“الحرية اللبنانية”… أسيرة شرعية القتل والترهيب

كمال دمج
كمال دمج

“لبنان جمهورية ديموقراطية… تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي…” (الفقرة “ج” من مقدمة الدستور اللبناني).

“حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة… مكفولة ضمن دائرة القانون” (المادة ١٣ من الدستور اللبناني).

هذه النصوص دستورية تحظى مبدئياً بالقوة العظمى وفق منطق تسلسل القواعد القانونية، إلاَّ أنَّ لبنان ما استطاع حتى الآن، والأصح أنه لا يستطيع، بموجب سلطاته الدستورية والأمنية، تكريس هذه القوة أداة حكم على مجمل الأراضي بعد أن بات الحكم لشرعية “القتل والترهيب” عبر تنظيم ميليشيوي شاذ عن السيادة الوطنية.

فهل من الأجدى اليوم أن نسأل هل لا يزال لبنان جمهورية ديموقراطية قائمة بدل السؤال عن نسبة احترام الحريات فيه؟

نشأ لبنان بموجب ميثاق وطني منبثق عن صيغة العيش الواحد بين أبنائه، والقائمة على الإختلاف في سبيل الوصول إلى وطن نهائي لجميع أبنائه بلا تفرقة وتمييز، يُحكم من الشعب وللشعب عبر نظام تمثيلي حُر، ترشُحاً وانتخاباً، قائم على المحاسبة وفق ما يطرحه الرأي العام من قضايا، والمنبثق عن العمل الحر والموضوعي المتقن من السلطة الرابعة، إلاَّ أنَّ قوماً “فاسقين” اعتمروا الباطل ليطوِّعوا لبنان ولاية تدار بـ “الإرشاد الإجباري” نحو الهلاك والتخلي عن الهوية في سبيل التوسُّع.

وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة، وتزامناً مع أيامٍ قليلة تسبق الإستحقاق الإنتخابي الذي يفترض أن يكون منطلقاً للحرية والديموقراطية، تروَّض عقول طغمة من “الشيعة” وبعض الأتباع عبر منعهم من متابعة مجموعة من محطات التلفزة التي تعتبر وفقاً لرأيهم الشرعي “صهيونية”، ليعيشوا ضمن انغلاق تام عن الواقع وانعزال عن الرأي العام اللبناني، وبارتباط مطلق بما تلقنهم إياه محطاتهم وصحفهم ومواقعهم الإلكترونية المفبركة وفق ما يريده “سيّدهم”، ليوصِلوا “عالعمياني” المكلفين بتدمير صورة لبنان وتدمير كيانه على شاكلة ما حصل في مرفأ بيروت.

ولحماية هذا الكيان، اغتيل المصور الصحافي جورج بجاني، وعبره اغتيل الناشط الصحافي لقمان سليم، ومن أجله أيضاً تمنع أي وسيلة إعلامية من الدخول والتصوير في مناطق تحت سيطرة “حزب الله”. وفي السياق نفسه، اغتيل جبران تويني وسمير قصير وغيرهما، إضافة إلى التهديدات التي تتلقاها البرامج والمحطات والجماهير، وما يقدمه بعض مالكي المحطات من خدمات للحزب بهدف كسب الرضى، عدا عن الاستدعاءات القضائية المدبرة للعديد من الصحافيين، حتى ينخفض بفعل ذلك تصنيف لبنان في حرية الصحافة للعام ٢٠٢٢ إلى المرتبة ١٣٠ من أصل ١٨٠ بعدما كان في المرتبة ١٠٧ العام الماضي.

وعليه، نشهد وتشهد لنا المواقف أننا أحرار، وتشهد لنا الأقلام أننا لم نقف بين “لا” و”نعم” في قضية الحرية والإستقلال وفي مواجهة الغطرسة الإيرانية على لبنان، وأننا نخطُّ كلَّ كلمة بحق وندافع عن الحق وعن لبناننا المستقل وعن حقنا بحرية العيش والإرادة، ولن نتوب عن هذا الحق.

شارك المقال