“حزب الله” حاكم ومحكوم عليه

كمال دمج
كمال دمج

أبى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الرحيل إلا والانتماء الى لبنان الواحد السيِّد الحر المستقل، مبدأ متجسد في عقول المؤمنين بنهجه، نهج السيادة والازدهار… رحلَ رفيق الحريري، فَوُلِدَ عِزَّةً وكرامةً وعنفواناً في نفوسِ الملايين من اللبنانيين الرافضين للقهر والإحتلال. في ١٤ آذار وُلِدَ لبنان من قلب الدمار.

حال لبنان كحالِ الكَرمِ المثمِر، إنْ لم يستَطيعوا خرق السياج لِنَهبِهِ، قَتَلوا الحارس وعاثوا فيه مُفسدين. هكذا كان قدر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، جاء فأحيا لبنان بعد الحرب، وعمل على حماية ما أنتج من خيرٍ فيه، محطِّماً بذلكَ مصالح كثيرين أرادوا شقّ طريق نفوذهم على دماء اللبنانيين.

لقد حارب رفيق الحريري بالديبلوماسية والعمل الفعلي لمنع المتسلطين من اجتياز حدود المصلحة الوطنية العليا، ولم تُجدِ معه نفعاً أيُّ محاولات للتفاوض على لبنان، فما تركَ لهم خياراً (وهو مدرك ذلك) إلا التخلُّص من “الهالة الحريرية” عبر القتل والدمار، ولكن هل تخلَّصوا؟!

لقد أنبتَتْ دماء رفيق الحريري ورفاقه، منذ اللحظة الأولى، شعباً طيِّباً حضارياً مناضلاً موحّداً على الفكر الوطني، مدافعاً عن أرضِهِ وحريته، شعباً طرد الاحتلال السوري من لبنان وبدأ يلملِمُ جراحَهُ للانطلاق من جديد على الأُسُس الصلبة التي وضعتها الحريرية الوطنية، ولاعادة “الكَرمِ” إلى الحياة.

لكن، لا حياة للبنان بعد كل ربيع يشهده. وهكذا، بعد “ثورة الأرز” كَرَّتْ سُبحَة الإغتيالات التي كانتْ تكسر كل غصن يزهر كاشفاً عن الحقيقة أو مواجهاً التسلط وانعدام الوطنية. هكذا سُحِبَ الوكيل وحضرَ الأصيل عبر أذرعه التي تشكل مكوِّناً أساسياً لبنانياً، يصعب، لا بل من المحال طردها كما طرد الجيش السوري. ومن هنا بدأت مرحلة الاحتلال الثالث للبنان وبدأت تتظهر معالمه في كل تفصيل حصل بعد العام ٢٠٠٥ وصولاً إلى اليوم.

اليوم، وبعد ١٧ عاماً تخللها طمس للأدلة ومحاربة لمسار العدالة، ظهرت الحقيقة وتحققت العدالة التي نادت بها “ثورة ١٤ آذار” بعد صدور قرار غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الناظرة في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي فسخ حكم محكمة الدرجة الأولى الذي أُدين فيه سليم عياش وحده، ليضم إليه كلاً من حسن مرعي وحسين عنيسي، العناصر المنتسبة الى “حزب الله” الذي بات واضحاً ضلوعه بالجريمة، بعبارة إستخدمتها المحكمة في قرارها وهي أنَّ “كلاًّ منهما مذنب على نحو لا يشوبه أي شك معقول”.

بعد ١٧ عاماً، ظهرت الحقيقة في واقع لبناني أليم شبيه بمرحلة ما بعد زلزال ١٤ شباط، في ظلِّ عدالة شبه مستحيلة في قضية تفجير مرفأ بيروت جراء سياسة المجرم نفسه بمنع سير التحقيقات. إنَّنا اليوم في واقع سياسي وأمني شبيه بمرحلة النظام السوري في لبنان، يستحيل خلاله على الأجهزة الأمنية اللبنانية أن تنفِّذ مذكرات توقيف دولية بحق عناصر إرهابيين “مقدَّسين” تحت حماية ميليشيا “حزب الله”.

ليس كل ما هو سائد، نافع. وللأسف لم يعِ المجتمع الدولي بعد ضرورة تطبيق هذه النظرية على الواقع اللبناني، بحيث أن “الديموقراطية” و”الديبلوماسية” المعتمدة لدى الغرب لتغيير الأنظمة لا تجدي نفعاً بوجود منظمة إرهابية تدير اللعبة بفرمانات تطبق تحت تهديد السلاح.

واجهوا الإحتلال في كل تفاصيل أيامكم… لتحرير لبنان.

شارك المقال