مسيَّرات الحزب… “عرض عضلات” للعرب والداخل

كمال دمج
كمال دمج

بعد أن لعب “حزب الله” بالتعاون والتضامن مع رئيس الجمهورية ميشال عون، دور الأب الحنون تجاه “وحيده” جبران باسيل في مسألة ترسيم الحدود الجنوبية البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل، تثبيتاً للغطاء الوحيد داخلياً لسياسات إيران في لبنان، والذي تزعزع إلى حد إمكان إعادة النظر فيه، جاء دوره اليوم ليضع الإطار التنفيذي لنتائج فشل إيران في مواجهاتها مع الأقطاب العالمية من غير أي اعتبار لمصالح لبنان وشعبه.

فكيف تفسَّر عملية إرسال ثلاث مسيَّرات “غير مسلحة” فوق منصة التنقيب في “كاريش” في هذا التوقيت؟

لقد أصرَّ الأمين العام لـ “حزب الله” في خطاباته طيلة الفترة الماضية على فكرة السير خلف قرار الدولة اللبنانية بشأن ترسيم الحدود البحرية والبقاء على استعداد لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي على الحدود الرسمية المعتمدة لبنانياً، وهذا ما فُسِّر حينها بأنه تسهيل لعملية المفاوضات غير المباشرة وعدم الإستفزاز، غير أنه واقعياً يبقى الموضوع في إطار “الشَّد والتراخي” على طاولة ڤيينا، حيث أنَّ حيثيات القضية صنع إيراني وتجميع لبناني.

فلا يخفى على أحد أنَّ قرار الدولة الرسمي في هذا الإطار ملك لرئيس الجمهورية، الحليف الإستراتيجي للحزب، بحيث لا يزال المرسوم ٦٤٣٣ الذي يعتمد “الخط ٢٣” حدوداً لبنانية رسمية أمام الأمم المتحدة من دون تعديل لأسباب حكي عنها سابقاً وباتت معلومة، عن أنَّ الرئيس عون قد أعلن “الخط ٢٩” حدود تفاوض متنازلاً عنها مسبقاً للعدو الإسرائيلي، ما يجعل منصة استخراج النفط في “كاريش” خارج الخرق الإسرائيلي للسيادة اللبنانية.

فالى أيِّ قرار استندت المسيَّرات في تخطيها الخط الرسمي اللبناني نحو “كاريش”؟

في لحظة سياسية إقليمية ودولية ومحلية، تلاقتْ عوامل ثلاثة أعطت الطاقة اللازمة لمسيَّرات الحزب لتتجرَّأ على تخطي الحدود اللبنانية نحو حقل “كاريش” النفطي في عملية إنتحارية ظاهرها يوحي بشيء وباطنها يدلُّ على أشياء لن يقبل بالإقتناع بها أولئك الذين يتخذون من حزب ايران ولياً ونصيراً.

لقد أطلقت المسيَّرات غير المسلحة بعد فشل المفاوضات الايرانية – الأميركية من الجلسة الأولى في الدوحة، وتعثُّر عقد جلسة جديدة، وعشيَّة تسلُّم رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد مهامه، في خطوة عسكرية تصعيدية باردة من الجبهة اللبنانية لرفع العتب الشعبي على الحزب في هذا الموضوع تزامناً مع حقنة التخدير بأنشودة إيرانية سياسية – دينية تحت عنوان “سلام يا مهدي”، تجعل ربما من أتباع الحزب أصناماً بلا قدرة على التغيير حتى ظهور المهدي المنتظر.

وليست صدفةً أن تتزامن هذه العملية مع انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب برئاسة لبنان وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية في بيروت. فعلى الرغم من التمثيل والحضور العربي والخليجي الهزيل في هذا الاجتماع إعتراضاً على سلوك الحزب تجاه دولهم، أراد “حزب الله” إيصال رسالة إلى المجتمعين بأن لا ينظروا إلى لبنان كدولة عربية، وليقتنعوا بأنه جزء من مشروع الولي الفقيه.

شارك المقال