إغتيال الحريري… منطلق لحكم “الشيعة” في لبنان

كمال دمج
كمال دمج

ما كانت وصاية النظام السوري على لبنان وصاية أخٍ محبٍّ، وما كان الشعب اللبناني الذي يعيش الإقتتال، وقتذاك، يدرك أبعاد الوصاية وأهدافها، ليس فقط في ما أنتجته من تسلُّط على الدولة والمؤسسات، بل بما فرضته من معادلات خطيرة جراء الإستزلام، وما كرَّسته من نهج الملالي والميليشيات، لتكون إحتلالاً أسَّس لحكم “الشيعة” في لبنان إنطلاقاً من إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

رفيق الحريري، هو الذي وُلِدَ مع ولادة استقلال لبنان، ورحلَ من أجل لبنان، فمنحه بدمائه إستقلالاً آخر. قتلوه فقتلوا بلبناننا رونق التعافي والإزدهار، رونق العيش المشترك والأمان، وسكبوا على قلوبنا سواد أفكارهم وشرّهم المطلق، فما كان لطغيانهم إلاَّ أن أنبتَ داخل كل لبناني وطني بذرة نضالٍ ودفاع حرٍّ عن كيان السيادة والإستقلال.

وما بين ولادة رفيق الحريري ورحيله حقبة من الفكر السليم والعمل الرشيد في شتَّى المجالات التي كان آخرها إعادة الحياة لشباب لبنان، لقلب لبنان، لـ “بيروت لؤلؤة المدائن العربية”، للبنان كل لبنان من دون تفرقة وتمييز. وأرسى رفيق الحريري نهج الوطنية والإنماء وإعلاء الدولة ومؤسساتها، فما كان – كما تصوَّر مشهدية حكمه عبر البعض – ممثلاً لـ “السنية السياسية” في لبنان، بل لحالة ما بَهتَ وهجها ما دامتْ تواجِه بالعلم والإنفتاح وتقبُّل الإختلاف، والتي قد تصحُّ تسميتها بـ “الحريرية الوطنية” المستمر نهجها من جيل إلى آخر داخل المجتمع اللبناني.

لقد ترك إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فراغاً مقصوداً في المعادلة الوطنية، فجدّد الصراع الماروني على كرسي الرئاسة الأولى من منطلق إعادة تموضع المكوّن المسيحي في محاولة لإستعادة الدور جزئياً بعد حرب شكّلوا مكوّناً أساسياً فيها، منعاً للإنحلال الكامل لـ “المارونية السياسية”، وأنتج في المقلب الآخر ظهور الدور الحقيقي لسلاح المقاومة في إحلال ما يفترض تسميتها بـ “الشيعية السياسية” التي أخذت وجه الإرهاب والإنفصال عن الدولة وحكم الذات.

لذلك، لم يكن المكوِّن الشيعي بحاجة لتطبيق مسار قانوني للوصول إلى الحكم وإظهار رؤيته عبر مؤسسات الدولة وداخل الإدارات بوجود سلاح يفترض به مدافعاً عن لبنان، فدافع بلبنان عن الإرهاب وعقائدية السيطرة والإلغاء، وطوَّبه مساحة للمتاع الإيراني ولتحقيق الذات الإلهية على الأرض، وهذا ما فُرِضَ عنوة وبقوة القتل منذ “٧ أيار” مروراً بالإغتيالات المتكررة وفرض “الثلث المعطل” في الحكومات وفرض الطاعة على كل مسيحي حالم برئاسة الجمهورية وصولاً أخيراً إلى مصادرة حق مجلس الوزراء في الإجتماع.

لم يكن رفيق الحريري ليسمح بتخييره بين نفسه والدولة إلتزاماً بمبدأ “ما حدا أكبر من بلده”، وهذا ما حصل، فقد ضحَّى بحياته من أجل استمرارية الكيان وعدم الإستسلام لما قدَّره الطغاة، وها هو اليوم وريث نهجه وقدره الرئيس سعد الحريري يضحّي بكل ما لديه من أجل الحفاظ على لبنان آمناً بعيداً عن الصراعات.

إكراماً لرفيق ووفاءً لسعد الدين… نكمل النضال من أجل لبنان السيّد الحر المستقل المحكوم بالعدالة والحقيقة حتَّى الرمق الأخير.

شارك المقال