محزّبون… تغييريّون ومستقلّون

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

انتهت الانتخابات النيابيّة في لبنان ورسمت مع نهايتها خارطة طريق جديدة. حاسب اللبنانيون كل منهم على طريقته. منهم من انتقم من أحزاب السّلطة وانتخب التّغييريين، ومنهم من قاطع الانتخابات وأوصل رسالته بأنّه غير راضٍ عن التشكيلة الحزبية في البلد، ومنهم من أعاد انتخاب أحزاب السلطة مرّةٌ أخرى لأنّه راضٍ عنها.

اختلفت الخيارات وحسمت صناديق الاقتراع النتيجة.

انتخابات 2022 بالطّبع لا تشبه الانتخابات الماضية. غياب الاعتدال السّني، سقوط “حزب اللّه” المدوّي، معارضة مسيحية كبيرة، وعهدٌ فاشلٌ حوسب.

أتت المحاسبة على صورة نوابٍ جدد وخانة جديدة من الأشخاص ليسوا تحت اسم المستقلّين، بل التّغييريين.

ومن هنا تأتي الخريطة الجديدة لمجلس النوّاب لتقسّمهم بين محزّبين، تغييريين ومستقلّين.

ما الفرق بين المستقل والتّغييري في لبنان؟

في لبنان المستقل ليس كالتّغييري. النائب المستقل هو نائب ضليع باللعبة السياسية، له بصمته، خياراته الشخصية التي تنبع بالطّبع من تحالفات ليست علنيّة. النّائب المستقل في لبنان يأتي على صورة النائب أسامة سعد، النّائب فؤاد مخزومي، النّائب نعمة افرام، النائب جهاد الصمد، النّائب عبد الرحمن البزري والكثير منهم. النّائب المستقل في لبنان لديه ماضٍ مع جميع الأحزاب. ومن هنا الاستقلاليّة تطرح علامات استفهام حولها.

أمّا النّائب التغييري في لبنان فأيضاً تختلف الصورة الموحّدة له اليوم حسب رؤية الناخبين. فالنوع الأول من التّغييريين يسمّي نفسه المعارضة، معارضة “حزب اللّه” إن صح التّعبير. حاولوا ركوب موجة الثّورة تحت عنوان لا للوصاية الايرانية، وكان هذا العنوان كفيلاً بادخالهم من جديد اللعبة السياسيّة. وهنا نتحدّث عن حزبي “القوات اللّبنانية” و”الكتائب”. هذان الحزبان اللذان دخلا هذه المرّة المعترك السياسي تحت عنوان التّغيير… لهما ماضٍ أسود، وشاركا في جميع الصفٌّقات والحروب.

هم حزبيّون ولكن تغييريّون، متناسين تحالفاتهم السّابقة.

أمّا الفئة الأخرى فهي نابعة من ثورة 17 تشرين حتّى الآن. هم أشخاص ليس لهم ماضٍ سياسي، وإن كان لهم، فقد انتفضوا على أحزابهم، واجهوهم، حاسبوهم وخرجوا من العباءة الحزبية… بالطبّع حتّى اليوم.

وما كان لافتاً في هذه الانتخابات هو حجم هؤلاء النّواب الذين استطاعوا خرق الأحزاب التقليديّة بـ 15 منهم.

الأنظار الآن على هؤلاء وعلى ما سيفعلون في المجلس النّيابي.

الانتخابات اللبنانية هذه السّنة شكلّـت صفعة لأحزاب الغالبية النيابية في السّابق، ورسالة لـ “حزب الله” بأن اللّبنانيين اما قاطعوا لانّهم لم يعودوا يطيقون تعجرفه، واما صوّتوا ضده لاّنهم أيضاً لم يعودوا يطيقون تعجرفه.

شارك المقال