عون و”حزب الله”… إستقواء بالباطل وتسلط على الدولة

كمال دمج
كمال دمج

بعد أن كاد حلف “مار مخايل” يسقط في جهنَّم التي أَسقطَ فيها لبنان، بفعل الوصول إلى نقطة اللاتلاقي بين قطبيه، عادتْ لتُحْييه المصالح الإستراتيجية للطرفين ليكون نموذجاً فعلياً مصغَّراً في لبنان عن “حلف الأقليات” المفترض تكوّنه في الشرق الأوسط لضمان البقاء في وجه ما يعتقدونه هيمنةً لأكثرية دينية، عقائدية، أخلاقية وسياسية، فتكون إستمرارية وجودهم على حساب تاريخهم ومبادئهم (إن وجدتْ حقيقةً).

فكيف تظهّرت مؤخَّراً، ممارسات ميشال عون – “حزب الله” في سبيل محاولة الإبقاء على نفوذهما في لبنان؟

لم يعد يُخفى على أحد (وعلى كثيرين من أهل الشيعة) أنّ الهدف الوحيد من وجود حزب إيران في لبنان هو حماية “طريق الحرير الإيراني” الذي يتجسد على شكل هلالٍ جغرافي يربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط، ليس لتحرير فلسطين من الإحتلال الإسرائيلي، بل لتحقيق الحلم بـ “ولاية الفقيه” وأن يكون لبنان، ليس جمهورية إسلامية (وفق مفهومهم للإسلام) قائمة بذاتها، إنما جزء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكبرى.

وفي الوقت الذي تقوم فيه “بروباغندا” الحزب على معادلة الردع مع جيش العدو، وفي الوقت الذي أرسل فيه “حسان” في مهمة إنتحارية لمسافة قصيرة فوق الأراضي المحتلة، أجرى الطيران الحربي الإسرائيلي نزهته الربيعية الأولى فوق لبنان على علو منخفض جداً وبكلِّ أريحية وصفوة بال، وفوق مطار رفيق الحريري الدولي والضاحية الجنوبية خصوصاً، في مسلسل من الكوميديا الزائفة، تتكشف ألاعيب مُخرجِها عند الموضوع الأدسم في المنطقة، ألا وهو مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل.

لقد وقع عون ضحية غطرسته وأبى أن يُسلِّم السلطة إلاَّ معتدياً بشتَّى الوسائل على كيان الدولة ومؤسساتها، متوِّجاً مسيرته بالخيانة العظمى للأرض اللبنانية ومقدرات شعبها عبر التنازل غير المبرر وغير المسند إلى أساس قانوني عن الخط ٢٩ والإلتزام بالخط ٢٣ كخط تفاوض في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، فكان هذا التنازل، بيعاً بمقابل، للإدارة الأميركية التي قد تعيد النظر في العقوبات المفروضة على “فلذة كبده” جبران، في صفقة تعدُّ الأخطر والأقبح على الإطلاق في التاريخ اللبناني باستخدام ميليشياته في القضاء لشَنِّ حرب زائفة على حاكم مصرف لبنان وبعض قادة المؤسسات، مستخدماً الفساد في محاربة الفساد من دون جدوى في كل الأحوال.

إنَّ عملية سكوت “حزب الله” عن ممارسات عون مع إسرائيل عبر الأميركيين وإرتضاءه الترسيم كيفما كان، ليست إلاَّ عملية تطبيع مقنَّع شُرِّعت بموقف غريب للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله إرتضى فيه أن يسير بالقرارات التي تتخذها الدولة في هذا المجال. إنَّها صفقة لا تخلو من الغرابة لدى من أدركوا منذ زمن أن لا مكان للعقائد والمبادئ في حسابات الأقليات التي ترفض الديموقراطية في حضرة نفوذها والتي تجلَّتْ أبرز صورها في مقاربة الإنتخابات من قبل “حزب الله” على أنها “حرب تموز سياسية” في خطوة تمهيدية لمقاومة إجرائها في سبيل فرض حكم الميليشيات بالقوة والإحتلال.

حمى اللَّه لبنان…

شارك المقال