إنتخابات ٢٠٢٢… “ثورة” مبتورة الأطراف

كمال دمج
كمال دمج

بعد حوالي ثلاث سنوات من التبجُّح في المطالبة بانتخابات نيابية تكون منطلقاً لإعادة المسار الى الحياة السياسية اللبنانية عبر المؤسسات الدستورية، حلَّتْ ساعة الصفر ومَرَّ الإستحقاق بسلاسة “ملغومة”، فانكشف الستار عن حقيقة الواقع اللبناني المصاب بتنكُّرِ وطوباوية الذين يظنون أنفسهم قيِّمين على تغييره، وما عاد للخيال من مجال. قُضِيَ الأمر، رُفِعَتْ أقلام التحليل وجَفَّتْ صُحُف التضليل. فلنُعِد قول الحقيقة التي عهدناها: “دق المي مي في ظل الهيمنة الإيرانية عبر حزب الله في لبنان”.

عكست الإنتخابات النيابية لدورة العام ٢٠٢٢ حقيقة التأثير على الخريطة السياسية اللبنانية وواقع الأمور على الأرض من حيث تمثيل القوى، كلٌ وفق نسبة قدرته على إشباع حاجات التكتلات البشرية من جرعات الطائفية والمناطقية والثورجية المصطنعة، إضافة إلى الدور الذي لعبته الأزمة الإقتصادية والمعيشية في تضييق الخناق على كثيرين عبر بعض المعونات، عدا عن التسليم بأمر حتمي بالتأثير الميليشيوي للثنائي الشيعي على الناخبين في مناطقه (والذي ظهر بوقائع وُثِّقت أثناء العملية الإنتخابية، لطَّفها وزير الداخلية وجمَّلها، وتحدثت عنها LADE بوضوح وصراحة في تقاريرها الأولية)، الأمر الذي حصَّن الكتلة البرلمانية الشيعية من أي خرق، ليصُحَّ القول: “تيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما جيتي”.

لقد كرَّست هذه الإنتخابات، لا بل شرَّعت الإنقسام الطائفي والحزبي الحاد، وكشفت البلاد على سيناريوهات عديدة وخطيرة جداً وضعته موضع المحتاج الى وصاية ما لإعادة إطلاق المسار السلمي في عملية تولي السلطات بعد أن نشأ المجلس الجديد بلا أكثرية واضحة لأي من الأطراف، وتتموضع في الوسط كتلة أنتجها نهج “كلن يعني كلن” والتي أظهرت عقم نظرياتها الشمولية بدءاً من استحقاق انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه.

وفي النهج التعظيمي نفسه للشكليات الفارغة من أي مضمون والشعارات الشعبوية المقيتة، عُظِّمَتْ مسألة إزالة الجدار الإسمنتي من محيط المجلس النيابي لتُصوَّر بأنها إنجاز كبير وخرق عظيم للمنظومة الحاكمة، إلاَّ أنه في واقع الأحوال، لا خرق حقيقياً إن لم يخرق جدار إستباحة السيادة في لبنان، إن لم يخرق جدار التعطيل وتنصيب الأزلام تحت حكم النار والسلاح، وجدار إستضعاف القضاء وكسر هيبته ومنع المساءلة والمحاسبة لأي كان.

ما من أمر تغيَّر، وما الحقيقة بعد ١٥ أيّار إلاَّ أنَّ “اللبنانات” زادت لبناناً آخر يحمل راية التغيير، والحقيقة الأوضح أنَّ لا تغيير في لبنان في هذه المرحلة بالذات إلاَّ وسيكون مكتوباً بالدم والدموع، والقلة والجوع. فاصبروا، وواجهوا بالواقعية والوعي هذه الإحتلالات، فلا بُدَّ لهذا العسر أن ينكسر.

شارك المقال