لنبقَ هنا… كي يبقى لبنان

كمال دمج
كمال دمج

يقول الشاعر محمود درويش في قصيدته “رسالة من المنفى”: “ما قيمة الإنسان بلا وطن… ودونما عنوان”. نعم، ما قيمة المواطن اللبناني، وهو صاحب القيمة الأكبر بفكره وحضارته وتميُّزه وانفتاحه، بلا لبنان؟ ما قيمته دونما هذا العنوان الصغير على الخريطة والكبير الكبير في قصص الزمان؟ وما قيمة لبنان كذلك بلا إنسان؟ .

على مرّ سنوات عجاف وأحداث ربما هي الأقوى والأخطر عربياً وعالمياً مرَّتْ على لبنان، لم يستطع الكثير من اللبنانيين الصمود والتأقلم مع ذاك الصفيح الساخن دائماً، فشدَّ معظمهم الرحال بحثاً عن الاستقرار والأمان للأنفس والأموال، بطرق شرعية لمن استطاع إليها سبيلاً وبطرقٍ مميتة غير شرعية لمن شبع ذلاً وقهراً وانعداماً لأدنى مقومات الحياة، وربما يكون أحدث مشاهد الهجرة وأكثرها مرارة تلك قوارب الموت المنطلقة من شواطئ طرابلس.

يهاجر المواطن اللبناني وهو “بذرة” وُلدتْ في وطن الأرز الأخضر، يهاجر وفي جيناته حبَّ التميُّز والحياة، فيبرع في كل المجالات ويبني اقتصادات ومجتمعات ويتصدر التكريمات والتشريفات ويتبوَّأ أعلى المراكز حتى بات يرأس دولاً ووزارات. يهاجر اللبناني ليحصل على ما فقده في وطنه، فيعيش ولكن تبقى قضيته لبنان.

وبعبارة “كيف ما رميتني بجي واقف”، يلخّص اللبناني قدراته، حاجباً انكساراته وفي قلبه حسرة من عجزه على أرض وطنه، وهو بدون مبالغة، عصب الدول التي يتواجد فيها ومحور الاهتمام. فلو كان لدينا إحصاءات دقيقة لوجدنا ربما أن ثلثي الشعب اللبناني مغترب والثلث الباقي مقيم لحين المصادقة على أوراق الهجرة في إحدى السفارات، وإن بقي الحال هكذا لأضحى لبنان مركزاً لتجمعات عرقية مهجَّرة ونازحة تبحث عن ملاذ.

يا شعب لبنان المثابر، يا شباب لبنان، أخاطبكم وأنا شابٌ تراودني فكرة الهجرة أحياناً، أدعو من بقي منكم لتهجروا الأسباب السطحية لأزماتنا المتتالية ولتغوصوا في الأساسيات ولتثوروا لإنقاذ لبنان من شتَّى أنواع الاحتلال، أدعوكم لتكونوا صوت الحق والاعتدال في صناديق الاقتراع، فنحن ونحن فقط مصدر السلطات… فلنبق لنبني وليبقى لبنان.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً