أعداء الداخل.. هم الأخطر

جاد فياض
جاد فياض

من هم أعداء لبنان؟ لم نتّفق يوماً، كلبنانيين، على تحديد العدو والصديق. فلكلٍ منا وجهة نظره. هناك من يكنّ العداء لإسرائيل فقط، في حين يعتبر البعض الآخر أن النظام السوري لا يقل خطراً. وقد ذهب بعض اللبنانيين أبعد من ذلك، فحمل شعور العداء لشركاء آخرين في الوطن، بسبب إختلافٍ بالرأي والانتماء السياسي.

ينطلق مفهوم العداء من مبدأ اختلاف بين كيانَين يؤدي إلى اعتداء أحد الطرفين على الآخر. شهد لبنان اعتداءات متكررة من قبل محيطه، فاختبر العدوان الإسرائيلي في أكثر من مرة، كما عانى من الاعتداء السوري المتكرر على سيادته.

قتلت إسرائيل عشرات الآلاف من اللبنانيين وشرّدت آخرين أثناء فترة الاحتلال، واضطهدتهم، وما زالت تحاول سرقة ثروات لبنان المائية والبترولية. أما النظام السوري، فهو الآخر استفاض في نهب المقدرات خلال فترة الوصاية، وها هو اليوم يعتدي على حدود لبنان البحرية شمالاً، وقد شارك إسرائيل في إذلال الشعب اللبناني عند الحواجز وفي المعتقلات.

إلّا أن الصراع بين الدول أو الكيانات هو أمر طبيعي، فالمطامع الاقتصادية والسياسية تدفع في الكثير من الأحيان إلى الاعتداء، والذي يُردّ إما بالديبلوماسية، عبر اللجوء إلى المراجع الدولية، أو عسكرياً في حال تطور النزاع إلى الحرب. أما الخطر الأكبر على الدولة فيكمن في ارتهان بعض القوى السياسية لمصالح الخارجية وتغليبها على المصالح الوطنية. عندها، كيف تتم المواجهة؟

الكيان اللبناني بخطرٍ مصدره بعض القوى الداخلية. فقد تغيرت ملامح تلك الدولة الشرق أوسطية بشكل كبير في الآونة الأخيرة. تحللّت مؤسسات الدولة المالية والقضائية والأمنية حتى أصبحت عاجزة، واندثرت الرموز الثقافية ومعها الهوية، وباتت الحدود مستباحة، في ظل تشريع التهريب. ولم يعد لبنان مستشفى الشرق، ولا منارة الحريات في ظل القمع، ولا مقصداً للسياح والمستثمرين.

انحلال لبنان الدولة يشكل خطراً على وجوده أكثر من أي اعتداء آخر، وبالتالي لتحديد هوية عدو لبنان، يجب تحديد المسؤوليات. كل من ساهم في عجز المؤسسات العامة والخاصة، وكل من فتح الحدود وجعل لبنان ولايةً في محور، وكل من اضطهد الأحرار، هو عدو. ببساطة، كل من قام بإضعاف لبنان هو العدو الأخطر.

نجاح الاعتداء الخارجي أو فشله يتوقف على قوة الدولة أو ضعفها. لا يقوى لبنان على مواجهة الأطماع الإقليمية والدولية من دون تحصين الدولة، ولن يكون الحل عبر اصطفاف لبنان في محور ضد آخر. فالعودة إلى الوطن الذي نعرفه مطلوبة، والكفاح في هذا المجال ضرورة… وإلّا سنخسر الدولة لمصلحة الدويلة.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً