رئيس الجمهورية… “بعد حماري ما ينبت حشيش”

كمال دمج
كمال دمج

بين دعوته اللبنانيين إلى “الهجرة” إن لم يناسبهم العيش في لبنان في عهده، وبين دعوته إلى “حوار طرشان” لإعادة النظر في الكيان اللبناني ككل في نهاية عهد يحتضر من بدايته ويأبى أن يسلم الروح إلاَّ ولبنان بصحبته، يصرُّ رئيس الجمهورية على اللامبالاة في التعاطي مع القضايا الوطنية وهموم الناس على قاعدة “بعد حماري ما ينبت حشيش”.

فهل بات لبنان ضحيَّة “لعبة بيت بيوت” بين “عون” و”حزب الله” لتعويم باسيل باعتباره رئيس أكبر كتلة سرطانية وفقاً للرأي العام في البلاد؟

عموماً، إن فاقد الشيء لا يعطيه، وفاقد المبادئ لا يجاهر فيها ولا يحاسب الناس على أساسها وفاقد الإتزان ليس له الحق بتقويم اعتدال الآخرين، وما دعوة الرئيس عون إلى الحوار مع علمه المسبق أنها لن تلبَّى من غالبية اللبنانيين، إلاَّ وسيلة لغاية سخيفة في جرِّ حزب الله إلى الجحر ولدغه بـ “شوكة” الغطاء المسيحي على كيانه وسلاحه غير الشرعي ومن أجل ردِّ الصاع لمعارضيه بأنه بادر للحوار ومن لم يلبِّ فليتحمل مسؤولية الإنحدار أكثر.

ولم يكتفِ رئيس الجمهورية بعزلته المُحقَّقة، فأراد أن ينهي عهده بعزلة يعطيها الطابع الرسمي باستشارات من توقيعه وضعته أكثر في الخانة التي أرادها هو بنفسه منذ توقيعه اتفاقية “مار مخايل”، والتي باتتْ في مخيلته نموذجاً لا يجب خرقه شكلاً ومضموناً في أيِّ حوار لبناني – لبناني، وإلاَّ فلا داعي له بالأصل إن لم يكن قائماً على النهج التحاصصي وعلى مبدأ “شرعنة الفساد مقابل شرعنة السلاح”، وهذا ما رآه “باسيل” مادة دسمة في جدول مواضيع الجلسة الحوارية، فوجد في الحوار، اختصاراً للوقت، بديلاً من الإنتخابات التي يتوقع هو نفسه أن يقطع سيفها يديه عن الدولة والمؤسسات والمال العام.

إلاَّ أنَّ مناعة حزب إيران في لبنان تجاه لدغات عون وصهره دفعت به إلى احتلال منبر بعبدا بواسطة “رئيس كتلة السيّاد” في البرلمان لتأكيد احتلاله للبنان عبر اقتباس ادعاء السيادة من أصلهم الديني واسقاطها على الواقع السياسي اللبناني بلهجة الإستقواء والإستعلاء وفرض الإرادة على المؤسسات الدستورية من إخضاع رأسها وتعطيل جهازها التنفيذي وخطف قرارها التشريعي والقضائي.

إنَّ احتلالهم واقع لا نقاش فيه وفقاً لمبادئ السيادة الوطنية وشرعية القرار وإنَّ الكلام والتنظير سهل بشأن مواجهة تسلطهم القائم منذ سنوات تحت وطأة التهديد والقتل والدمار.

وعليه، ليست بطاقة الهوية ما تعطي الإنتماء للوطن، ولن يكون لبنانياً كلّ من اشتهى الإدعاء بلبنان وطناً ليأخذه رهينة المشاريع والسمسرات.

شارك المقال