“جامعة الوطن”… وطن يعاني الإهمال

كمال دمج
كمال دمج

“جامعة الوطن”. أيصلح في منطق الطائفية والإفساد أن يكون للوطن صرح تجتمع فيه نخبة أبنائه وقاعدة كبرى ممن باستطاعتهم الإرتقاء بلبنان؟ أيعقل بالنسبة لأولئك الذين يرفضون الدولة ويسعون لترويض المؤسسات أن يفتح المجال للجامعة اللبنانية أن تكون منطلقاً لإعادة تموضع لبنان كمدرسة أولى في الشرق الأوسط على الصعيد الثقافي والبحثي العالمي؟ أيجوز أن يكون لدينا جيشٌ يحارب بالمعارف والقلم والفكر والإنفتاح؟!

فكيف يوصِّف أهل الجامعة اللبنانية واقعها في ظل هذا التعاطي الرديء من قبل الحكومة مع هذا المؤسسة بالذات؟

“على قاعدة ٦ و٦ مكرر، وبالإتجاه المعاكس لما يجب طبيعياً أن تسير به الأمور، تدار الجامعة”. بهذه العبارة يبدأ الدكتور المحاضر في الجامعة اللبنانية مصطفى حميّة، كلامه لـ “لبنان الكبير”. ويضيف: “للأسف ما زال النهج الطائفي هو الطاغي في صرح علمي كبير يجب أن يبنى على الكفاءة، وخاصة في ملف التفرغ، هذا الملف الذي خضع، وما زال، للتجاذبات السياسية والتحاصص الطائفي كغيره من الملفات”.

ويؤكِّد حميّة أنَّ مطالب الأستاذ الجامعي ليست مطالب مادية، إنَّما مطالب لاستمرارية الجامعة اللبنانية والحفاظ عليها من خلال تحسين موازنتها وعدم تهميشها نهائياً كما حصل مؤخراً، وتعزيز القدرة البحثية لأساتذتها وطلابها تماشياً مع متطلبات المرحلة. ويضيف: “يمنّنون الجامعة بأنها حصلت على عائدات فحوص كورونا مع العلم أن مشغّلي المختبر من أساتذتها وطلابها وهذا حق مكتسب لهم بعيداً عن واجب الدولة في إعانة مكوّنات الجامعة كغيرهم من المواطنين”. ويختم: “إن تسكير الجامعة اللبنانية وتدميرها هو تدمير لوطن بأسره”.

وعن واقع الطالب في الجامعة اللبنانية، يعلِّق رئيس تجمع وحدة الطلاب في لبنان وليد أبو شالة: “إن نسبة التسرب الجامعي وحتَّى المدرسي ترتفع بشكل مخيف، فلم يعد باستطاعة الطالب حتى الوصول إلى كليته أو المشاركة عن بعد بالمحاضرات لانسداد جميع الخدمات بوجهه ووجه المواطنين أجمعين، مما سيؤثر بكل تأكيد في المجتمع اللبناني وفي مستوى الثقافة والمعرفة فيه على المدى المتوسط والبعيد”.

وفي الإطار عينه، تصف إحدى الطالبات في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية مسيرتها التعليمية بأنها غير مستقرَّة ولم يتوفر خلالها الأمان، لا بل إنَّ المعاناة النفسية والقلق والضغوط الكثيرة الناتجة عن انعدام الرؤية في التنظيم والإدارة هي الأساس، مما يجعل الطالب أقل قدرة على التفاعل مع ما يتلقاه من معلومات.

وعن إضراب موظفي الجامعة اللبنانية، يعلِّق عضو الهيئة التنفيذية لرابطة العاملين في الجامعة يونس حميّة: “إنَّ طريقة تعاطي الدولة مع الجامعة مرعبة، حتى بتنا نشعر بأن الجامعة مستهدفة وليس الموظفين فقط، فالمدربون فيها هم العصب الأساس لطاقمها الإداري ولاستمرارية العمل في كلياتها وفروعها، وإن ملفهم إنساني بحت لا يكلِّف الدولة “فلساً واحداً” لكن الواضح أن الهدف هو تدمير ما تبقى لحساب نهضة الجامعات الخاصة والمصالح الشخصية”.

إنَّ فرض الجهل في المجتمعات وسيلة الطغاة لتوسيع السيطرة على الحكم في البلاد. وعليه، ما على الشعب اللبناني وخاصة الشباب إلاَّ أن يثبتوا أنهم عاصون على الإستعباد كلما سنحت لهم الفرصة في ذلك وأن يناضلوا في سبيل الحفاظ على مستواهم الفكري والثقافي.

شارك المقال