير شبكة المواصلات. ويبقى الدور على كل متخرج جديد صاحب رؤية وحلم بوطنٍ جديد أن يعمل على طموحاته في مجاله في بلده طبعاً بشرط وجود الظروف المناسبة له في وطنه وإلا بقيت هذه الرؤى إما أفكاراً أو مشاريع تنفذ في بلاد ممكن لها أن تستفيد من الطاقات الشابة وليس في بلاد تعامل الطاقات الشابة على أنها سلع ومواد تصدير تصدر للعالم مقابل مدخول عملة صعبة على البلد الأم

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً