ختام ٢٠٢١… فلنجعل الوعي يحكمنا

كمال دمج
كمال دمج

قد يكون العام ٢٠٢١ عام احتضار لبنان أو عام تحضيره للوصول فعلياً إلى “جهنم” في مسارٍ متوقعٍ هو الأسوأ على الإطلاق في ظلِّ أزمة صنِّفت من الأعمق عالمياً على كافة الأصعدة، ووسط توترات إقليمية ودولية خطيرة، يشكل فيها لبنان ساحة مفتوحة للأهواء، صراعات كانت أم مصالحات. وبلا شك، إنَّ المتضرر الأكبرمن هذه الغوغائية هي فئة الشباب نتيجة استهداف قواعد القوة لديها وتلقينها ثقافة الشمولية والعدائية والإلغاء والوطنية المزيّفة والتقوقع مع التنظير والتظاهر بالمثالية، للقضاء ربما على الفكرة الأساسية لـ”لبنان الكبير”.

فأين سيكون موقع لبنان “عام الحسم” ٢٠٢٢ في ظلِّ السعي الداخلي القديم – الجديد لتناتشه وتقسيمه وتغيير نظام الحكم فيه بالتوازي مع القضايا النووية المتفجرة التي يعد لبنان أبرز ساحات الصراع فيها؟

لا يخفى على أحد أنَّ أحداث العام الحالي ليست إلاَّ ارتدادات ونتائج للكارثة الكبرى إثر تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠، والتي كان من المفترض أن يكون صداها أقوى بكثير ونتائجها أنفع على الواقع اللبناني لولا انعدام التوافق بين أيٍّ من الأطراف الداخلية حول وجهة موحدة وعدم القدرة على تشكيل جبهة وطنية قادرةعلى المواجهة السياسية الواضحة في وجه شواذ حزب إيران في لبنان وسيطرة تطرفه على مجمل المؤسسات الدستورية وشل الحكم في البلاد واحتلاله للسياسة الخارجية والوقوف عائقاً أمام الحفاظ على حدٍّ أدنى من علاقات الأخوة والإنفتاح وفق ما تقتضيه مبادئ القانون والمصلحة المجتمعية العليا، وهذا ما بدا واضحاً في امساكه بقرار تشكيل الحكومات وتهديد القضاء بحجة تركيب الملفات له والمساس بالأمن القومي لدويلته العليَّة، لا بل بالمصالح الإستراتيجية للمشروع الإيراني في المنطقة.

لقد وُضع لبنان موضع المنتظر الدائم للتسويات وأسير الحلول المعلَّبة (المفقودة منذ فترة) نتيجة لحلف السلاح غير الشرعي مع من يكنّون العداء للنظام اللبناني بصيغته الحالية، فسعوا وما زالوا للإنقلاب عليه بالقوة والممارسة وما أفلحوا حتَّى الآن سوى بتعطيله لأنهم أسرى العشوائية والشعبوية واستغلال المناصب حُبًّا بالألقاب وهذا ما ظهر جلياً في خطاب رئيس الجمهورية الذي بات واقفاً على عتبة القصر ليهمَّ بالمغادرة، فطرح عناوين كبيرة (اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة – الإستراتيجية الدفاعية – نظام حكم جديد…) يأمل إقرارها في حوار وطني جامع يضم مختلف الأفرقاء وكأنه فعلياً أصيب بسكرة موت عهده المشؤوم فما بقي أمامه سوى الأحلام والتمنيات.

لقد أراد رئيس الجمهورية اختتام العام ٢٠٢١ بالدعوة إلى طاولة حوار وطنية تناقش القضايا العالقة من دون موعد محدد وبلا أي ارتكاز إلى الواقع السياسي في البلاد، كيف لشخص هو الحليف الإستراتيجي للجهة المعادية لمجمل الأطراف الداخلية وحتَّى لفكرة الدولة اللبنانية أن تدعو للحوار بأمور هي المشارك الأساس في تسببها، تزامناً مع بداية سنة تعجُّ بالإستحقاقات العالقة على توقيع الجهة الداعية لهذا الحوار. فهل الحوار مع الإستقواء المسبق يؤدي إلى نتيجة مقبولة أقلُّه محلياً؟!.

لذلك، إنَّ معركتنا المقبلة نحن “شباب لبنان الكبير” هي الوقوف وقفة عزٍّ أمام المصلحة الوطنية وعدم السماح للغباء السياسي بتفكيك لبنان… فلنجعل الوعي يحكمنا.

شارك المقال